فتح اطر التعاون ما بين الاردن وبريطانيا
قالت رئيسة وزراء بريطانيا تيريزا ماي التي تزور الأردن حاليا، إن النزاعات في المنطقة، يجب أن يجد العالم حلا لها، فدول المنطقة تواجه التحدي لتوفير أمنها واستقرارها.
وأكدت ماي ان بلادها تدافع عن قيمها في الحرب ضد الإرهاب، ورسائلها واضحة لحلفائها في الأردن ودول المنطقة في هذا الجانب، إذ أنها ستدعمهم حين يواجهون تهديدات أمنية.
وقالت رئيسة الوزراء إن “المملكة المتحدة، تشعر بأن الأردن قريب منها، وبأن هذه الزيارة واحدة من أولويات بلدها لتقوية التزامها بدعم الأمن والسلام في الإقليم كله”.
وأضافت ماي في خطاب ألقته بمتحف الأردن في منطقة رأس العين أمس، إن “بريطانيا تحارب تنظيم داعش، وهذا هو اهتمامها الرئيس”، معتبرة أن التخلص من التنظيمات الإرهابية، أمر مهم لمستقبل الأجيال القادمة.
وأكدت أمام سياسيين أردنيين، بعد لقائها جلالة الملك عبدالله الثاني ورئيس الوزراء هاني الملقي، أن “الهجمات الإرهابية في الإقليم، لا تستهدف الأشخاص بدول الشرق الاوسط فقط، بل وتستهدف البريطانيين أيضا في شوارع بريطانيا”.
وشددت ماي على أن بريطانيا ستقدم لحلفائها، شراكات تتخطى أمن الحدود، وتصل لحل نزاعات المنطقة، مؤكدة أن هذه الشراكات والدعم، تزيدان من مرونة الإقليم في تقديم الإصلاحات الاقتصادية، لخلق الاستقرار والقضاء على مسببات النزاعات.
وحول الشراكة الأمنية بين دول المنطقة وبريطانيا، أكدت ماي أنها ليست جديدة، فلندن فخورة بوجودها في الصفوف الأولى لهزيمة “داعش” في العراق وسورية.
ولفتت إلى أن القوات البريطانية، نفذت أكثر من 1600 ضربة جوية ضد “داعش”، ودربت أكثر من 60 ألف مسؤول وضابط أمني عراقي، وقدمت لهم الدعم اللوجستي.
وأوضحت أنها كانت بالأمس في العراق، كأول رئيسة وزراء بريطانية تزور هذا البلد منذ 9 اعوام، موضحة أن بلادها تؤكد مسؤولياتها كعضو في مجلس الأمن بالأمم المتحدة لدعم استقرار المنطقة.
وبينت أنها كانت واضحة جدا مع رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، بأن بريطانيا ستستمر بدعم القوات العراقية، عبر رصد 10 ملايين جنيه استرليني.
وأشارت ماي إلى تقديم الإصلاحات لبناء الدولة العراقية القوية، مشددة على أن العلاقة بين الحكومة العراقية والأكراد، تسير على الطريق الصحيح لتوحيد العراق.
ولفتت إلى إلى أن دعم بلادها، يشمل أيضا القوات الأردنية للقضاء على الهجمات الإرهابية، والتزامها بأمن الأردن.
ولفتت إلى أن العام الحالي شهد 4 تمارين عسكرية بين القوات الأردنية والبريطانية مع وجود أكثر من 4 آلاف ضابط بريطاني في الأردن، وأكثر من 50 ألف عسكري أردني يخوضون هذه التمارين.
وأكدت ماي أن الضباط الأردنيين لهم صولات وجولات في المفرق والمخيمات للحفاظ على الأمن، موضحة أنها وفي زيارة سابقة في نيسان (إبريل) الماضي، التقت جلالة الملك، وأعلنت عن دعم إضافي لتعزيز ودعم هذه القوات.
ولفتت إلى أن بريطانيا، استثمرت في دمج القوى البرية والجوية، ودعمت الاستخبارات الأردنية وساعدت الأردن في تحقيق طموحه بنظام أمني وطني شامل، كما عملت على تطوير تعاون شرطي مع عمّان.
ورحبت بالاستراتيجية الأردنية لمكافحة الأرهاب، مثنية على جهود الملك في مواجهة التطرف.
وتحدثت ماي عن أهمية استخدام الإنترنت في محاربة الإرهاب، داعية الشركات التقنية لتطوير ذلك، مثمنة موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”، لاستخدامه الذكاء الاصطناعي لمحاربة الجماعات الإرهابية.
وشددت على مواجهة التهديدات، وتجنب أي هجمات إرهابية كما حصل في مسجد بشبه جزيرة سيناء المصرية الأسبوع الماضي، والذي راح ضحيتها أكثر من 300 مسلم.
وأكدت أن المملكة المتحدة، تلمس التهديدات التي يفرضها الوضع السوري على الأرض الأردنية، مشددة على أن الأردن يمتلك احترام العالم بأسره، لما ابداه من تعاطف وإنسانية جهة مئات آلاف اللاجئين السوريين الذين هربوا نحوه بسبب الحرب في بلادهم.
وأوضحت ان جلالة الملكة رانيا العبدالله، قالت في وقت سابق، إنه بدون هذا التعاطف، فإن الأردن سيفتقد للأسس الإنسانية.
وأكدت ماي فخرها، بأن بريطانيا ساعدت الأردن ماديا بأكثر من 3 مليارات دينار أردني، لبناء منشآت صحية وغيرها، لافتة إلى ان بريطانيا استثمرت 5 مليارات جنيه استرليني، لتقديم دعم لملايين ممن هم بحاجة للمساعدة.
وشددت على أنه من الضروري الوصول لحكومة جديدة في سورية، تؤمن الحماية للسوريين، معتبرة أن حكومة الرئيس السوري بشار الأسد لا يمكن لها المطالبة بالشرعية، بعد ان رأى الجميع تعاونها مع إيران التي تريد الحصول على قطعة لها في سورية.
وبالنسبة للتهديدات الإيرانية؛ دعت ماي لتعزيز موقف دول الإقليم من الصواريخ الإيرانية التي تهدد أمنها، وهذا الأمر ظهر جليا في اليمن عبر محاربة الحوثيين المدعومين من طهران.
وشددت على أنه وخلال لقائها ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، اتفقا على العمل المشترك بين السعودية وبريطانيا، لوقف التمدد الإيراني في المنطقة، ومنع وصول الصواريخ النووية للحوثيين.
وأكدت ماي أن اليمنيين مهددون بالمجاعة وعدم الحصول على الدواء والغذاء في ظل غياب أمنهم، لافتة إلى أن بريطانيا، ثالث أكبر متبرع دولي لليمنيين، وقد خصصت لهم 170 مليون جنيه استرليني العام الحالي.
وحول القضية الفلسطينية؛ أكدت ماي أن بريطانيا معنية كثيرا بإيجاد حل للدولتين، لإنهاء معاناة ملايين الفلسطينيين، ضمن دولة موحدة إلى جانب دولة إسرائيلية آمنة.
وقالت إن سكان المنطقة يزيدون على نحو كبير، وان أعمار 50 % منهم أقل من 24 عاما، كما وصل عدد سكان الأردن الى نحو 10 ملايين نسمة، بينهم 10 % تحت سن الـ15 عاما، ما يؤدي للضغط على البنى التحتية، وعدم الاستقرار، ما يوفر بيئة لزيادة التطرف.
وشددت على أن بريطانيا، ستدعم الإقليم لخلق فرص وظيفية للشباب عبر شراكة مستدامة لدعم المرونة الاجتماعية والتعليم والقطاع الخاص، للاسهام بتعزيز رؤية المملكة 2025.
وأكدت ماي التزام دولتها بـ94 مليون جنيه استرليني، لدعم الاقتصاد الأردني و6 ملايين أخرى، لدعم البنى التحتية والتعليم، مبينة ان التحدي الذي يواجه الأردن والإقليم هو الأعظم حاليا.
وأشارت الى انها على قناعة، بأن الأردن سيستطيع مواجهة كل التحديات، فبريطانيا ستبقى شريكا للمنطقة، يمكن الاعتماد عليه في أي وقت.
وزير التخطيط والتعاون الدولي عماد فاخوري؛ أكد أن الشراكة الأردنية البريطانية استثنائية، مبينا أن الأردن والمملكة المتحدة، يراعيان القضايا الإقليمية والعالمية الهامة، ويشتركان في القيم والالتزامات، وتعزيز السلام والأمن والاستقرار، الى جانب مكافحة التطرف والإرهاب.
وقال فاخوري إن زيارة رئيسة وزراء بريطانيا الثانية للأردن، تأتي وسط ظروف إقليمية مضطربة، لم يسبق لها مثيل، ما يستلزم إقامة علاقات أوثق من أي وقت مضى، تماشيا مع التعاون المشترك والمستمر مع بريطانيا والذي بدأ منذ أكثر من قرن.
وأضاف أن القوات المسلحة الأردنية – الجيش العربي، ما تزال تقف في طليعة الجيوش المشاركة بالمعركة العالمية ضد “داعش” وغيرها من الجماعات الإرهابية، وبالتالي فإنها تسهم بالأمن والاستقرار، ليس فقط للأردن بل وللمنطقة والمجتمع الدولي ككل.
وبين فاخوري أن الشراكة البريطانية الأردنية، لا تقتصر فقط على الجوانب الأمنية والعسكرية ذات الصلة، كما أن الأردن ممتن لروابطه الاقتصادية مع بريطانيا، ودعمها المستمر، كاعتراف بدوره المحوري، بوصفه صوت الاعتدال والإيمان، والحوار بين الحضارات.
وأعرب فاخوري عن تقدير الأردن للدعم البريطاني، الذي اعتمد عبر اتفاق تحويل تحدي اللاجئين لفرص تنموية اقتصادية (كما أقرت في لندن قبل عامين تقريبا)، ما سمح للأردن وشركائه الدوليين، بعمل كبير في دعم اللاجئين السوريين والمجتمعات المضيفة، وأجندة التنمية في الأردن.