انجاز-أحمد أبوبدر لا يمر يوم بعد الانفجار الذي هز عاصمة لبنان إلا و يتم انتشال جثث جديدة من تحت أنقاض الركام أو إذاعة خبر وفاة أحد المصابين بالإنفجار في إحدى مستشفيات العاصمة المنكوبة بفساد و إفساد كل من عاش فيها على اختلاف مواقعهم و طبقاتهم و منذ عشرات السنين . رغم ذلك لم يفهم أحد من سكان بيروت حكاماً و محكومين الرسالة و العبرة من هذا الانفجار فما رأيكم لو تركنا لقليل من الوقت هذه الدنيا الزائفة المليئة بالظلم و الفساد و النفاق و الطائفية لننتقل إلى عالم حقيقي لا يوجد فيه أي كاذب أو فاسد أو عميل أو خائن أو ظالم أو منافق و ربما ستتفقون معي أن هذا المكان هو الأكثر صدقا و صراحة على وجه الأرض ببساطة لأنه لا مكان للكذب و النفاق و الخداع و العنصرية و الظلم فيه مهما حاول أرباب الدجل و التزوير و التملق أن يفعلوا فستذهب محاولاتهم أدراج الرياح في ذلك المكان . تعالوا معي لذلك المكان لنعرف الرسالة الحقيقية و العبرة من انفجار بيروت ثم اذهبوا بعد ذلك حيث شئتم فستعودون معي أو بدوني رغم أنوفكم أو بإرادتكم لذلك المكان و تدركون الرسالة الحقيقية و العبرة مما حصل لكن المحظوظ من أدرك ذلك قبل فوات الأوان و استفاد من الرسالة و اتعظ بالعبرة قبل أن يصبح هو كذلك. المكان الذي سنذهب إليه لفترة وجيزة لنرى الصدق المحض و الحقيقة العارية من أي مواد تجميل هو المقبرة حيث دفن ضحايا الانفجار و وسدت أجسادهم إن كانت كاملة أو ممزقة إلى أشلاء لتصبح رهينة التراب و الدود إلى يوم الحساب الموعود. أعلم أن الكثير من أهالي الضحايا سيستغرب الأمر فقد كانوا هناك عندما ودعوا أحبابهم و تقبلوا العزاء فيهم و لكن للأسف لم يدرك أحد منهم أو من غيرهم الرسالة التي كانت وراء ذلك. ما رأيكم لو فتحتم قبور من دفنتموهم قبل أيام و وجدتموهم أحياءاً أمامكم لمدة ساعةٍ واحدةٍ فقط ليفعلوا ما يشاؤون فيها قبل أن تسلب أرواحهم منهم مرة أُخرى و يعودوا لما تركتموهم عليه حين دفنهم يا ترى ما الذي كانوا سيقولونه لكم أو ربما سيفعلونه لأنفسهم فلربما لن تكون الساعة كافيةً لبعضهم لأن يتحدث أو حتى لأن ينظر إلى أحبابه الذين فارقهم منذ بضع أيامٍ فقط. تعالوا لنسمع الرسالة الحقيقية الصادقة الخالية من كل نفاق و مجاملة و تعصب و حقد و عنصرية و هوى ومن أراد أن يعتبر فله ذلك و من لم يعتبر بالموت فلا واعظ له , و لا عجب أن استخلاص الدروس و العبر في زماننا الممتلئ بالغفلة و النفاق و المظاهر الخادعة و البعد عن الدين و الأخلاق حد التخمة قد أصبح موهبة و مهارة لا يمتلكها سوى القلة من الناس القادرين على تمييز رسائل الله لخلقه و أخذ الدروس و العبر منها. الرسالة التي سيقولها لكم أهل القبور أنهم عرفوا بحق أنه لا إله إلا الله وحده لا شريك له فهم أدركوا ذلك لكنهم للأسف تمت تلك المعرفة في وقت متأخر جداً بعد أن لفظوا أنفاسهم الأخيرة فلم تنفعهم العذراء الذين صرخوا إلى أن بلغ صراخهم عنان السماء باسمها و التي أجزم يقيناً أنها ستتبرأ يوم القيامة من كل من استغاث بها في الدنيا لم ينفعهم يسوع و هو الذي لو نطق لصرخ فيكم و قال كيف تعبدوني و تعبدون أمي من دون الله تعالى فيا أهل بيروت أرجوكم لو كان لديكم محبة لمن فقدتموهم أنقذوا أنفسكم و من تعرفونهم من الذين ظلوا على قيد الحياة من تقديس كذبة الثالوث و عليكم بالإسلام الذي لو كان من دفنتموهم مكانكم لما ترددوا للحظة في دخوله فلا شيء أسوأ من دخول النار خالداً مخلداً بحجة الشرك مع الله تحت مسمى النصرانية أرجوكم و الله لو جاء من فقدتموهم في أحلامكم و أخبروكم عن أي عذاب يعانونه بسبب رحيلهم عن عالمكم دون أن يسلموا لعرفتم صدق ما أقول لكن هي الرسالة التي ربما لن يستسيغ أهل بيروت فحواها و لكن العاقل من أخذ العبرة من غيره قبل أن يصبح هو عبرة لغيره .