انضمت جلالة الملكة رانيا العبدالله اليوم الاربعاء في أكاديمية الملكة رانيا لتدريب المعلمين إلى مجموعة من المعلمين والطلبة وأولياء الأمور وخبراء في مجال التعليم في جلسة نقاشية حول تطوير التعليم في الأردن.
وقالت جلالتها إن هناك إدراكا أن التعليم هو أهم شيء، لأننا دائماً نؤكد على أن الانسان أغلى ما نملك، متسائلة جلالتها عن صفات الإنسان الذي نريد أن ننتجه من العملية التعليمية؟ لأن الهدف من التعليم في نهاية المطاف هو بناء الشخصية.
وأضافت جلالتها أن الهدف اليوم من مثل هذه النقاشات هو أن يكون هناك إدراك واهتمام وطني لعملية التعليم، وأن يكون هناك اهتمام مستمر لأن الحلول تأتي مع الوقت، ونحن بحاجة لحراك في العملية الاجتماعية، وأن يكون هناك نشطاء مهتمون دائماً، وأن لا يكون مناقشة المناهج “فزعة” على موضوع جديد والذي حدث فيه هبة مجتمعية.
وأشارت جلالتها إلى أن المناهج لا تختزل بموضوع واحد، والمهم أن تتشكل نواة من مهتمين في هذا الموضوع يشاركون ويُسمعون أصواتهم للمسؤولين لأنها عملية تشاركية.
وشددت جلالتها على أن بناء الشخصية عن طريق العملية التعليمية ليست فقط بالمناهج، فإلى جانب المناهج الأكاديمية هناك المناهج غير الأكاديمية كالفن والرياضة والموسيقى، والثقافة الموجودة بالمدرسة، والتي تعلم الطلاب كيف يتعلمون وكيف يتعاملون مع زملائهم ومع المعلم، وما المعلم الا المثل والقدوة التي يمثلها للطالب حتى يُكون شخصيته، والتي تنصب جميعها في عملية بناء الشخصيات التي هي الهم الأساسي لأن الموهبة هي أغلى سلعة في عالمنا، وهي ما سيساعدنا على التقدم.
وأشارت جلالتها إلى تجارب دول مثل فنلندا، وكوريا، وسنغافورة التي واجهت تحديات كالتحديات التي تواجهنا، ولكنهم استطاعوا تحقيق التميز لأنهم ركزوا على نوعية الانسان وبنائه وتحسينه.
وقدمت جلالتها الشكر للحضور، واعتبرتهم شركاء لجلالتها من أجل الاستمرار في إيجاد تعليم نوعي لأطفال الأردن، وقالت سنستمر معاً حتى نطمئن لأن تكون العملية التعليمية الموجودة في الاردن هي التي يستحقها اولادنا، لأنهم يستحقون الأفضل.
وفي الجلسة التي أدارها مؤسس موقع الأوائل التعليمي الاستاذ حسام عواد، قال إن اتساع وتيرة المعرفة بشكل قياسي يحتم علينا الإجابة على التساؤلات التالية لماذا وكيف وماذا نتعلم؟ مشيراً إلى أن الإجابة على هذا السؤال يرتبط بفلسفة التعليم بشكل عام.
وتساءل عن كيفية جعل رحلة التعليم الممتدة طوال 12 عاماً رحلة شيقة توصل الطالب إلى نتاجات نوعية يستحقها، وقال إن ذلك يعود بنا إلى البحث عن نوعية المناهج التي تعد جزءاً من تشكيل البناءات المعرفية والتربوية للطلبة وكيفية تغيير نظرة الطالب الكارهة للمنهاج وإيجاد منهاج صديق للطالب، متسائلاً عن مواصفات المناهج وكيفية بنائها واختيار محتواها.
وأكد ضرورة التمييز بين المناهج والكتاب المدرسي والمبحث والدرس، وطرح العديد من الاستفسارات حول كيفية إعداد وتأهيل المعلمين وما هي أفضل الوسائل لربط التقييم بالمهارة والمعرفة وليس بالعلامة.
وقال استاذ النقد الادبي والادب المقارن الدكتور نارت قاخون إن السؤال لماذا نتعلم؟ دائماً يطرح على المعلم وليس على المتعلم، والذي يجب أن يحدد خياراته بما يتوافق مع واقعه ومجتمعه، مشيراً إلى أن الكثير من اتجاهات الطلبة تُصنع وفقاً لأحلام آبائهم دون اعطائهم الفرصة لتحقيق ذاتهم، وهذا يؤدي إلى أن ما يحدث هو صناعة نماذج وفقاً لكاتالوغات مؤطرة.
وفيما يتعلق بمتابعة وتقييم نماءات الطالب المعرفية والتربوية، قال إنها في الغالب تجري وفقاً لحرص الطالب والأهل على العلامة وليس على الكفاءات والمهارات والسلوكيات التي يجب أن تكون الأساس، بينما العلامة هي التحصيل الحاصل وتساءل كيف يمكننا أن نجعل التعليم غاية مستمرة وليس هدفاً من أجل بناء جيل واعد ومواطن صالح.
وقال ان الكتاب المدرسي القائم على الحفظ والتعداد والنقاط الجامدة تجعل من محتواه مادة يكرهها الطلبة، وفيما يتعلق بما جرى حول التعديلات الأخيرة على المناهج، قال إن الوعي العام يتشكل مع الخبرة والتجربة وخاصة في بعض المواضيع التي لم نتحدث بها من قبل، مشيراً إلى أن الجدل في المناهج الذي حدث أطلق عليه مصطلح “جدل المناقيش” كونه اتسم في التركيز على البعد الكمي أو الشكلي ولم يدخل في جوهر المحتوى، وهل هو محتوى مستساغ ويرغبه الطالب.
وقال الأستاذ أحمد عبدالله المشرف التربوي ان الطالب اكبر وقت زمني له في المدرسة، وعندما تكون العملية التعليمية غير منسجمة ومتناسقة بجميع عناصرها تخرج النتاجات مشوهة، واكد أن الكتاب المدرسي هو جزء من المنهاج ويجب التركيز على اساليب التدريس وعلى كفاءات المعلم حتى نوائم ما بين المنحى التربوي والمنحى التعليمي.
وقال ان اسباب عدم ممارسة المعلم لما تعلمه يعود الى نقل الخبرة السلبية ما بين المعلمين انفسهم بالإضافة الى عدم وجود الدافعية والشغف بمهنة التعليم واتباع استراتيجيات تعليمية لا تتفق مع السمات الشخصية لكل معلم. وتحدثت خبيرة الطفولة المبكرة نورهان ذهني حول أهمية مرحلة الطفولة المبكرة في بناء الكثير من المهارات والقيم لدى الطلبة، لان اي بناء معرفي وتربوي يجب ان يتدرج من البسيط الى المعقد. وقالت علينا التعامل مع الطفل كانسان له مشاعر وقدرات وخبرات وليس كذاكرة، خاصة ان كل طفل لديه ذكاء خاص به، يجب العمل على تنميته والانتقال به من المحسوس الى المجرد، مشيرة الى انه يمكننا بناء اساليب تدريس فاعلة ومبتكرة في ظل محدودية الموارد.
وفي اطار اجابة على سؤال لماذا نضع في مناهجنا امور لا نحتاجها؟ قالت خبيرة المناهج الدكتورة روناهي مجدلاوي إن المناهج الحالية تتشكل على اعتبار جعل الطالب مختصاً في موضوعاتها ومتعمقا فيها، في الوقت الذي يجب ان تكون المناهج قادرة على منح الطالب المعرفة التي يستطيع توظيفها في حياته العملية.
وقالت ان عملية بناء المناهج يجب ان تكون مجتمعية تشاركية وان يكون الكتاب المدرسي جزءا من المنهاج الذي يشمل دليل المعلم والانشطة الطلابية ولا يجوز المقارنة بين كتاب وكتاب، وعلينا العمل من اجل تصميم كتاب مدرسي صديق للطالب وليس عدوا له.