موهبة ملفتة للأنظار
وأكملت حديثها للجزيرة نت بأن زوجها عندما وجد موهبة إيلي ملفتة للأنظار فسجله في أهم الأندية لتطوير وصقل مهاراته في اللعب، ليصبح الآن طالبا محترفا وبطلا مستقبليا في عالم الشطرنج.وتؤكد إيلينا الفوائد الكبيرة للعب الآباء والأمهات مع أطفالهم، ومنها قوة التواصل التي تحدث بينهم، خاصة مع اهتمام الأهل بنوعية اللعب التي تناسب كل مرحلة عمرية.كما تنصح الأهل بأن يلعبوا مع الأطفال لاكتشاف شخصياتهم وميولهم والمقارنة في ما بينهم واستطلاع مدى التركيز الذي يتمتعون به، مؤكدة في الوقت ذاته أن إعطاء وقت كاف للعب مع الأطفال من أكثر الأمور التي لا بد أن يوليها الأهل عنايتهم، بوصفها أولوية مهمة وأساسية في برنامجهم اليومي.
اللعب مع أطفالها ليس سهلا
في حين تواجه الثلاثينية ربى المقداد صعوبة في اللعب مع أطفالها الثلاثة؛ فليست هناك لعبة مشتركة بينهم، فكل واحد منهم يرغب في لعبة ما، لذلك تقوم في كثير من الأحيان بترتيب رحلات ترفيهية أو زيارات عائلية لينشغلوا باللعب بعيدا عنها.وتشير إلى أنها عندما كان لديها طفل واحد فقط، كان الأمر أسهل في اللعب معه، ولم تكن لديها مسؤوليات كثيرة، فاللعب مع الأطفال يتطلب من الفرد السكينة، وأن يمتلك القدرة على إخضاع الأطفال والسيطرة عليهم ليكونوا هادئين، “لكن الآن أصبح اللعب مع أطفالها أمرا ليس بالسهل”.
الشطرنج مادة إلزامية في المدارس
وترى المرشدة التربوية كارولينا كفوري أن “لعبة الشطرنج من أهم ألعاب الذكاء؛ فهي تساعد في دعم قدرات الأطفال على التركيز بعناية، فمهما كانت قدرات الطفل فلن يمكنه اللعب إلا بالتركيز على كل حركة، وتنمّي القدرة على حل المشكلات والتخطيط وبعد النظر، كما تحسّن قدرات الذاكرة بمعرفة قواعد تحرك كل قطعة، وترفع معدل الذكاء إذ يستخدم اللاعب كلا الجانبين في المخ”.
كما أن الشطرنج يعلم الطفل الصبر أيضًا، وعدم الاندفاع، واستخدام المنطق قبل اتخاذ القرار، إلى جانب أنه يحسّن مهارات القراءة وينمّي القدرة التحليلية، ويتيح التركيز للاعب إذ يتنبأ بالحركة القادمة التي سيقوم بها خصمه. ويتعلم الطفل هذه المهارات وتحفّز اللعبة عقله بينما هو مستمع، وهذا ما يختلف عن الأنشطة التعليمية التي قد يملها الطفل، حسب التربوية كفوري.
وتتمنى كفوري لو يتم جعل الشطرنج مادة إلزامية في المدارس كما في روسيا وأرمينيا أيضا، اللتين يتم تدريسه فيهما منذ عام 2011 من عمر 7 إلى 9 سنوات، نظرا لأهميته القصوى في تنمية الشعور بالمسؤولية والنظام والثقة بالنفس والتفكير الإبداعي وصنع القرار والتخطيط الإستراتيجي.
وتشجع المرشدة التربوية كفوري على تنمية ذكاء الأطفال والمهارات العقلية بتركيب لعبة “البازل”؛ ففيها من الفائدة والتسلية الكثير؛ إذ يزداد إنتاج مادة الدوبامين في الدماغ، وهي المادة المسؤولة عن التعلم والذاكرة أثناء حل أحجية الصور.
وبالتالي، فإن هذه الأحاجي والألغاز تعد تدريبًا مفيدًا للدماغ وتساعد في تأخير الإصابة بفقدان الذاكرة ومرض ألزهايمر والخرف وغيرها من المشاكل، كما أنها تنمي المهارات الحركية والبصرية للطفل.
وتشير كفوري إلى أهمية مشاركة الآباء والأمهات أطفالهم في كل هذه الألعاب وتشجيعهم بشكل مستمر وإعطائهم الوقت الكافي للعب هذه الألعاب المفيدة التعليمية، مما لها من انعكاسات إيجابية في تنمية المهارات الفكرية والحسية والبصرية والإدراكية.
الشطرنج وصفة سحرية
ويؤكد اللاعب اللبناني محترف الشطرنج فادي هلال أهمية هذه اللعبة بوصفها رياضة ذهنية؛ لما لها من دور فعال في إيقاظ القدرات الفكرية والذهنية للأطفال ومساعدتهم على تطوير تفكيرهم المنطقي.
وشدد هلال على أن الألعاب الإلكترونية ووسائل الاتصال الاجتماعي رغم أهميتها في الحياة العصرية فإنها كانت سببا في إجهاد عقول الأطفال حتى وصل بعضهم إلى نقطة العجز عن الاستيعاب وتبلّد النشاط الذهني وفتور الانتباه وعدم القدرة على التركيز، وهذا ما يجعل رياضة الشطرنج الذهنية أشبه بالوصفة السحرية التي من شأنها أن تصنع العباقرة إذا تمّ الأخذ بعين الاعتبار الفوائد الجمّة التي تحققها للصغار والكبار.
فالشطرنج -في نظره- لعبة تسهم في تحويل هذه الطبيعة المرحة إلى نشاط جذاب، وهي أكثر من مجرد لعبة؛ فهي بمثابة تحد أو منافسة ودية مع اللاعب الآخر، وعبارة عن صراع سلمي بين الإستراتيجيات والأفكار.
أهم 3 ألعاب عقلية
ومن مسؤولية الوالدين توفير بعض الألعاب لأطفالهم في عمر من 5 إلى 10 سنوات بعيدا عن الألعاب الإلكترونية، بهدف تنشيط الدماغ، إذ إنها تعطي نتائج مذهلة، ومن أهمها: الشطرنج، وجينجا، والدومينو. وفي ما يلي نبذة عنها:
الشطرنج
تأتي لعبة الشطرنج على رأس قائمة الألعاب التي لها أثر كبير على العقل والنفس والمهارات الحياتية للإنسان، وهي تساعد على تنمية ذكاء الطفل وبناء مهاراته، لأنها تطور لديه القدرة على توقع مشكلات جديدة وإيجاد حلول منطقية لها، ويدمج هذا بسرعة التحرك والتنفيذ مما يكوّن لدى الطفل ذكاء عقليا كبيرا، كما أنها تقوي الذاكرة لأنها تحفز مراكز التذكر في المخ؛ فاللعبة تعتمد أساسا على تذكر كيفية التحرك بكل قطعة، وكيف تختلف الحركات من قطعة لأخرى، وعدد الخطوات المسموح بها في كل مرة.
جينجا
في أوائل ثمانينيات القرن الماضي أحدثت لعبة جينجا ضجة كبيرة بظهورها، فها أنت تقف أمام برج مكوّن من 54 قطعة خشبية، وعليك أن تزيل قطعة واحدة فقط من وسط البرج من دون أن تهدمه، واللاعب الذي يتسبب في هدم البرج بقطعته يخسر.وهي لعبة تعلّم الأطفال التفكير الإستراتيجي، الذي يعتمد على التخطيط والتنبؤ بالمشكلات المتوقعة ووضع حلول مستقبلية لها. وحيث إن اللاعب يقوم بتحليل تحركاته واختيار الحركة التي تحافظ على بقاء البرج قائما؛ فهي تدرب العقل على التفكير المنطقي وتوقع عواقب السلوك قبل القيام به.كما أنها تعلّم الطفل التخطيط، وإيجاد البدائل، وتنمي البراعة اليدوية، وهي أكثر الألعاب إكسابا لمهارات الدقة اليدوية والعقلية، فيجب أن تتحلى بأعصاب ثابتة ويد دقيقة لتسحب قطعة الخشب من وسط البرج من دون أن تقع القطع التي فوقه والمبنية عليه. جينجا تبني في شخصية وعقل الطفل القدرة على حل المشكلات، وتوقعها، والإتيان بحلول مقبولة فعالة لها، وتنمي لديه التفكير التحليلي والدقة في التنفيذ.وهذا كله يعمل على تعزيز أداء الوظائف التنفيذية في المخ، مما ينعكس على الصحة العقلية للطفل بشكل مباشر، إضافة إلى تدريب الطفل على الصبر والتأني، وهي مهارات حياتية يحتاجها للنجاح في حياته، وعلاقاته الاجتماعية.الدومينو لعبة الدومينو من الألعاب التي أخذت طابعا خاصا يجعلها تقتصر في ذهن كثيرين على الرجال فقط، إلا أنها لعبة مسلية للنساء والمراهقين، بل وللصغار أيضا؛ فمجرد أن يتعلم الطفل قواعدها ويبدأ تطبيقها تصبح بمثابة تمرينات عقلية على مهارات التفكير التحليلي وللذاكرة أيضا.
فهي تضع الطفل في إطار واقعي من التداعيات التي تتطلب حل مشكلات، مما يدرب المخ على طرق مختلفة وصحية في التفكير والتحليل للوصول لأفضل حركة واستمرار اللعب.
كما أنها تعتمد دائما على الاختيارات؛ فاللاعب لديه رقمان في النهايتين وعليه اختيار أيهما هو الأفضل لمطابقته واللعب من خلاله. تلك العملية المركبة تعزز مهارات اتخاذ القرارات، وتعلّم صاحبها مهارات الحسم والتوكيد، فهو يقرر وينفذ فورا. بالإضافة إلى أن عمليات اتخاذ القرارات المتوالية تلك تولّد لدى صاحبها ثقة عالية في النفس، مما ينعكس على صحة الطفل النفسية أيضا وليست العقلية فقط.