خبراء في مجال البيئة: تآكل طبقة الأوزون في الغلاف الجوي يهدد الحياة على سطح الأرض
(بترا)- إيمان المومني قال خبراء في مجال البيئة إن تآكل طبقة الأوزون في الغلاف الجوي يهدد الحياة على سطح الأرض، حيث أن الأشعة فوق البنفسجية تؤثر على مناعة الإنسان وتساهم بزيادة حالات سرطان الجلد وتسبب عتمة عدسة العين، وتؤثر أيضا على إنتاجية النباتات والثروة السمكية والعديد من الجوانب البيئية.
ويشارك الأردن العالم في الاحتفال باليوم العالمي للحفاظ على طبقة الأوزون، الذي يصادف اليوم الخميس، وجاء هذا العام تحت شعار “المحافظة على برودة طعامنا ولقاحنا)”.
واكد الخبراء، لوكالة الأنباء الأردنية (بترا)، أن هذا اليوم يعد فرصة لبداية عقد جديد، يتصالح فيه الإنسان مع الطبيعة لضمان مستقبل آمن، يتعافى فيه المناخ لتنعم الأجيال الحالية والمقبلة برغد العيش وحياة صحية خالية من التلوث والأمراض.
وقال الخبير، غازي العودات، إن جهودا دولية سعت للحفاظ على طبقة الأوزون، من خلال برنامج الأمم المتحدة للبيئة للعام 1985، الذي تمت فيه دعوة دول العالم للاجتماع في مدينة فيينا لبحث ظاهرة تآكل طبقة الأوزون وتداعياتها على الحياة البشرية والنظم الآيكولوجية، حيث تبنت حكومات العالم اتفاقية فيينا لحماية طبقة الأوزون حينها.
وأشار إلى أن الاتفاقية أكدت ضرورة تعظيم التشاركية بين دول العالم لتعزيز الوعي بالمحافظة على طبقة الأوزون والرصد المنتظم لهذه الطبقة والمركبات المؤثرة عليها، والتوسع في إنشاء شبكات رصد إقليمية وعالمية لمواكبة انبعاثات الأشعة فوق بنفسجية من سطح الأرض والمواد المستنفدة إلى الغلاف الجوي.
وأضاف أن دول العالم اعتمدت بروتوكول مونتريال عام 1987، إيمانا منها بأهمية اعتماد آليات فنية وتقنية ومالية لتنفيذ متطلبات الاتفاقية، عبر وضع جداول زمنية للتخلص من المواد المستنزفة لطبقة الأوزون، وتحديد الآلية المالية المتمثلة بإنشاء صندوق مونتريال، بحيث تسهم الدول التي يبلغ معدل استهلاك الفرد فيها أكثر من 3ر0 كغم من المواد المستنفدة للأوزون في الصندوق.
وبين أن الدول التي يبلغ معدل استهلاك الفرد فيها أقل من 3ر0 كغم من هذه المواد يحق لها الحصول على الدعم المالي والفني ونقل التكنولوجيات السليمة بيئيا، وبناء القدرات الوطنية، وتشكيل لجان علمية ولجان لإدارة الصندوق.
وأشار إلى أسس ومعايير التحول نحو البدائل ذات الجدوى الاقتصادية والبيئية والتقنية لحماية طبقة الأوزون والمناخ.
وبين أن 197 دولة صادقت على الاتفاقية والبروتوكول واستفادت نحو 145 دولة من صندوق مونتريال بقيمة حوالي 3 مليارات دولار أميركي، حيث تمكنت بهذا الدعم من التخلص من كل المواد الكلورو فلورو كربونية في العام 2010، ومن مادة بروميد المستخدمة في مكافحة آفات التربة في العام 2015، كما تم التخلص من 35 بالمئة من المواد الهيدروكلورو فلوروكربونية في عام 2020، وسيتم التخلص من 5ر97 بالمئة من المواد الهيدو كلور وفلورو كربونية بحلول عام 2030 والتخلص التام منها بحلول 2040.
وتوقع العودات أن هذه الإجراءات ستساهم بالتقليل من حالات سرطان الجلد لأكثر من مليوني شخص على مستوى العالم، فيما ستسترد طبقة الأوزون عافيتها بحلول عام 2060، وهو التاريخ الذي جرى تقديره من قبل العلماء وفقا لشبكات الرصد الإقليمية والدولية.
وأشار إلى أنه في شهر تشرين الأول عام 2016 اعتمدت الدول الأطراف في اجتماعها الثامن والعشرين في مدينة كيجالي تعديلا على البروتوكول، والذي تم بموجبه إخضاع المواد الهيدرو فلورو كربونية للرقابة والخفض التدريجي لها وفقا لجداول زمنية وبنسب متفاوتة، بما يسهم في حماية المناخ من تقليل درجة حرارة الأرض نصف درجة مئوية كون المواد الهيدرو فلورو كربونية هي غازات احتباس حراري وذلك بحلول عام 2050.
من جهة أخرى، أفاد رئيس جمعية التنمية للإنسان والبيئة الأردنية، الدكتور أحمد الشريدة، بأن الثقب في طبقة الأوزون يشكل تحديا كبيرا للعالم منذ نهاية القرن الماضي ولغاية الآن، ما دعا المنظمات الدولية وهيئات الأمم المتحدة للعمل بتكاتف مع الدول للتخفيف من آثار هذه الظاهرة، التي سببتها العوامل الطبيعية والأنشطة البشرية المتمثلة في حرق الوقود الأحفوري وعمليات التعدين والأدخنة والأبخرة ساهمت في زيادة الغازات الدفيئة في الغلاف.
ولفت إلى أن الأمر يتطلب من دول العالم التخلص من الغازات المسببة لتآكل هذه الطبقة من خلال تغييرات في نوعية الغازات المستخدمة بشكل خاص في الثلاجات المنزلية، وتشجيع الدول والمنظمات والمؤسسات على الالتزام بالبروتوكولات الدولية المتعارف عليها والموقع عليها من معظم الدول بما يحد من أصول هذه الغازات إلى طبقات الجو العليا فيزيد ثقب الأوزون.
ودعا الشريدة المؤسسات الدولية لمتابعة موضوع الغازات الدفيئة التي تدمر طبقة الأوزون بالعمل الدؤوب والمراقبة الحثيثة للحد من هذه الظاهرة وما تسببه الهزات الأرضية والبراكين والعواصف والأمطار الغزيرة والجفاف والحرائق من أحوال مناخية غاية في القسوة.
بدوره، قال رئيس مركز آفاق بيئية للإعلام البيئي والتنمية المستدامة في المغرب، الكاتب محمد التفراوتي، إنه يمكن لطبقة الأوزون أن تمتص معظم أشعة الشمس فوق البنفسجية، ما يحمي الكائنات الحية من تلك الأشعة الضارة، حيث أنه في الحالة الطبيعية يمكن لجزيئات الأوزون الموجودة في طبقة الستراتوسفير من الغلاف الجوي أن تمتص طاقة الأشعة فوق البنفسجية وتتحلل إلى ذرات أوكسجين وتتفاعل كيميائيا بشكل أكبر مع الأوكسجين الموجود في الغلاف الجوي لتكوين جزيئات أوزون جديدة، بحيث تكون جزيئات الأوزون في طبقة الأوزون لتبلغ إلى توازن ديناميكي.
وحذر من ازدياد الأنشطة البشرية، خاصة المواد الكيميائية التي يصنعها الإنسان مثل مركبات الكربون الكلورية فلورية التي تستخدم بكميات كبيرة، والتي تعمل على تدمير طبقة الأوزون وتقليل الكمية الإجمالية للأوزون في الغلاف الجوي، مع حدوث أكبر انخفاض في الشمال والأقطاب الجنوبية، حيث أن في المنطقة القطبية الجنوبية تظهر منطقة رقيقة من طبقة الأوزون يطلق عليها العلماء “ثقب الأوزون”.
واكد التفراوتي أنه على الرغم من وجود أدلة على أن الأوزون قد تعافى، فإن استعادة طبقة الأوزون بطيئة للغاية لدرجة أن الناس يشكون في أن نشر خبر تدميرها قد يكون خدعة أو مؤامرة.
وفي الإطار ذاته، عبر الأمين العام للجمعية العامة للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش في رسالة وجهها على الموقع الإلكتروني للجمعية، بمناسبة اليوم العالمي لطبقة الأوزون، عن قلقه بشأن مواجهة حالة طوارئ بيئية تتمثل في فقدان التنوع البيولوجي والتغير المناخي والزيادة المطردة للتلوث، بسبب سوء تعامل الناس مع النظم الإيكولوجية التي تقوم عليها مجتمعاتنا.
وبين غوتيريش أن السنوات الـ 10 المقبلة هي فرصتنا الأخيرة لتجنب وقوع كارثة مناخية وعكس مسار مد التلوث القاتل ووضع حد لفقدان الأنواع، داعيا لجعل هذا اليوم بداية عقد جديد، يتصالح فيه الناس مع الطبيعة لضمان مستقبل أفضل للجميع.