انجاز: دعا نائب رئيس الوزراء الأسبق الدكتور ممدوح العبادي، الى الانفتاح على الاتفاق السعودي الإيراني لما له من فوائد اقتصادية وسياسية على الأردن، مطالبا باعادة السفير الأردني لطهران.
وطالب العبادي في ندوة استضافها معهد الشرق الاوسط للإعلام والدراسات، بعنوان “الاتفاق السعودي الإيراني .. من الرابح ومن الخاسر؟”، من الأردنيين دعم هذا الاتفاق والانفتاح عليه، حيث سيعود بالفائدة تجارياً واقتصادياً، معتبراً أن السعودية وإيران والصين هم الرابحون وأمريكا والغرب هم الخاسرون.
واضاف ” بعد 5 جولات في العراق وعُمان ظهر الدخان الأبيض من الصين، في إشادة لما تقدمه السعودية من تحركات في المنطقة، وسط وضعية جيوسياسية متميزة باطلالها على أكبر ممر للنفط على الخليج العربي، ووجود جناحها الأيمن المصدر الأكبر للنفط، وتوجه ملياري مسلم لمكة المكرمة عند الصلاة”.
وأضاف العبادي أن الاتفاق سينعكس على سوريا بالدرجة الأولى، وعلى لبنان ثانياً، والجائزة الكبرى ستكون وقف الاستنزاف في اليمن وانهاء الحرب فيها، فيما وصف البحرين بأحد أكبر المستفيدين.
وحول انعكاس الاتفاق على الأردن، أوضح العبادي أن الشارع الأردني وعدد من السياسيين طالبوا بإعادة العلاقات مع إيران وإرسال السفير الأردني إلى طهران فوراً، خاصة وأن السبب الرئيسي لسحب السفير الأردني من هناك كان الاعتداء الذي وقع على السفارة السعودية في طهران، كما أن معظم الدول الخليجية أعادت سفراءها.
وأكد العبادي أن الانفتاح الأردني على هذا الاتفاق بالوسائل الدبلوماسية المتعارف عليها، سيفتح الباب وبطريقة إيجابية على عمّان مع سوريا والعراق، مشيراً إلى أن عملية استيراد النفط العراقي ستكون أكثر سلاسة.
ونوه العبادي لزيارة نائب وزير الدفاع الأمريكي للأردن الأخيرة والتي قالت فيها أن الأردن شريك وحليف، معتبراً أن العلاقة إذا ما كانت بهذه الصورة يجب أن تكون أكثراً عدلاً لمساعدة هذا الشريك والحليف، خاصة أن مشكلة الأردن اقتصادية وليست أمنية في الوقت الراهن.
وتطرق العبادي الى معاناة الأردن من إغلاق الحدود استيراداً وتصديراً مع سوريا بسبب قانون قيصر معتبراً الأردن الأكثر تضرراً من هذا القانون، متمنياً مساعدة الحليف والشريك الأمريكي في إعادة اللاجئين السوريين إلى بلادهم والبالغ عددهم 1.7 مليون خاصة وأن غالبيتهم من الجنوب السوري وهي منطقة آمنة الآن.
واضاف ” شارك هذا العدد الأردنيين في المياه الشحيحة والقطاع الطبي الذي يعاني وحتى في العمالة”، مطالباً الحكومة الأردنية بمعاملة العامل السوري كالمصري والوافدين وكلهم أشقاء.
وأشار العبادي، بأنه يتمنى أن تكون إيران نووية والسعودية ومصر نووية أيضاً، فاسرائيل منذ 60 عام تملك سلاح نووي ولم يؤشر عليها أحد.
بدوره، قال الخبير الامني الدكتور عمر الرداد، ان السياقات المؤسسة للاتفاق السعودي الايراني، تتمثل في ان طهران تعيش تحرّكات شعبية داخلية أرهقت الحكومة والقوى الأمنية، تُضاف إلى اقتصاد منهكٍ بعقوبات غربية شلّت عجلة الاقتصاد، وانعكست سلباً على حياة المجتمع الإيراني الذي يرزح أساساً مع حكومته تحت ضغوط غربية، إثر تعثّر المفاوضات النووية مع مجموعة 5+1 في فيينا، وزادت الضغوط عندما لوّحت إسرائيل باللجوء إلى القوة لوقف المشروع النووي الإيراني ومشروع الصواريخ الباليستية والطيران المسيّر الذي دخل الحرب الأوكرانية إلى جانب الروس، الأمر الذي زاد من غضب الغرب المتحفّز لفرض عقوبات جديدة على إيران، بما فيها عقوبات بعد قضية مهسا اميني وتداعياتها .
وثاني السياقات بحسب الرداد، تمثل بتعزز شعور ايران لا سيما بعد انكشاف دورها في الحرب الأوكرانية بوقوفها الى جانب روسيا عبر الطائرات المسيرة، وتعزيز علاقاتها مع الصين ، وتعثر المفاوضات النووية ، بتصاعد احتمالات توجيه ضربة عسكرية لها، قد تكون مقدمة لاسقاط النظام ، وموكد ان طهران تراهن على أنّ الاتفاق سيضمن تحييد الرياض لأنّها لن تكون ورقة في تصعيد يتم التحضير له، وسيحرم إسرائيل من إستغلال أراضي السعودية لشن هجوم جوي ضد المنشآت النووية الإيرانية.
وتابع : لا يمكن اغفال التنافس الأمريكي الصيني ، والاتفاق رسالة صينية ناعمة، بدخولها دبلوماسيا وبقوة في مناطق نفوذ في الشرق الأوسط وفي جغرافيا لطالما تم اعتبارها من قبل الولايات المتحدة غير خاضعة للتنافس، من اية قوى دولية كانت، ورغم ذلك فهناك الكثير مما يمكن ان يقال في الموقف الأمريكي، بما في ذلك منح الاتفاق فرصة ولو بغطاء صيني.
وحول سيناريوهات مالات الاتفاق، قال الرداد ان السيناريو الأول افشال الاتفاق، الذي لا يصب الاتفاق في مصلحة الإدارة الأميركية والدول الغربية ، لما كرسه من دور صيني جديد قد ينعكس على موازين القوى بين الدول الكبرى في الشرق الأوسط، خصوصاً أن الإعلان عن الاتفاق والرعاية الصينية جاء في توقيت غير مناسب ولا ينسجم مع مسار الضغوط المتزايدة على إيران على خلفية دورها في الحرب على أوكرانيا.
واضاف ” كما ان الشكوك التاريخية بالتزام ايران بالاتفاقات التي توقعها بما فيها الاتفاق النووي عام 2015، ستكون ضمن هذا السيناريو، لا سيما وان رهانات كثيرة ظهرت عبر الاعلام الأمريكي والاوروبي تشكك في إمكانية التزام ايران بالمصالحة مع السعودية، وان الاتفاق مجرد خطوة تكتيكية من ايران وانحناءة مؤقتة، امام عواصف وتحديات داخلية وخارجية، أصبحت تهدد النظام الإيراني وجوديا”.
وبحسب الرداد سيكون السيناريو الثاني، تحقيق نجاحات في الاتفاق، خاصة ان هناك الكثير من الرهانات المشروطة لتفكيك وحلحلة أزمات إقليمية لإيران دور فيها وعلى رأسها: الأزمة اليمنية، والأزمة اللبنانية ، بالإضافة للملفين السوري والعراقي، لا سيما وان هناك تيارا في النخبة السياسية بالعراق يرى ” وبدعم امريكي” ضرورة الموازنة بين علاقات العراق مع ايران ومع الدول العربية وعلى راسها السعودية، فيما دخلت السعودية على خط المصالحة مع القيادة السورية، وبتوقيتات لا يمكن عزلها عن توقيت الاتفاق مع طهران، ومع ذلك تبقى تطورات الملف اليمني الاختبار الأول لللاتفاق دون التقليل من أهمية الملفات الأخرى.
وخلص الرداد، الى ان هنالك جوانب سرية في الاتفاق لم يعلن عنها من بينها اتفاق على تقسيم اليمن، يمنح الحوثيين دورا سياسيا واقتصاديا، مقابل أن تمنع إيران المليشيات الموالية لها من تهديد السعودية أو شن هجمات على منشآتها النفطية، ومن المؤكد ان هناك بنودا سرية أخرى تتعلق بساحات العراق وسوريا ولبنان، ستظهر ملامحها تباعا.
واكد الرداد ان السعودية لن توقف مناقشاتها مع الولايات المتحدة حول “التهديد الأمني” الإيراني، وستواصل التنسيق مع واشنطن بما يقدم دليلا على انها توازن علاقاتها مع القوى الدولية، وانها ما زالت ملتزمة بعلاقات استراتيجية مع الدولة الامريكية العميقة.
وتابع: رغم ذلك فانه لا يمكن اغفال تلك الآمال والتوقعات بإمكانية نجاح الاتفاق ، رغم ان غالبيتها تستند لمرجعيات عاطفية ، ودون ان يعني ذلك اغفالا لتحولات دولية وإقليمية عميقة ، لم تتبلور بصورتها النهائية، ويبدو انها تضرب بالعمق أفكارا وموقف وتصورات قارة ، في النظام الدولي، من المؤكد سيتم بلورتها في ضوء التسوية الكبرى التي ستشكلها مالات الحرب في أوكرانيا.