انجاز _ ما تزال المرأة حول العالم، والأردن تحديداً، تواجه مخاطر متصاعدة في كثير من القضايا؛ كمحدودية الوصول إلى التعليم، والنقص في الخدمات والتغطية الصحية والتمييز بين النساء والرجال، وعمل الرعاية غير مدفوع الأجر، وارتفاع معدلات الفقر، وزيادة أوجه الضعف والتأثر عند التقدم في السن نظراً لغياب نُظم الحماية الاجتماعية الكافية والمناسبة.
في ضوء ذلك، ولفهم أعمق وأكبر لاحتياجات النساء والفتيات الأردنيات، ومدى نجاعة برامج الحماية الاجتماعية في التخفيف من هذه المخاطر والتصدي لها، عقدت شبكة نساء النهضة في منظمة النهضة العربية للديمقراطية والتنمية (أرض)، لقاء الطاولة المستديرة وإطلاق ورقة السياسات: “نحو أجندة حماية اجتماعية مراعية للعدالة الجندرية في الأردن”، الثلاثاء 12 أيلول/ سبتمبر 2023.
وشهد اللقاء الذي أدارته المديرة التنفيذية للنهضة العربية (أرض)، سمر محارب، إطلاق مذكرة سياسات حول نظم الحماية الاجتماعية في الأردن ومن ضمنها: الضمان الاجتماعي، والأطر القانونية، وصناديق المعونة والزكاة، والرعاية الصحية، والتحديات التي صاحبت كوفيد-19 وغيرها من القضايا، وذلك في إطار محور الحماية الاجتماعية الشاملة في مركز النهضة الفكري في منظمة (أرض).
وبحسب محارب، فإن “ملف الحماية الاجتماعية نال في زمن جائحة كورونا، اهتماماً واسعاً بين الأوساط الحكومية والمدنية والحقوقية؛ لمعرفة السبل الانجح في التصدي للأزمات وتداعياتها، حيث كانت الاستجابة وقتها متباينة في مختلف دول المنطقة”، مؤكدة أن منظومة الحماية الاجتماعية وتحسين جودتها مطلوبة “في أوقات السلم والحرب”.
وبييت محارب أولوية ملف الحماية الاجتماعية وأهميته للمرأة، داعية إلى ضرورة فتح حوار بين كافة الجهات نحو الحماية الاجتماعية الشاملة، الأمر الذي يتطلب تحول نماذج العمل الحالية من آليات التخفيف من الفقر أو الإغاثة القائمة على الأعمال الخيرية، إلى آليات حماية اجتماعية حقيقية قائمة على الحقوق وتشمل جميع الأفراد في المملكة.
من ناحيتها، تطرقت د. ماريا لوغرونو مستشار رئيس للوصول إلى العدالة والحماية الاجتماعية الشاملة في مركز النهضة الفكري، إلى قضايا عديدة تواجه المرأة الأردنية من قانون الجنسية والضمان الاجتماعي، وعدم وجود قوانين مخصصة لرضاعة الأطفال، مشددة على أن الحماية الاجتماعية يجب أن تكون شاملة كافة المراحل العمرية منذ الولادة وحتى الوفاة.
ودعت إلى ضرورة أن تكون المرأة في محور التخطيط وإصلاحات سياسات الحماية الاجتماعية، الأمر الذي تبرز أهميته بشكل خاص حالياً لما لأنظمة الحماية الاجتماعية في الأردن والمنطقة من أهمية. وبحسب الدكتورة لوغرونو فإن النساء والفتيات هن الفئات الأكثر تضررا، مع الإشارة إلى أن 26% فقط من النساء العاملات حول العالم مسجلات في الضمان الاجتماعي. واعتبرت أن الوقت قد حان لتوفير الأمن والمزايا المستحقة للنساء ليس فقط للنساء في سوق العمل الرسمي، ولكن أيضًا للعاملات في القطاع غير الرسمي وأعمال الرعاية لأفراد أسرهن. مع اقتراح معاشات الأمومة ومعاشات التقاعد الشاملة كتدابير يمكن أن تضمن الحد الأدنى من الدخل في الأوقات التي تكون فيها المرأة في أمس الحاجة إليها.
أما، د. سناء الجلاصي، المستشار الرئيس للعدالة الجندرية والشباب في مركز النهضة الفكري، فلاحظت عدم توفر معلومات وأرقام بما يتعلق بملف الحماية الاجتماعية للمرأة، متساءلة في هذا الإطار هل تتمتع النساء بالحماية اللازمة في الأوقات الصعبة؟ فخلال أزمة كورونا كانت النساء هن المسؤولات وبشكل كامل عن توفير الرعاية لأسرهن، وفقاً للجلاصي، التي أكدت ضرورة المراجعة الدورية لأنظمة الحماية الاجتماعية في المنطقة العربية لضمان وصولها للجميع بشكل متساوٍ.
ولفتت الجلاصي إلى أن غياب المحاسبة يؤثر بشكل كبير على رفعة الأنظمة المحيطة بالمرأة. كما ذهبت إلى أهمية إيجاد آليات لضمان وصول المرأة إلى سوق العمل بطريقة أسهل وأكثر مرونة وسد الفجوات، خاصة بعد الزواج أو الإنجاب. وبرأييها “لا حديث عن عدالة اجتماعية، دون تحقيق العدالة بين الرجال والنساء، وحماية الفئات الأقل رعاية”.
حيث تعد الحماية الاجتماعية “مجموعة من السياسات والبرامج التي تهدف إلى القضاء على الفقر والاستضعاف والاستبعاد الاجتماعي، أو حماية جميع الأشخاص من ذلك طوال سنين حياتهم”، حيث تقترح في هذا السياق التحرك بعيداً عن نُهج الحماية الاجتماعية وأساليبها الضيقة وذلك من خلال تضمين التحويلات الأساسية في باقة أوسع من السياسات الاجتماعية والاقتصادية بهدف إيجاد وظائف أكثر وأفضل للنساء، وتقليص عبء أعمال الرعاية والأعمال المنزلية غير مدفوعة الأجر وإعادة توزيعها.
وكذلك البناء على البرامج الهادفة من أجل إنشاء مخططات شاملة من شأنها الحيلولة دون الوقوع في أخطاء الاستبعاد والوصم، لاسيما للنساء من الفئات الفقيرة والمهمشة، فضلاً عن تجنب تقييد التحويلات النقدية بشروط تزيد من أعباء الرعاية غير مدفوعة الأجر التي تتحملها المرأة، ودمج عناصر مستجيبة لاعتبارات العدالة بين الرجال والنساء مثل مرافق الرعاية النهارية الميسرة للأطفال وكبار السن وذوي الإعاقة (الذين تقع مسؤولية رعايتهم في الغالب على عاتق النساء في سن العمل).
كما أوصت مذكرة السياسات بضمان تطبيق إجراءات مستجيبة لاعتبارات العدالة بين النساء والرجال من خلال آليات فعالة للرصد والشكاوى، بما في ذلك عمليات المراجعة الاجتماعية التشاركية التي تشمل منظمات حقوق المرأة، وصولاً إلى أهمية إجراء تقييمات تُحلل العوامل التي تؤدي إلى استبعاد المرأة وتعيق شمولها في مخططات الحماية الاجتماعية الحالية.