كتب : الصحفي علي فريحات
اليوم العالمي لحرية الصحافة يعتبر فرصة لتسليط الضوء على الواقع الذي تشهده الحريات الصحفية والحاجة الى مراجعة شاملة لدراسة واقعها للخروج برؤية تدعم مسيرة حرية الإعلام واستقلاله لان الصحافة لا تزدهر ولا تتنوع ولا تؤثر في الرأي العام ان لم تتوفر لها التربة الحرة لتنمو بها وتترعرع وتطل بها على منابع المعرفة .
يصادف يوم الثالث من أيار من كل عام مناسبة لصحفيي العالم للاحتفال باليوم العالمي لحرية الصحافة هذا اليوم الذي أطلقته منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة ‘اليونسكو’ وصادقت عليه الجمعية العامة للأمم المتحدة ليكون احتفالا سنويا دوليا بالمبادئ الأساسية لحرية الصحافة وإحياء لذكرى ضحايا انتهاكات حق الحرية والتعبير وهو اعتراف منها بأن الصحافة هي سلطة حرة مستقلة ومناسبة لاطلاع العالم على دور وسائل الإعلام في مساعدة الناس.
ورغم ذلك لا يزال الصحفيون تحت دائرة الاستهداف والخطر ويعانون من الانتهاكات المتواصلة ضدهم والمستمرة و المتعددة حيث لم يسلم الصحفيون في العالم العربي من القتل والاختفاء والاختطاف والسجن والاعتداءات الجسيمة والمعاملة المهينة واللانسانية وهي أيضا لا تتوقف عند هذه الحدود لكن هناك انتهاكات أخرى مثل حجب المعلومات والرقابة المسبقة ومحاولات الاحتواء الناعم وكلها في نهاية المطاف تعصف وتقيد حرية بحرية الإعلام.
ويشكل الاحتفال بهذه المناسبة فرصة حقيقية لتسليط الضوء على الواقع الذي تشهده الحريات الصحفية في الأردن للخروج برؤية نقدية تساهم في رفد وتدعيم مسيرة العمل الديمقراطي وفرصة لكل من يدافع عن حرية الصحافة من صحفيين ومثقفين وسياسيين ونشطاء حقوقيين واجتماعيين للمطالبة بوجود أجواء ومناخات صحفية حرة ومستقلة ومسئولة فالحرية وحدها كفيلة بتعزيز دور الصحافة وتفعيله وتكريسه للدفاع عن قضايا المواطنين وحماية مصالحهم العامة والتعبير عن توجهاتهم الوطنية والقومية وتحفيزها وتأصيلها بنشر القيم والمفاهيم الايجابية التي تصب بمصداقيتها.
وتشير الرؤية الملكية إلى ضرورة بناء إعلام الدولة الحديثة على أسس متينة أهمها تشجيع التعددية واحترام الرأي والرأي الآخر في مناخ من الاستقلالية والحرية المسئولة والتعبير عن الوطن بفئاته وأطيافه كافة فكانت التشريعات والإجراءات مترجمة لهذه الرؤية حتى أصبح الأردن من الدول المتقدمة التي منحت العمل الصحفي جل عنايتها.
ان ما تحتاجه الصحافة حتى تتطور هو وجود قوانين تكرس حريتها واستقلالها وحقها في العمل دون أي تدخل وثقافة عامة تنزع ثوب الوصاية عنها ومؤسسات إعلامية ناضجة ترتكز في عملها إلى تقاليد مهنية راسخة فالحكومات الصادقة مع نفسها ومع مواطنيها والتي تعمل بنزاهة واستقامة لا تخشى حرية الإعلام وكشف الحقائق بل بالعكس تسعى إلى ذلك بكل ثقة.
وهنا لا بد من توفير ضمانات دستورية لإيقاف الرقابة التي يمارسها البعض في دوائر الدولة وعدم إيقاع عقوبة الحبس للصحافي أو توقيفه وضمان حق الوصول إلى المعلومات ضمن آلية قابلة للتطبيق وغير خاضعة للاجتهاد، حيث يحتوي قانون المطبوعات والنشر على نص واضح وصريح يلغي عقوبة توقيف الصحفي خصوصا أن هناك قيودا كثيرة لا تزال تحول دون تحقيق نقلة نوعية حقيقية في ممارسة حرية الصحافة والتعبير وتوفير سبل الوصول للمعلومة بحرية ويسر دونما تحيز وتعكس تعددية الآراء والتمسك بالمعايير الأخلاقية لتوفير بيئة تكفل حرية التعبير ومراقبة السلطات المختصة وهيئات صنع القرار ولتكون الصحافة محفزا لزيادة الفاعلية والتغيير في المجتمع.
ان حرية التعبير حق اساسي من حقوق الانسان تقوم عليه جميع الحريات المدنية لذلك اصبحت حقا متاحا للجميع خصوصا مع مواقع التواصل الاجتماعي بعيدا عن الاعلام التقليدي الذي ما زال يحافظ على خصوصيته لذلك يجب ان يكون هناك التزام لدعم الحريات الصحفية من خلال التشريع المناسب والتعليم والبحث والتدريبات على مستوى الوطن.
وفي ظل هذه الظروف لابد من التركيز على توفير وسائل اعلام حره ومستقله وتعددية تتمتع بها الصحافة المهنية التي تمارس بدون اي خوف او تردد لتبادل اي موضوع من الاعتداء وتستطيع ان تشارك بشكل فعال في صنع ديمقراطية واعية .
ان هناك ضغوطا كبيرة على حرية الصحافة للحد من حرية التعبير وذلك بوضع تشريعات تقليدية وفرض الرقابة وضع تشريعات ناظمة تحد من كافة اشكال القيود في حماية تعزيز حرية التعبير ودعم حرية الاعلام من اجل تعميم ونشر قيم الاعلام بين المجتمع .
يجب ان يكون هناك دور كبير لنقابة الصحفيين الأردنيين لحماية وتعزيز حرية التعبير من خلال إدخال تعديلات تشريعية حاسمة على القوانين الناظمة لحرية الصحافة والإعلام لحماية الصحفيين وتنظيم العلاقة ما بين وسائل الاعلام لتحقيق التنمية المستدامة من خلال التركيز على وسائل إعلام حره ونزيهة ومستقلة ودعم حرية الاعلام من اجل تعميم ونشر قيمة الإعلام بين المجتمع .
نحيي كل الصحفيين الذين يدافعون عن حرية الإعلام وحق الناس بمعرفة الحقيقة ونذكر بإجلال الإعلاميين الذين سقطوا شهداء على طريق حرية الصحافة وهؤلاء الذين يقبعون خلف القضبان.