قفزات الكترونية في التزوير القضائي
في البدء كان الظن أن القفزات الإلكترونية الضخمة التي حققتها البشرية ستفعل فعل السحر بحجم المعلومات المقدمة للعامة.
خاب الظن، بعد أن انقلب سحر البشرية عليها. عمليات التزوير الفضائي أكبر من ان يجري رصدها او ملاحقتها.
بكبسة زر، لك أن تتخيل ما يمكن أن يفعله مراهق ‘يلعب’ بسمعة شخص. وبالوثائق أيضا.
في السابق، كان الأمر بحاجة إلى ‘ختم خشبي’ يجري سرقته من أحد المؤسسات الرسمية أو تزويره. اليوم سيتكفل الفوتوشوب بالمسألة كلها.
‘برنامج’ يمكنك أن تحمّله بأصبعين. تحرك كفك، قليلا. فإذا بجريمتك مكتملة الوثائق.
ذلك يحدث اليوم لرئيس الوزراء الاسبق سمير الرفاعي، حتى اضطر الرجل الى فتح صفحة على الفيسبوك ليمنح فيها الناس حقهم في الحصول على المعلومات. يسألونه فيجيب. لكن ما الذي سيجري بعد ذلك؟
سيكون على الرفاعي الإجابة باستمرار عن الأسئلة نفسها، فيجيب ويمنح السائل ما يريد من معلومات. لتهدأ المسألة قليلا ثم يعاد حكّها من جديد فتتورم.
هذه المرة سيُستخدم أصبع الفوتوشوب ورقة الكترونية، ويكتب عليها انها من ‘ويكيليكس’. ومن دون ان يتثبت الناس وقلّما ما يفعلون ذلك، سينشرون كلاما، تؤكد المعطيات التاريخية نفيه.
في السابق، كان عليك ان تقطع مئات الكيلومترات لتفتك بسمعة أحدهم، في عمليات يدوية متعبة. اليوم لن تضطر حتى الخروج من غرفة نومك.
لا شيء معقد في الانفجار الفضائي هذه الايام. حتى الصوت يمكنك أن تزوره كما تشاء. المسألة فقط بحاجة إلى جمهور مستعد للخديعة.
اليوم بأمكانك حتى أن تنتحل الشخصيات وتجعلها تقول ما تريد. افتح صفحة لها على الفيسبوك، وقل عنها ما تريد ان تقول. فعلها البعض برئيس مجلس النقباء بعد نجاحات احتجاجات الرابع. حينها كتب من لفّق صفحة على الفيسبوك باعتباره نقيب الاطباء الدكتور علي العبوس انه مستعد ان يتسلم وزارة الصحة، وان يديرها بصورة جيدة.
حينها ضج الناس وقالوا انه مستوزر، قبل ان يدرك القوم ان الصفحة ملفقة، وان هدفها التشويش، والخداع.
فعلوا ذلك بسياسيين. سياسيون قالوا انهم لا يملكون صفحات على التواصل الاجتماعي. لكن هذا لا يهم. فالمهم حالة التلفيق التي ستنتشر سريعا. اننا امام جحافل من الناس متسعدة للخديعة حتى لو قلت لها ان العنزة تطير وانك رأيتها بأم عينك.