فيصل الشبول يكتب: سوريا
انجاز : كتب الزميل : فيصل الشبول
تعلن المعارضة السورية من الميدان اسقاط نظام الرئيس بشار الاسد .غادر الرئيس فجراً،أم قبل فجر سابق ليس بالأمر الأهم .
يقتلع السوريون ،في استعادة لمشاهد سابقة من منطقتنا تمثال حافظ الاسد ، وليس تمثال بشار فحسب . ينهون نظاماً دام 54عاماً تقريبا ً.
قبل تولي الاسد الأب مقاليد الحكم في انقلاب عسكري سمي لاحقاً بالحركة التصحيحية ،عاشت سوريا حالة دائمة من حالة عدم الاستقرار السياسي والأمني .
حكمت سوريا 23 حكومة ونظاماًعلى مدى 46عاماً(بعضها غادر وعاد للحكم مثل فوزي القاوقجي ).معظم تلك الحكومات كانت جراء انقلابات وثورات ودم .
كلفة الحكم خلال 13 عاماً،منذ اندلاع اول احتجاجات في الجنوب السوري عام 2013 ،عالية ومدمرة .كل الاطراف المحلية والخارجية ادعت الحفاظ على مصلحة سوريا والسوريين .
تحالف النظام مع اطراف ثلاثة:روسيا وايران وحزب الله.
وقال الرئيس السوري السابق في خطاب ان الارض ستكون لمن يدافع عنها .
غير ان اياً من الاطراف الثلاثة،بات اقوى من النظام نفسه، بمعنى ان النظام السابق لم يعد قادرا ًعلى اخراج اي منها ان قرر تغيير قواعد اللعبة او التحالفات ،او حتى المصالحات .
اكثر من سبعة ملايين سوري لجأوا الى دول الجوار …الاردن ولبنان والعراق وتركيا من دون ان يسمعوا ما يطمئنهم بالعودة الأمنة الى وطنهم بعفو دون شروط .
على حدود يزيد طولها عن 900 كيلو متر، لعبت تركيا دوراً مؤثراًعلى مدى عقد ونيف ،واستقبلت اكثر من ثلاثة ملايين لاجئ سوري .
وفي شرق الفرات يتحصن الاميركيون وقوات متحالفة معهم يراقبون ما يجري غربي النهر ويكرسون واقعاً مختلفاً ستتبدى اثاره لسنوات طويلة آتية .
في التصريح التطميني الصادر عن زعيم المعارضة السورية المسلحة لمواطنية ،ما يوحي بنبذ الدم .غير ان الدم لن يستبعد من المعادلة .
الجيش السوري لم يدخل المعركة ،اذ سقطت المحافظات السورية واحدة تلو الاخرى في غصون ايام .
غير ان للدم منابع اخرى . لن تكون رغبة الانتقام من هذا الفصيل او ذاك وحدها مصدراً للدم ،اذ ستتكشف الكثير من التفاصيل …من ارث دام 54عاماً،ومن تحالفات خارجية عبثت بالداخل السوري … ومن امراض استعصت وربما لا تنفع معها سوى الجراحة .
تبخر الوجود الايراني في غصون ايام ،وتبخر حزب الله الا فيما نذر. بقيت في سوريا قوتان خارجيتان تعلنان عن نفسيهما بوضوح…الولايات المتحدة شرقي الفرات والروسيةغربه .وبقيت طموحات اقليمية ،تركيا المجاورة والنفوذ الايراني سورياًولبنانياً.
بالنسبة لنا ،كاردنيين ،فآمالنا وتمنياتنا ومصلحتنا واضحة :
نأمل بالا تطلق رصاصة واحدة في سوريا ،نريد ان نرى سوريا موحدة ومتصالحة وآمنة ومستقرة بارادة اهلها ،واهلها وحدهم .
قد تبدو الآمال شبه مستحيلة في الوقت الراهن وعلى مدى الشهور المقبلة ،فثمة حسابات صعبة وتشظيات وقعت عبر الزمن وبفعل فاعل او فاعلين .فقد كثر اللاعبون والعابثون في سوريا .
نحلم بان تستقر حدودنا على طول 370كيلو متراً والا نواجه اي تهديد بالمخدرات والسلاح .نريد ان نرى عودة طوعية آمنة للاشقاء السوريين .اما ترسيم الحدود فتلك مسألة علقها النظام السابق لعقود ،وليست مسألة مستعجلة الآن .
ويبقى العامل الاكثر تهديداً للاستقرار السوري وهو اسرائيل وعدوانها واطماعها والخشية من استغلالها للوضع الراهن ،بعدوان جديد لتكريس واقع يخلق المزيد من الفوضى ليس في سوريا فحسب بل وفي المنطقة عموما ً.
أما الاشقاء العرب ، الذين وضعوا الازمة السورية منذ بداياتها في عهدة المجتمع الدولي ،فعليهم الا يضيعوا الفرصة مرة اخرى .ان يعلنوا بكل وضوح دعمهم للدولة السورية ،للشعب وللمؤسسات سوريا للسوريين وحدهم …سوريا عربية .