يواجه الاهل وخاصة الام العديد من النقاشات مع الابنة المراهقة، التي ترى أن راي والدتها اصبح لا يتناسب مع رؤيتها الخاصة وان لديها منظور خاص بها ويجب احترامه. هذه النقاشات تصل الى كافة التفاصيل انطلاقاً من اسلوب تصرفات الابنة وميلوها وغيره. ومن ابرز المحطات التي تاخذ الام الكثير من الوقت لاقناع الفتاة بأن ما تفعله غير مناسب لعمرها و لاهتماماتها هو تقليدها للموضة واتباع كل ما تراه في المجلات و دور الازياء. ووضع المكياج كالممثلات بالرغم انها فتاة لم تتعدى المرحلة المدرسية.
التوصل لاتفاق
تقول ريما عيسى وهي ام لاربع فتيات: تصطدم كثير من الأمهات مع بناتهن المراهقات في فترات معينة، إذ تقبل فتيات إلى استخدام مستحضرات التجميل الماكياج بكثرة على بشرتهن وتصفيف الشعر بطرق معينة لكي يشعرن بأنهن أكبر سنا ويحاولن أن يلبسن ملابس لا تناسب العمر او حتى سياسة العائلة في الملابس بحثاً علن لفت النظر، و محاولة اقناع من حولهن انهن لم يعدن طفلات صغيرات كما يراهن الأهالي، وبدون شك تبدأ المشاحنات من أمهات لا يحبذن أن تظهر بناتهن بمظهر أكبر من أعمارهن الحقيقية، محاولات اقناعهن بأن مرحلة وضع الماكياج وتصفيف الشعر ما تزال مبكرة، وأنه يجب أن يعيش العمر بمراحله. في المقابل تبدأ معاندة فتيات مراهقات يرين أن من حقهن اظهار جمالهن بحجة أنهن لم يعدن صغيرات .
وتضيف ريما : لقد واجهت هذه المشكلة مع ابنتي الكبيرة وبعد ذلك تعلمت كيف اتعامل مع هذا النوع من القضايا مع البنات الاصغر سناً، في سن المراهقة تكون الفتاة تحب تقليد الفنانات والكثير من النماذج التي يروج لها الاعلام عبر التلفاز وغير ذلك من وسائل، ولكن ابنتي كانت عنيدة وكانت تجرب هذه الادوات رغماً عني، ولكن الحوار معها لم ينفع، وانا لم اكن اعرف ان الهدوء في هذه الحالة هو افضل والتجريب تحت اشراف الاهل يجعل الفتاة تشعر انها جربت هذه الادوات ومن ثم تهدأ بعد ذلك، الزمن كفيل ان يعلم الام كيفية التعلم مع الابناء، والخوف الزائد والحرص المبالغ به يزيد من المشكلة لا يحلها .
شكوى
تشكو سمية محمد من ابنتها التي تبلغ من العمر خمسة عشرة عاما، وتقول: «كنت أجد الأمر غريبا جدا بأن تهتم ابنتي بملابس الفنانات وتلح دوما علي أن تلبس كما تريد ، وكنت رافضة ذلك بشكل قاطع، وباتت مشكلة كبيرة بيني وبينها ووصل النقاش لوالدها، وقد اخبرتني دوما اثناء النقاشات ان ملابسي غير جميلة وانني لا اعرف ان اختار. من الجيد ان تهتم الفتاة بمظهرها، ولكن الاخطر ان تتحدى الاهل بملابسها وان يصبح كل وقتها وتفكيرها بتقليد الموضة وهدر مصروفها على ملابس لا تناسب عاداتنا وتقاليدنا.»
الرفض مستمر دوما
غير أن الأربعينية أم محمد سمحت لابنتها البالغة من العمر سبعة عشرة عاما أن تختار كل ماتريده بدون اشراف منها. أم محمد عرضت هذه المشكلة على صديقاتها فوجدت أن معظمهن تعرضن لهذه المشكلة مع بناتهن، وقدمن لها النصيحة بأن عليها مجاراة ابنتها حتى لا تتسبب بمشاكل او عدائية مع ابنتها، تقول ام محمد : « في هذا السن الخطير يجب ان تكون الام قريبة للفتاة ووجود جدل واشكاليات يمنع هذا التواصل، لذلك وجدت ان تجريب ابنتي للمكياج وملابس الموضة امامي افضل ان تتبع طرق اخرى وان تجد ابنتي انني رفيقتها في كل شئ».
ومن وجهة نظر شبابية تقول ابنة الستة عشر عاما سهى نبيل: «من حقي أن أظهر جمالي، لكن أهلي يصرون على أنه ليس الوقت المناسب أن أضع مساحيق التجميل على بشرتي، واني ما أزال صغيرة على استخدام المكياج، الآباء لا يحاورون الأبناء، ودائما تكون كلمة (لا) حاضرة دون نقاش، و أصبح ذلك الأمر يزعجني!».
استيعاب الاهل مهم
وتذهب التربوية مروة صلاح إلى ضرورة أن يستوعب الأهالي الأبناء في هذه المرحلة الصعبة من أعمارهم، مشيرة إلى أن هناك أمورا لا يستوعبها الأهالي لكن يجب مسايرتهم والنزول لرغباتهم بحد «الممكن والمعقول»، خصوصا إذا كانت الطلبات لا تضر الأبناء ولا تؤذي الأهالي.
وتلفت إلى أن الاهتمام بالنفس واظهارها هو قاسم مشترك بين المراهقين. سواء من خلال لبس ملابس الفنانين او وضع المكياج البسيط للفتيات في عمر المراهقة والسماح له لا يعني وضع الكثير منه أو ما هو ظاهر، فالاهتمام بالبشرة بوضع واقي الشمس على سبيل المثال أو مرطب البشرة والاهتمام بها ووضع مطري الشفاه هي أمور من ضمن مكياج أو مساحيق البشرة، لكنها لا تضر بها ولا تجعلها تتخطى عمرها وما هو متعارف عليه اجتماعيا.
وتبين صلاح أن مرحلة المراهقة هي مرحلة صعبة، مشيرة إلى أن الكثير من المراهقات يرفضن الاهتمام بأنفسهن وأخريات يقمن بالاهتمام بشكل ملحوظ، والمطلوب اليوم من الأم هو كيفية جعل ابنتها تهتم بنظافتها الشخصية والاهتمام بتصفيف الشعر بطريقة مثلى ومناسبة لعمرها وتشجيعها من خلال شراء الاكسسوارات المناسبة والتي تظهرها بطريقة ناعمة وجميلة لكن من دون المبالغة، وأن الفتاة خلال فترة المراهقة تمر ببعض الصراعات الداخلية والمشاعر المتناقضة، وكأنها تحتاج تكوين شخصية مستقلة عن الأهل وتحب أن ترى نفسها فتاة كبيرة جميلة والجميع ينظرون إليها نظرة الاعجاب.ومن هؤلاء الفتيات من تظن أن المكياج هو ما يجعلها جميلة وينبهر الجميع بها، وخصوصا أن في هذه المرحلة الكثير من الفتيات يضعن هذه المساحيق على بشرتهن فأصبح الفضول والغيرة في هذه المرحلة سيدَي الموقف.
انفتاح
الاخصائية الاجتماعية امامة بنات تجد أن عالم الموضة والانفتاح عليه عالميا من خلال الانترنت والتلفزيون، جعل الكثير من الفتيات المراهقات يعجبن بفكرة المشهورة التي تظهر بملابس جميلة وتضع مساحيق التجميل واستخدام هذه المساحيق كما يفعلن الفتيات الممثلات في الأفلام الأميركية، وخصوصا تلك التي تتحدث عن الفتيات المراهقات وحفلات التخرج في المدارس ومدى تركيز الغرب على هذه الأفلام وترسيخ فكرة الجمال، من خلال مساحيق التجميل وصبغ الشعر ولبس ما لا يليق بأعمارهن.
وترى أن هذه المشاهد بطريقة أو بأخرى شجعت الفتيات المراهقات على التجمل ومشاهدة أنفسهن أجمل من خلال وضع المساحيق والاهتمام المبالغ به في المظهر العام.