مبادرة : حتى تستمر الصحافة
انجاز – حازم الخالدي
لا يخفى الآن ما تتعرض له الصحافة الورقية من منافسة شديدة من الفضائيات والاعلام الالكتروني ومواقع التواصل الاجتماعي،جعلها تواجه تحديات كبيرة للخروج من الأزمة والنهوض من جديد،حيث بدأت العديد من الجهات تتنبه لهذا الأمر؛ سواء مؤسسات رسمية أو أهلية أو من الصحفيين أنفسهم، الذين يهمهم المحافظة على المهنة من الاندثار، بعد أن بقيت صامدة وقوية لسنوات تشكل أهم دعامة من دعائم الاستقرار للدولة ، وعنصرا مهما في عملية التنوير.
إننا إذا اردنا المحافظة على بقاء الصحافة الورقية،علينا أن نفكر جديا في مواجهة هذه الأزمة كحكومة أولا،ومن ثم المؤسسات الصحفية، فلو سقطت الصحافة الورقية؛ فإن الدولة تحتاج إلى منبر اعلامي لتنقل رسالتها الى شعبها والى العالم، فهل يعقل أن نصل إلى مرحلة تخاطب فيها الدولة شعبها من الخارج ،بعد أن اصبحت هناك منابر اعلامية في ظل الثورة التكنولوجية لمؤسسات وهيئات وتنظيمات لا نعرف طبيعتها تخاطب عبرها العالم باسره، فلو اهتزت الصحافة الورقية، فلن نستغرب أن نصل إلى هذه النتيجة المرة.
إن على الحكومة أن تدرك أن الإعلام يرتبط بكل مناحي الحياة ومختلف مجالاتها وركيزة أساسية في بناء الدولة،ومن مقومات السيادة الوطنية،وبدونه ستعيش الدولة في فراغ، ولن تستطيع أن تحقق التنمية ولن تتفاعل مع التحديات المحلية والاقليمية والعالمية ، والدول التي تنبهت لمثل هذا الأزمات وبأن هذا العصر الذي نعيش هو عصر الاعلام،بادرت الى المحافظة على صحافتها من خلال وضع استراتيجيات إعلامية أساسها تعديل القوانين ودعم الصحافة الورقية ماديا، وتخفيف القيود عليها باعفائها من الضرائب وزيادة أجور الاعلان والاهم دعمها ماليا.
إن الحكومة تتجاهل الصحافة وما تعانيه من ازمات،ولم تعد تلتفت الى ما تعانيه من مشكلات على صعيد التوزيع والضرائب وأجور العاملين ونقص التدريب،فهناك صحف اردنية أغلقت وصحف واجهت أزمات داخلية، وبعض الصحف لا تعرف مصيرها ، دون أن تتحرك الحكومة ،وكأن هذه الصحف لا تُنطق بأسمها ،أو تتفاعل مع انشطتها وبرامجها، ولم تكن يوما عنصرا من عناصر قوتها…لجأت اليها في الكثير من المواقف ،وما تزال تقف للدفاع عنها وتثبث دعائمها ..
إن المطلوب في هذه المرحلة أن نضع الاوليات لترتيب البيت الإعلامي والخروج بمبادرة وطنية لدعم الصحافة الورقية، التي ظلت عبر مختلف السنوات تعتمد على ذاتها وبدون اي دعم مالي محلي أو خارجي،إذ على الحكومة أن تبادر:
– الغاء ضريبة المبيعات على الاعلانات في الصحف اليومية والتي تصل الى 16 بالمائة وهي ضريبة تؤخذ من المواطن وتذهب الى الدولة ،وهي ضريبة لا تسفيد منها الصحف،وبهذا الاجراء نشجع المؤسسات والهيئات على زيادة المساحة الاعلامية في الصحف، والتي يمكن أن تستفيد من الصحافة الورقية وبالتالي تعود بالفائدة على العاملين فيها.
– زيادة اعداد الاشتراكات للمؤسسات الحكومية في الصحافة الورقية،من خلال التنسيق مع دائرة اللوازم العامة،بحيث تتناسب الزيادة مع ما تقدمه الصحافة الورقية من خدمات اعلامية لهذا المؤسسات.
-ايجاد آلية قانونية لتحصيل المبالغ المترتبة للنقابة من نسبة الواحد بالمائة من قيمة الاعلان على الفضائيات والاذاعات والمواقع الالكترونية التي ينطبق عليها قانون نقابة الصحفيين.
– تعيين ناطقين اعلاميين في المؤسسات والهيئات الرسمية والاهلية من أعضاء نقابة الصحفيين الاردنيين،وبذلك يمكن فتح فرص جديدة للعاملين في الصحافة في هذه المؤسسات.
– دعم صناعة الإعلام والتخفيف من الكلف التشغيلية لهذا القطاع الهام ،باعفاء مدخلات الانتاج للصحافة الورقية من الضرائب او تجميدها لمدة خمس سنوات على الأقل،وهناك تجارب مماثلة باعفاء القطاع الزراعي من الضرائب .
إن تقوية الصحف الورقية يعني تقوية نقابة الصحفيين والعاملين فيها،بحيث تنعكس المبالغ المالية المحصلة على الصحفيين أنفسهم من خلال تثبيتهم في وظائفهم وتحصيل رواتبهم دون نقطاع،وزيادتها،وكذلك زيادة مجالات التدريب لهم سواء محليا أو خارجيا لتطوير مهاراتهم وقدراتهم الصحفية ،وهذا جزء أساس من عمل النقابة وأهدافها فالامكانيات القوية للنقابة تعود دائما على أعضائها،الذين يحتاجون الى الاستقرار الوظيفي والمادي.
وقد تفهمت نقابة الصحفيين ما تعانيه الصحف من ضائقة مالية وتراجع في قيمة المبيعات والاعلانات وتحاول مساعدتها والوقوف معها بشتى الطرق،وهي لا تستطيع ان تستمر في هذا الدعم وخاصة بعد ان وصلت المبالغ المستحقة على الصحف اليومية لصالح النقابة الى اكثر من نصف مليون دينار،لايمكن تحصيلها دون اعادة الاعتبار للصحف الورقية وتقديم الدعم لها.
وحتى لا نصل الى مرحلة لا تحتضر فيها الصحافة الورقية ،فإن ذلك يستدعي الخروج بمبادرة وطنية لدعم الصحافة الورقة بمشاركة كل المعنيين من الحكومة ونقابة الصحفيين والمؤسسات الاعلامية وأصحاب الصحف وغيرها من المؤسسات المعنية ،وان تشكل لجنة خاصة لمتابعة هذا الموضوع من أعضاء من النقابة وممثلين على الصحف اليومية .
أمين سر نقابة الصحفيين الأردنيين