د. محمد كامل القرعان
يشكل الإعلام الأردني الرسمي بشقيه التلفزيون ووكالة الأنباء الاردنية (بترا) ، منظومة إعلامية زاخرة بالمعلومات والقيم الخبرية إذا ما أريد لها الموضوعية ؛ فأنيط للإعلام مهام ووظائف عديدة، تجمع بين المحافظة على الأصالة والأعراف والتقاليد الاجتماعية المختلفة، وبين مواكبة التقدم ومعطيات الحضارة الحديثة في إطار يحتكم إلى تبني النافع، وترك السلبي منه.
ويقترن رضى المجتمع عن الإعلام ، بنقله للقضايا والأحداث والرسائل ، وعرضها بشفافية، والصدق والبعد عن أساليب الدعاية التي يُراد بها التضليل، أو بثّ الإشاعات، ورسم صورة يريدها الإعلام أو النسق السياسي لدى المتلقي حسب مواصفات ومقاييس محددة لا تخرج عن إطار مرسوم لموضوع معين يُراد به توجيه الرأي العام، وتوجيهه لصالح هذا الموضوع أو القضية.
وللإعلام دوراً مهماً يؤديه في ابعاد السياسية والحضارة والثقافة لارتباطه بمفهوم الهوية وبمفهوم الذات، وربط الفرد بثقافته، إضافةً لذلك فإن الإعلام القائم على مضامين هادفة وعلمية ومدروسة يمكّن الأفراد من إدراك المعايير التي يستطيعون من خلالها الحكم على أنماط ، ومعايير السلوك المقبولة أو الخاطئة والمشاركة بالحياة العامة بما فيها السياسية.
ولذا يستمد الإعلام أهميته وثقته من رضى الجمهور المتلقي، كما إن تطور الإعلام منوطاً بما يتكون لدى الممواطنين من فكرة صادقة، وثقة كبيرة، فالثقة والمصداقية عاملان حاسمان في الرضى العام بما يقدم ، ومن ثم رغبتهم ودعوتهم؛ لتبني مثل هذا التناول بشتى القطاعات والمجالات.
ويعد الاعلام لاعبا رئيسا بالتنمية السياسية والمجتمعية وأدواتها، إذ يقع عليه عبء تنشئة المواطن الذي يتفاعل مع الحياة المعاصرة تفاعلاً إيجابياً، كونه يؤثر في تشكيل الاتجاهات والقناعات، وطرق الإدراك من خلال الأخبار والحوادث والبرامج والرسائل الاتصالية التي تربط المواطن الاردني بموضوعات، وقضايا مجتمعية مهمة.
ويرتبط تأثير الإعلام الرسمي في تشكيل الوعي السياسي لدى المجتمتع لا سيما الشباب بعدة عناصر؛ أهمها: توافر الأجهزة الإعلامية من صحافة وإذاعة وتلفزيون، ومحتوى المواد الإعلامية المعروضة المتضمنة مواضيع التنشئة السياسية ، والكفاءات البشرية المدربة والمهنية ، وحجم المساحة الممنوحة للتعاطي مع الواقع بايجابياته وسلبياته ، وباقرار استراتجيات وطنية متطورة ومتغيرة.
ويتطلب الإعلام من صحافة وإذاعة وتلفزيون وصحافة إلكترونية نزاهة في الطرح، وتبّني القضايا المحلية والسياسية للحكومة ، والأحزاب المؤيدة والمعارضة، وتبّني وجهات نظر النقابات المهنية والمؤسسات الوطنية والهيئات المتنوعة، ومنظّمات المجتمع المدني، والاهتمام بالتنشئة السياسية؛ لتحقيق التنمية الشاملة المنشودة.
ويترتب حجب وسائل الإعلام للحقائق إلى التشكيك والتلفيق، وفقدان الثقة بهذه الوسائل، وعدم تلبية فضول الأفراد في الحصول على المعلومة، لا سيما أننا أصبحنا بعصر من يملك المعلومة هو الأقوى سواءً على مستوى الفرد، أو الجماعة، أو الدولة بصرف النظر عن كون هذه المعلومة سياسية، أم اقتصادية، أم ثقافية.
كما يدفع حجب المعلومة عن الفرد للحصول عليها من مصادر أخرى خارجية في ظل ثورة المعلومات والتكنولوجيا والإنترنت والفضائيات، الأمر الذي يجعل من الفرد فريسة سهلة للأفكار والمعتقدات والرسائل المؤجلة، التي توجهها وسائل الإعلام الأخرى، خاصةً إذا كان هناك تغريب للمعلومة، أو مخالفة، أو معارضة للمعتقد، أو الأيدلوجية أو الأصالة أو التراث.
وفي هذا المجال ينببغي أن يفرض على الإعلام الأردني بشكل خاص، أن يكون عند حسن ظن المتلقّين به، ينقل لهم الحدث أو الخبر بالكلمة المسموعة، أو المقروءة أو المشهد المرئي بكل شفافية، وصدق وموضوعية وحيادية، وجدّية.
ووسائل الإعلام مصدراً مهماً من مصادر تشكيل الوعي لدى المواطن ، وخاصةً الوعي السياسي والثقافي، حيث يكون من خلال عوامل مساعدة ومساندة وسيطة ؛ كالأحزاب، والنقابات، والجامعات، والمدارس، والجماعات الصغيرة المحيطة بالفرد، وقادة الرأي وغيرهم.
وتأثيره حاضرا في عملية التنشئة الاجتماعية والسياسية ؛ لاعتماده على اكتساب الثقافة، والمعلومات والوعي وبناء المواقف السياسية.