الشاعر منير تمازيغت في حوار أدبي
حاورته منال بوشتاتي.
صدفة غريبة يا جمانة !
صدفة يعجز القلم عن وصفها ! صدفة حركت مشاعر فؤاده !!!! أيعقل أن يكون جمالك مثل جاذبية المغناطيس ؟ أم أن روحك البهية هي التي جذبته بعبيرها الفواح ؟ لايدري كيف ومتى وجد نفسه شاعرا بهذا الحب العميق ؟
أيها الحنين أغمض عينيك ولاتذرف دموعك الساخنة تمهل واصبر على خيبتك الموجعة
مابك تهرب مقتفيا آثارها المرسوم كالذي أصابه مس الجنون ؟ فهو لم يعد يذكر متى سأل نفسه عن سر جاذبية جمانة كل مايدريه أنه حين قابلها مصادفة شعر بشيء ما يجذبه نحوها .
كانت نظرتها البريئة توحي إلى نظرة طفل صغير يبحث بشوق عن لعبته المفضلة ولعل نظرتها تلك هي من حركت مشاعره في مجتمع كادت براءة الإنسانية تذوب
وفي ظل بحثه عن أجوبة تطفئ لهيب الشوق تفتحت جمانة في قلبه مثل زهرة الربيع لكن سرعان ما اختفت صورتها الجميلة وغابت عن الأنظار فإذا بالخيبة تتساقط من مشاعره كما تتساقط أوراق الخريف فعاش صراعا عاطفيا ورأى في الكتابة مايواسي أنينه فراح ينفض قصته الضائعة متفائلا بفصل جديد فظل ينتظر عودتها وابتسامتها وهكذا بدأت قصة الشاعر منير تمازيغت الحقيقية مع الشعر؛ ولكي يتعرف القراء عليه أكثر نقترح عليهم متابعته على مائدة الحوار .
تفاصيله فيما يلي ……
تحية طيبة أستاذ منير
1 قلت إنك بدأت في كتابة القصائد خلال مدة قصيرة وبغض النظر عن المدة الزمنية أجدك أبدعت بكل ماتحمله الرسالة الأدبية من جمال لكني أتساءل إزاء هذا التأخر علما أن جل الشعراء كتبوا خواطرهم في سن المراهقة أي قبل مرحلة العشرينات وحبذا لو تشرح لنا هذه المسألة ؟
أولا تحية طيبة لك الأخت منال و للقراء الكرام ، أشكرك و أشكر باقي طاقم مجلتكم على هذه الاستضافة القيمة ، أما بالنسبة لسؤالك ، فكما سبق و قلت بدأت الكتابة في سن متأخرة بعد حصولي على شهادة البكالوريا فيما اتجهت لمدينة مارتيل لمتابعة دراستي الجامعية و هناك ، بدأت بمحاولات بسيطة في كتابة الخواطر و الشعر الأمازيغي ومع مرور الأيام خصصت أوقات النشر و كذا محاولة تقديمها في قالب يليق بالمتابعين الكرام
2 جمانة هي بطلة معظم خواطرك وقصائدك بل هي ملهمتك وبفضلها حسب مايبدو اكتشفت موهبتك النيرة وطبعا ينبغي شكرها من جهة أخرى أجدك تغامر بثروة هذه الموهبة الكبيرة بحبسها في شخصية جمانة مثل ما حصر جماعة سؤال الذات موهبتهم في التجربة الضيقة حيث صح فيهم نقد محمد النويهي حين قال : لقد أغرقوا في شعرهم العاطفي حتى أصيب بالكضة وزالت جدته وفقد بالتكرار معظم حلاوته وتحولت رقته إلى ميوعة وإرهاق حساسيته إلى ضعف ومرض ألا تخشى أن يحدث لك مع حدث مع كبار الشعراء ؟
– صراحة كثيرا ما تلقيت نفس النقد من جل الأصدقاء والقراء بغية التحرر من قوقعة جمانة ، ولكل هذه الأسباب قررت أن أخبر الكل أني سأنتقل إلى تجربة أخرى تهتم بالمعالجة الشعرية لمواضيع عدة تحت اسم جمانة ، التي قد تضطرني لتقمص شخصيات أخرى أعمق مما يتخيله القارئ نفسه ..
3 شبهتك إحدى القارئات بالشاعر نزار قباني كيف كان شعورك حينها ؟
– صراحة هو شعور أكثر من جيد ذلك لأنه قدوتي الأولى في الشعر ، نزار قباني هو مدرسة شعرية عريقة ، تشكل توجهي ،إذ مازالت تفصلني عن تجربته سنوات ضوئية للوصول إلى مستوى ذلك النابغة ، فتشبيهها حينها كان تكليفا بالنسبة لي قبل أن يكون تشريفا
4 قيل إن هذا عصر الرواية إذ تحتل الرقم الأول قبل الشعر ولعل ذلك مادفع جل الشعراء حسب تصريحات البعض إلى التطفل على الرواية وبعبارة أخرى الانتقال من عالم الشعر إلى الرواية علما أن جمهورها عريض مارأيك في هذه الظاهرة هل أنت مع فكرة الرواية حطمت الشعر وجلبت عددا عريضا من القراء أم ضد ؟
– حسب رأي أجد أن لكل لون جمهوره الواسع ، أنا شخصيا أفضل الشعر الحر أكثر من أي جنس أدبي آخر و مع ذلك لا أنكر تعلقي بقراءة الروايات و بعض القصائد التقليدية التي تخضع لنظام الشطرين و أحيانا القصة القصيرة .. أما بالنسبة لقضية التطفل على المجال فهو أمر جاري به العمل مادامت الحالة أصبحت تجارية تستهدف الأرباح أكثر مما تمس عمق الإبداع
5 أين تجد نفسك أكثر في الخواطر أم القصائد بمعنى هل أنت أديب أكثر من شاعر ؟ أم تجد نفسك في الاثنين معا ؟
– أميل أكثر لفن الخواطر ، و أحاول تطوير موهبتي في القصائد أكثر ..
6 موهبة كبيرة بحجمك تجاوزت عتبة الهاوي وصاعدة بقوة في مصعد الشعراء لابد أنها تنهج إحدى المدارس الشعرية فإلى أي مدرسة ينتمي منير ؟
– بالنسبة لانتمائي الشعري أرشح نفسي لكي أكون ضمن موجة الرومانسية التي تعد من المدارس التابعة للشعر الحر المألوفة بـ ميخائيل نعيمة ، أبي ماضي و اللائحة طويلة
7 الشعر هو تحرير المشاعر في لحظة تسيل فيها الدفقة الشعورية فيغرق الشاعر في بحر مكنوناته فيصور مفرداته المجازية بأشعة الخيال لكن بعض الكتاب على الرغم من أسلوبهم الأنيق نجدهم ينمقون الكلمات بمصطلحات مستهلكة بعيدة كل البعد عن الخيال الذاتي والوجدان العاطفي ويضطرون إلى استخدام صور شعرية متداولة من أجل الحصول على لقب شاعر حيث انتقل الشعر من الشعور إلى التفكير ومن العفوية والصدق إلى المبالغة والاقتباسات الأدبية ماهو تعليقك أستاذ منير ؟
– هذه النقطة بالذات مهمة جدا ، لكل مبتدئ في المجال مثلي ، فالابتعاد عن النمطية أمر أساسي في استمرارية كل شاعر يتمنى أن يذهب بعيدا في هذا المجال ، بمعنى آخر التلقائية في الكتابة بمثابة ذلك المتكلم في وسائل الإعلام بمفردات واضحة دون الغوص في لغة الخشب من جهة أخرى أجد صدقه استقلالية عن باقي الأقلام الأخرى