لم تستطع كورونا إطفاء أنوار الذكر والدعاء والابتهال إلى الله سبحانه وتعالى في بيوت المؤمنين الذين يتحرون في الليالي الوترية من شهر رمضان المبارك ليلة القدر، وهي الليلة التي يتوجه فيها الملايين الى الله بالدعاء بقلوب يملؤها الأمل واليقين بأن تزول غمة كورونا.
ويشير متابعون ومهتمون بهذه الليلة المباركة الى أنه على الرغم من دأب الناس في أعوام ماضية على إعمار مساجد الله بالصلوات والدعاء وقراءة القرآن طيلة الشهر الفضيل، إلا أنه مع إجراءات كورونا وإغلاق المساجد تلافيا لنشر العدوى بالفيروس أضحت المنازل عامرة بذكر الله آناء الليل وأطراف النهار، حيث تعقد كل أسرة في بيتها حلقة دينية لأفرداها، يستثمرون ساعات الليل في سرد فضائل الليلة ومكانتها والتذكير بعِظم ثوابها، مستبشرين بمستقبل واعد يعمُ الخير فيه على البلاد والعباد.
مفتي عام المملكة الشيخ عبد الكريم الخصاونة قال إن من السنة قيام ليلة القدر في المسجد أو البيت، ففي الوقت الذي اعتاد الناس إحياء ليلة القدر في المساجد جماعة، إلا أنه مع إغلاق المساجد نتيجة للظروف الصحية منعا لانتشار الوباء، حرص الناس على أداء العبادة في بيوتهم يشجعون الأبناء على تأديتها، مشيرا الى ثواب اغتنام ليلة القدر بالقيام والصلاة والذكر والدعاء بأن يزيل الله الوباء والبلاء، وأن يجعل الأردن واحة أمن واستقرار في ظل القيادة الهاشمية الحكيمة.
وأضاف، تتنزل في هذه الليلة الملائكة والروح على المسلمين، فقد جاء في كتابه عز وجل “تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا”، مبينا ان الوحي جبريل عليه السلام لم ينزل إلا على النبي محمد صلى الله عليه وسلم، ولما مات النبي لم يعد ينزل إلا في ليلة القدر من كل عام.
وبين أن الملائكة تتعاقب بالليل والنهار فإذا وَجدوا أقوامًا يذكُرونَ اللَّهَ تَنادوا: هلمُّوا إلى بُغيتِكُم، حاثا على جعل البيوت مقرا طاهرا بالذكر لا تخلوه الملائكة.
نائب عميد كلية التربية في جامعة اليرموك الدكتور علي جبران، قال إن الناس دأبت على ملء بيوت الله بالصلوات والدعوات وقراءة القرآن طيلة شهر رمضان المبارك، ولكنهم في في ظل الظروف الاستثنائية ونحن نقترب من هذه الليلة المباركة التي هي خير من ألف شهر، لا بد من الاستثمار الأنسب لها بتعليم الأبناء والأهل فضل هذه الليلة من خلال دروس الوعظ في منازلهم، وتلاوة القرآن الكريم والذكر والتسبيح لما لها من وقع خاص على قلوب الأبناء.
ودعا جبران الأسرة الى الحرص على أداء صلاة العشاء وقيام الليلة المباركة وصلاة التراويح جماعة، على أن يتخللها أدعية يقودها كل مرة أحد أفراد الأسرة كالأم أو الأب أو الأبناء، لتزكية نفوسهم الطاهرة.
أستاذ التفسير في كلية الشريعة بجامعة اليرموك الدكتور شحادة العمري، أشار الى أن الاحتفال بليلة القدر العظيمة لن يتم هذا العام كما جرت العادة في المساجد بسبب الوباء، داعيا الى التقرب الى الله تبارك وتعالى بقلب طاهر صادق، وقيام الليل وتلاوة كلام الله.
وقال اختصاصي علم النفس والعلاج النفسي المعرفي السلوكي الدكتور تيسير شواش، على الرغم من أن المساجد ما زالت مغلقة لظروف صحية تتعلق بسلامة المصلين في ظل جائحة كورونا، إلا أن بيوتنا عامرة بأفرادها، ويمكن أن نجعلها مساجد فنحقق فوائد الصلاة الجامعة بإمامة الأب، فرَّبُ الأسرة هو القدوة وهو أساس البيت، وصاحب شأن عظيم لارتقاء الأسرة، ولا شك أن له دورا جليّا في الترابط والتقارب الأسري وإعادة البناء من جديد.
المحامي أيمن القريوتي، كان يحرص مع أهل بيته على إحياء ليلة السابع والعشرين من رمضان بالصلاة والتعبد في المسجد، بيد أن أزمة كورونا التي فرضت التدابير والإجراءات الاحترازية حفاظا على النفس البشرية من الإصابة بها، الزمته البيت، حيث يؤدي العبادات فيه من صلاة وقيام ليل وتلاوة للقرآن الكريم مع أفراد عائلته.
عبير سلهب، ربة بيت، تستعد لهذه الليلة بطريقة أخرى، إذ عملت على تهيئة زاوية في المنزل، مزينة بالفوانيس الرمضانية، وأعدّت مع زوجها دروسا دينية وقصصا فيها العبرة والموعظة الحسنة ومسابقات دينية لتحفيز الأبناء على قيام هذه الليلة للفوز بثوابها.
فيما سيحرص العشريني نواف الخوالدة، على إحياء ليلة القدر مع الأهل في البيت، يلهج ألسنتهم بالذكر والدعاء وتلاوة القرآن،الكريم، وتذكر الدروس الدينية من فيض النبوة، عدا عن قيام الليل بخشوع وتدبر، حيث تتجلى أدعيتهم بأن يحفظ الأمة والوطن من شر الوباء والبلاء.
–(بترا- بشرى نيروخ)