عمان-علي ذياب
أصبح الأردن يعاني من ظاهرة افتعال حرائق الغابات وتقطيع الأشجار في أغلب محافظات المملكة الخضراء، ما يستدعي ان يدق له ناقوس خطر يهدد الثروة الحرجية، في بلد يعد من الدول الفقيرة بموارده الحرجية؛ إذ ان المساحة المزروعة بالأشجار الحرجية أقل من 1% من إجمالي مساحة المملكة، وبينما نطمح الى زيادة هذه النسبة الحرجية في بلدنا الحبيب، ونسعى( نحو أردن أخضر). هذه المبادرة التي أطلقها جلالة المغفور له بأذن الله الملك الحسين بن طلال والتي تبناها جلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين من بعده، يسعى أفراد عصابة الحطب الى تحقيق الربح المادي على حساب هذا الوطن ولوحاته الخضراء.
تزايد افتعال حرائق الغابات جريمة بشعة يحاسب عليها القانون، حيث يعاقب قانون الزراعة الاعتداء على الأراضي الحرجية بالحبس لمدة ثلاثة اشهر وبغرامة مقدارها 100 دينار، كما يعاقب بالحبس ثلاثة أشهر إلى سنة وبغرامة مالية قدرها 50 دينارا عن كل شجرة أو شجيرة حرجية أتلفها الحريق، ويلزم بدفع تكاليف إطفاء الحريق.
تعد غابات الأردن من أجمل الغابات في العالم وهي مقصد للتنزه من قبل جميع أبنائه، وايضا مقصد للسياحة من قبل أبناء الوطن العربي خاصة ودول العالم المختلفة عامة، ولكن هناك أشخاصا يطلق عليهم مافيا الحطب لا يأبهون لهذه الثروة الحرجية السياحية بسبب جشعهم، يقومون باشعال النيران بالاشجار الهدف منها ان يتاح لهم غطاء قانوني لجمعها، وفي هذا الصدد يقول أحد موظفي الإدارة الملكية لحماية البيئة « نحن هنا نعمل على القضاء على ظاهرة افتعال الحرائق بوضع خطط ممنهجة، كما يجب على الجهات المعنية الاخرى العمل معنا والبقاء على تواصل مستمر لنجاح هذه الخطط؛ لان يدا واحدة لا تصفق، كما يجب عليها اتخاذ اشد العقوبات اتجاه هذه العصابات لمنع هذه التصرفات اللامسؤولة التي أصبحت غايتها التخريب والعبث بالأشجار التي تشكل مناظر طبيعية وجمالية في محافظات المملكة، وتطبيق القانون ومحاسبة كل من يثبت تورطه في افتعال الحرائق التي تلحق الضرر بغاباتنا وثروتنا الوطنية؛ لانها قضية وطنية مهمة «.
وقال أحد المتطوعين في أحد جمعيات البيئة « من منطلق عملي كرئيس لاحد هذه الجمعيات فقد قمت بتزويد الاجهزة المعنية بقائمة أسماء لأشخاص متورطين في افتعال هذه الحرائق خاصة بمحافظة عجلون؛ إذ ان الأشجار فيها اصبحت ضحية لهم كون عجلون تحتل أكبر المساحات الحرجية في الأردن؛ ما يجعلها أكثر المناطق تعرضاً للتحطيب، إضافة الى جرش والعديد من القرى التابعة لها «.
قال مجموعة من مواطني محافظة عجلون ان مافيات التحطيب أمر خطير على الغابات؛ إذ تعدى الامر الى ان أصبح خطرا على حياتهم، إذ يقول أحمد مصطفى « عصابات التحطيب يعملون بشكل منظم و ممنهج ويختارون الأماكن التي يصعب وصول آليات الدفاع المدني إليها، ويضرمون النيران في اكثر من منطقة لكي يصعب على كوادر الدفاع المدني السيطرة عليها، ووصل الأمر الى أن أصبحوا يحرقون أشجارا بالقرب من منازلنا، وقبل عدة أيام سمعت أصواتا بمنطقة قريبة من منزلي في الثانية عشرة ليلا، فتوجهت الى مصدر الصوت واذ بمجموعة من الأشخاص يعزمون على اشعال النيران بمجموعة من الاشجار المعمرة والنادرة، وبمجرد ان صرخت عليهم فوجئت باطلاق عيارات نارية من قبلهم، فقمت بإبلاغ الأجهزة الأمنية على الفور «.
ويقترح المواطن سعد أسامة «: من حكم خبرتي في العمل مع شركات استيراد الخشب فإن أفضل طريقة للسيطرة على مافيات الحطب ومعالجة التعدي على الأشجار الحرجية النادرة، في ظل الضغوطات الاقتصادية الراهنة، ان تلجأ الحكومة إلى استيراد الحطب من الدول المجاورة بأسعار رخيصة لا يتجاوز الطن 25 دينارا مقارنة مع هذا العصابات التي تبيع الطن بين (100 – 200 ) دينار، فإن الحكومة بذلك تفوت الفرصة على مافيا الحطب، ويضيف، في هذه الحالة فإن مافيات الحطب لن يعود الأمر بالنسبة لها تجارة رابحة فسوف تسعى الى بيع الحطب المسروق بأي سعر وسوف تنقرض من السوق «.
ويضيف « يجب إشراك المجتمع المحلي في عملية الرقابة على الغابات الحرجية، والعمل بروح الفريق مع المؤسسات المجتمعية والأجهزة المعنية،حتى يشعر أنه جزء منها ويحافظ على هذه الثروة الوطنية، وأن عدم تطبيق العقوبات المنصوص عليها في قانون الزراعة يترتب عليه ازدياد حجم الاعتداءات على هذه الثروة الحرجية. الى ذلك تشير الأرقام الرسمية لدى الدفاع المدني إلى أن عدد الحوادث التي تم التعامل معها خلال العام الحالي، بلغت 87 حريقا، وطالت زهاء 450 دونما، منها 60 دونما مزروعة بمحاصيل الشعير،فيما أتت النيران على زهاء 140 شجرة مثمرة و200 شجرة حرجية، وحسب جهات معنية فإن غالبية هذه الحرائق، وبنسبة 90% مفتعلة من قبل أشخاص مجهولين، ترجع لافتعالها من قبل مافيات التحطيب أو بسبب خلافات بين المواطنين.