أغلب ضحايا جرائم الحرب والعدوان والجرائم ضد الإنسانية وجرائم الإبادة الجماعية هم من النساء والأطفال
أشكال وأنماط جديدة من العنف ضد النساء بما فيها العنف الجنسي توجب إجراءات فورية وتقديم مرتكبيها للعدالة
ضعف وصول النساء للعدالة قد ينعدم خلال النزاعات وما بعدها في ظل غياب شبه كامل لأنظمة عدالة لم تنصفهن أصلاً
139 دولة وقعت و 124 دولة صادقت على نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية
تضامن : إطلاق إسم العين تغريد حكمت على التحالف الأردني للعدالة الجنائية للنساء ودعم المحكمة الجنائية الدولية
في إحتفالية خاصة تقام اليوم في مقر جمعية معهد تضامن النساء الأردني “تضامن” سيتم الإعلان عن إطلاق إسم القاضية الدولية الأردنية العين تغريد حكمت على التحالف الأردني للعدالة الجنائية للنساء ودعم المحكمة الجنائية الدولية، وذلك تقديراً لجهودها وريادتها وتميزها في هذا المجال.
هذا ويحتفل العالم في السابع عشر من تموز / يوليه من كل عام بيوم العدالة العالمي ، وهو ذات اليوم من عام 1998 الذي إعتمدت فيه الجمعية العامة للأمم المتحدة نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية بموافقة 120 دولة وإمتناع 21 دولة عن التصويت ومعارضة سبع دول وهي إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية والصين والعراق وليبيا وقطر واليمن.
وتشير “تضامن” الى المحكمة الجنائية الدولية كأول محكمة جنائية دولية دائمة مستقلة ، أنشئت في الأول من تموز / يوليه 2002 خصيصاً لمحاسبة ومعاقبة مرتكبي الجرائم الدولية ، خاصة جرائم الإبادة الجماعية ، وجرائم الحرب والعدوان ، والجرائم التي ترتكب ضد الإنسانية.
ودخل نظام روما الأساسي حيز التنفيذ بتصديق عشر دول دفعة واحدة بتاريخ 11 نيسان / أبريل 2002 ، ليرتفع عدد الدول المصادقة الى 66 دولة ومن بينها الأردن ، وقد حال ذلك دون تمتع دولة بعينها بشرف المصادقة رقم 60. ويصل حتى تاريخه عدد الدول الموقعة الى 139 دولة وعدد الدول المصادقة الى 124.
وتضيف “تضامن” بأنه وإعتباراً من عام 2010 يحتفل العالم سنوياً بالثامن عشر من تموز / يوليه بيوم نيلسون مانديلا للعدالة الإجتماعية ، والذي ينادي بالحرية والعدالة والديمقراطية.
قضي مانديلا 67 عاماً من حياته في النضال من أجل السلام والعدالة الإجتماعية وكان يردد دائماً أنها مهمة الناس العاديين في أن يجعلوا من العالم مكاناً أفضل ، وقد حصل عام 1993 على جائزة نوبل للسلام. وإحياءاً لنضال (ماديبا) كما يسمي الجنوب أفريقيون زعيمهم السابق مانديلا ، على سكان العالم أن ينفقوا 67 دقيقة من وقتهم لصالح خدمة مجتمعاتهم. هذا وقد توفي مانديلا في الخامس من شهر ديسمبر كانون أول من عام 2013.
ومن أقوال مانديلا التي لا يمكن نسيانها : “أطفالنا هم أعظم كنز لدينا ، هم مستقبلنا ، ومن يسيء معاملتهم يمزق نسيج مجتمعنا ويضعف أمتنا ” ، و” سأواصل الكفاح من أجل الحرية حتى الرمق الأخير” ، و”إن من الحقائق المحزنة للغاية في الوقت الراهن أن القلة القليلة ، لا سيما من الشباب ، هي التي تطالع الكتب ، وما لم نتمكن من إيجاد وسائل مبتكرة لمعالجة هذا الواقع ، فإن الأجيال المقبلة يواجهها خطر فقدان تاريخها” ، و”السعي الأعمى للشهرة لا علاقة له بالثورة”.
وتشير “تضامن” بإعتبارها الجهة المنسقة للتحالف الأردني للعدالة الجنائية للنساء ودعم المحكمة الجنائية الدولية الذي يسعى الى حث الدولة على مواءمة تشريعاتها الوطنية بما ينسجم مع النظام الأساسي للمحكمة ، وإيجاد قنوات إتصال لتزويدها بأي انتهاكات لقواعد القانون الدولي الإنساني ومبادئ حقوق الإنسان ، وضرورة التوعية وخلق نوع من الثقافة العامة حول المحكمة الجنائية الدولية على المستويات الدولية والإقليمية والمحلية.
فعلى المستوى الوطني ، يوجه التحالف أهدافه نحو التنسيق مع المؤسسات والجهات الوطنية التي يتقاطع عملها مع المحكمة الجنائية الدولية مثل المركز الوطني لحقوق الإنسان ، واللجنة الوطنية للقانون الدولي والإنساني، إضافة للمساهمة وبالتنسيق مع المجلس القضائي ونقابة المحامين ببرامج التدريب للقضاة والمحامين حول المحكمة الجنائية الدولية وآليات وعملها وكيفية الترافع أمامها ، خاصة في ظل الإنتهاكات الصارخة لحقوق الإنسان بشكل عام وحقوق النساء بشكل خاص في العديد من الدول العربية.
إن أغلب ضحايا جرائم الحرب والعدوان والجرائم ضد الإنسانية وجرائم الإبادة الجماعية هم من النساء والأطفال سواء اكان ذلك بشكل مباشر قتلاً وتعذيباً وإغتصاباً وإعتداءات جنسية وتهجيراً ، أو بشكل غير مباشر كقتل وتعذيب الأزواج والأخوة والأباء والأبناء. كما أن أشكالاً وأنماطاً جديدة من العنف ضد النساء بما فيها العنف الجنسي بإعتباره آداة حرب توجب إجراءات فورية وتقديم مرتكبيها للعدالة سعياً لإنهاء سياسة الإفلات من العقاب.
إن حماية النساء والأطفال في ظل النزاعات والصراعات تتطلب تحركاً سريعاً ودعوة ملحة للإنضمام الى المحكمة الجنائية الدولية ، خاصة وأن ضعف وصول النساء للعدالة قد ينعدم خلال النزاعات وما بعدها في ظل غياب شبه كامل لأنظمة عدالة لم تنصفهن أصلاً ، وبالتالي تصبح العدالة الإنتقالية التي توثق إنتهاكات حقوق النساء وتلك القائمة على النوع الإجتماعي أمراً واجباً ومن مسؤولية الدولة ومؤسساتها ومسؤولية مؤسسات المجتمع المدني ونشطائها ونشيطاتها.
وتشير العدالة الإنتقالية إلى مجموعة التدابير القضائية وغير القضائية التي تطبقها الدول من أجل معالجة ما ورثته من إنتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان بشكل عام وحقوق النساء بشكل خاص. وتشمل هذه التدابير الملاحقات القضائية، ولجان الحقيقة، وبرامج جبر الضرر وأشكال متنوّعة من إصلاح المؤسسات الحكومية. فيما يتوجب تقديم الأشخاص المسؤولين عن إرتكاب جرائم تدخل ضمن إختصاص المحكمة الجنائية الدولية للمحاكمة إنهاء سياسة الإفلات من العقاب إنصافاً للضحايا / الناجين والناجيات ، وتحقيقاً للعدالة الجنائية خاصة للنساء.
وفي الوقت الذي ترحب فيه “تضامن” بالجدية والقوة والإصرار الذي عبر عنه المجتمع الدولي بإصدار وثيقة القضاء على العنف ضد النساء والفتيات ومنعها ، وإعتبار الإغتصاب والعنف الجنسي ضدهن أثناء النزاعات والحروب جريمة حرب ، إلا أنها تعبر عن قلقها البالغ لإرتفاع وتيرة العنف ضد النساء والفتيات في العديد من الدول العربية بشكل خاص ودول العالم بشكل عام ، وتعلن عن تخوفها من التخاذل والتراخي في تنفيذ تلك الدول لإلتزاماتها ، ومن فقدان زخمها مع مرور الوقت.
وواصل المجتمع الدولي جهوده والتي توجت في إصدار مجلس الأمن لقراره رقم 2106 بتاريخ 24/6/2013 والمتعلق بالعنف الجنسي والعنف القائم على النوع الإجتماعي في حالات النزاع ، والذي يكرر “مطالبته جميع أطراف التراع بوقف جميع أعمال العنف الجنسي وقفاً كاملاً وفورياً ، كما يكرر دعوته لهذه الأطراف أن تتعهد بالتزامات محددة وذات إطار زمني لمكافحة العنف الجنسي تشمل جملة أمور منها إصدار أوامر واضحة عبر تسلسل قياداﺗﻬا تحظر العنف الجنسي ، والمحاسبة على خرق هذه الأوامر، والنص على حظر العنف الجنسي في مدونات قواعد السلوك وأدلة العمليات العسكرية الميدانية أو ما شاﺑﻬها، والتعهد بالتزامات محددة بالتحقيق في الاعتداءات المزعومة في الوقت المناسب والوفاء بتلك الالتزامات ، ويهيب كذلك بجميع الأطراف ذات الصلة في النزاعات المسلحة أن تتعاون في إطار هذه الإلتزامات مع موظفي بعثات الأمم المتحدة المعنيين برصد تنفيذها ، ويهيب بالأطراف أن تعين حسب الاقتضاء ممثلاً رفيع المستوى يكون مسؤولاً عن ضمان تنفيذ هذه التعهدات.
وأعرب القرار عن قلقه من أن العنف الجنسي أثناء النزاعات وما بعدها يؤثر وبشكل غير متناسب على النساء والفتيات والفئات الأكثر ضعفاً والتي قد تستهدف بشكل خاص ، ويسلم بمسؤولية الدول عن إحترام وكفالة حقوق الإنسان لجميع الأشخاص الموجودين أراضيها والخاضعين لولايتها ، ويشير الى إدراج طائفة من جرائم العنف الجنسي بنظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية والأنظمة الأساسية للمحاكم الجنائية الدولية المخصصة. كما ويشير الى القانون الدولي الإنساني الذي يحرم الإغتصاب وغيره من أشكال العنف الجنسي ، والى الحكم الوارد في معاهدة تجارة الأسلحة التي توجب على الدول المصدرة للأسلحة أن تضع في إعتبارها إمكانية إستخدامها في أعمال عنف ضد النساء والأطفال.
ويؤكد القرار على أن العنف الجنسي حين يستخدم أو يوعز بإستخدامه كوسيلة من وسائل النزاع أو تكتيك من تكتيكاته أو في إطار هجوم واسع النطاق على المدنيين ، قد يؤدي الى إستفحال حالات النزاع وإطالة أمده ، وإن منع هذه الأعمال والتصدي لها يسهم إسهاماً كبيراً في صون السلم والأمن الدوليين ، ويشدد على أهمية مشاركة النساء وإعتبارها أساسية لأي إستجابة على صعيد المنع والحماية.
ويلاحظ القرار بأن العنف الجنسي قد يشكل جريمة ضد الإنسانية أو فعلاً منشئاً لجريمة تتعلق بالإبادة الجماعية ، ويشير الى أن الإغتصاب وغيره من أشكال العنف الجنسي الخطيرة في النزاعات المسلحة هي جرائم حرب ، كما ويلاحظ القرار بأن مكافحة الإفلات من العقاب على أخطر الجرائم التي ترتكب بحق النساء والفتيات تتعزز من خلال عمل المحكمة الجنائية الدولية والمحاكم المخصصة والمختلطة والدوائر المتخصصة في المحاكم الوطنية ، ويؤكد القرار وبقوة على عزمه مواصلة مكافحة الإفلات من العقاب ودعم المساءلة بالوسائل المناسبة.
ويشير القرار الى أهمية وضع نهج شامل للعدالة الإنتقالية في حالات النزاعات المسلحة وما بعدها ، وضرورة القيام بصورة أكثر إنتظاماً برصد العنف الجنسي ، وعلى أهمية الحصول على معلومات دقيقة وموثوقة وبالوقت المناسب كأساس لمنع العنف الجنسي والتصدي له ، ويشدد على الدور الهام الذي يمكن أن تقوم به النساء والمنظمات النسائية في التصدي للعنف الجنسي ، ودورهن في جهود الوساطة وإتفاقات وقف إطلاق النار وإتفاقات السلام.
وفي الوقت الذي تشيد فيه “تضامن” بقرار مجلس الأمن المتعلق بالعنف الجنسي وما تضمنه من تأكيدات ومطالبات وإلتزامات للدول الأعضاء ، فإنها تدعو وبمناسبة يوم العدالة العالمي ويوم نيلسون مانديلا للعدالة الإجتماعية الى إعتبار إنهاء سياسة الإفلات من العقاب ضرورة ملحة لتحقيق العدالة الجنائية للنساء والفتيات وأولوية قصوى لإنصاف الضحايا / الناجيات ، كما تدعو الى تكاتف الجهود لإنهاء كافة أشكال العنف الجنسي ضد النساء خاصة أثناء النزاعات وما بعدها لما لها من آثار نفسية وصحية مدمرة ، والى إشراك النساء في كافة الجهود الرامية الى إنهاء النزاعات ، والى ضرورة الإعتراف بأدوار النساء وعدم تهميشهن تحقيقاً للمساواة بين الجنسين.
منير إدعيبس – المدير التنفيذي
جمعية معهد تضامن النساء الأردني
17/7/2016