د. عدنان سعد الزعبي
نقر للحكومة الشفافية وحب مشاركة الناس الحكومة بعرضها مشروع قانون الضريبة على الجمهور لمدة عشرة ايام قبل أن يمرر لمجلس النواب ودخوله مراحله الدستورية .
ذكاء وحنكة حكومية ان تشارك فيه الناس من خلال تقبل اقتراحاتهم وتصوراتهم ليكون بمثابة استفتاء عام على مشروع القانون والتخفيف على النواب حدة اتخاذ مواقف متشددة ارضاء للجمهور خاصة إذا اخذت الحكومة بمقترحات المواطنين . و قال الجمهور كلمته .
ومن الدهاء بالحكومة أن تضع القانون امام مداولات الاعلام والصالونات السياسية والاقتصادية بحيث تضع الكرة في مرمى القوى والفعاليات واصحاب الرأي وقادة المجتمع حتى لا تكون كسابقاتها تتخذ القرارات في غرف مغلقة , ولهذا فإنها بهذا الدهاء وضعت مصلحة الوطن برايها وتطلعات المواطن في سفينة واحدة لترسلها للنواب ليختاروا ما ارادوا وفق حدود مغلقة اقلها مر ومرارة . فالنواب الآن في موقف لا يحسدون عليه , فعندما يصلهم هذا المشروع سيجدون مبررات واسباب موجبة لهذا المشروع, وبنفس الوقت سيجدون مقترحات موجودة على الطاولةتتناول نظرة المواطنين ورغبتهم في التخفيف. فالاسر الاردنية تتشابه جميعها بوجود نفقات تعليمية وصحيه , وسكنية وإجتماعية كبيرة , وتستولي النفقات التعليمية على 60 % من دخل الاسرة خاصة إذا عرفنا أن نفقات الابناء في المدارس والجامعات اصبحت شبه متقاربه , وان اقل اسرة عدددا ستجد لديها طالب او اثنان في الجامعة هذا اذا ما زادوا عن ذلك , فهل سياتي هذا القانون ليحرم الابناء من الدراسة جراء عدم قدرة الاهل على ذلك ؟ فالاف الاسر تذهب للإستدانة أو بيع اصولها من أجل ابنائها وحقهم في التعليم . ولهذا فإن إعفاء التعليم مسألة اساسية وإلا سنجد انفسنا نفقد ابسط حقوقنا الانسانية في التعليم وحق الاسر في تعليم ابنائها . وهذا ينطبق ايضا على الصحة , فحاجة المواطن للعناية الصحية والعلاجية تزداد مع مرور العمر ولهذا فإن عدم شمول مشروع القانون على الجوانب الصحية سيؤدي الى تدهور الواقع الصحي للمواطنين وخاصة غير المؤمنيين , وإذا ما اخذنا انخفاظ دخل المواطن وخاصة الموظفين إلى اقل من النصف عند التقاعد فسنرى حجم المأساة التي سيعيشها المواطن خاصة وأن الارتفاعات في الاسعار ستطال كل شيء . .
وهنا اتساءل عن مبررات تحديد الاعفاءات للاسر ب 17 الف دينار , وهل كانت الحسابات تنطلق من امكانية المواطن الدفع أم ان الحكومة تريد تأمين مبلغ معين وصاغت مثل هذه النسب فقط للحصول عليه. ان الشارع الاردني يعرف تماما إن الاسعار بإرتفاع مستمرة وأن مستويات التضخم ايضا بازياد ,فكيف يحمل المواطن نسبة التضخم وفوقها ضريبةأخرى على دخله بدل دعمه. كذلك الم تعرف الحكومةأن حجم الاسر متنوع فمنها ما يضم ثلاثة اشخاص ومنها اربعة وخمسة وستة وسبعة ..الخ فهل يستوي الامر بين الاسر . كذلك تنظر الحكومة للدخل المتأتي من الايجارات , فإذا كان المواطن يدفع ضريبة المسقفات عليها وتتضاعف اذا كانت مؤجرة اي اذا أدخلت مدخولا على صاحبها بما يسمى ضريبة المسقفات , فكيف يريد القانون ان يدفع المواطن عليها ضريبة دخل , وهل يجوز ضريبتين لنفس المسمى . اليس هذا مخالف دستوريا ؟ . لم نر تغييرا على ضريبة البنوك مع أن ارباحها مضمونه.. فلماذا ؟ .
اما إضافة دخل الزوجة على دخل الرجل فهذه مغامرة أخرى . فهل الزوجة قانونا وشرعا مجبورة للإنفاق على الاسرة إلى جانب زوجها؟ فالشرع يرحب ولكنه لا يفرض , وترك نفقات الزوجة على الزوج بإعتبار ذلك حق ,فبأي شكل نخالف الشرع ونفرض على الزوجة المساهمة بالانفاق على المنزل, وكيف نضيفه على دخل الزوج وبالعكس اذا رفض أحد الزوجين الانفاق على الاسرة ؟ . لا اعتقد أن هذا القانون يمكن أن يكون ذا وجهة إصلاحية بمقدار ما هو قانون جباية سينعكس سلبا على حياة الناس وسوف يعزز الطبقية, فالغني والفاسد والمتحايلين هم من يستطيعوا ان يفلتوا من هذا القانون ليقع فيه المواطن العادي والموظف الذي يفقد راتبه بعد عشرة ايام من استلامه .
نحن لا نلوم الحكومة التي اجتهدت بمشروع القانون محاولة لتقديمه بشكل يرضي الناس رغم عدم اختلافه عن مشروع قانون الملقي غير أن وجهة الناس هي ممثليهم في مجلس النواب الذين شعروا ويشعروا الان أنهم امام المحك وأن مسؤوليتهم اكبر من مجرد تمرير أو رفض القانون أو تعديله , لكن النصيحة الكبرى تكمن بمناقشة القانون وإجراء التعديلات عليه برفع سقف الإعفاءات . فالبنك الدولي لا يستطيع محاكمة شعب اقر مجلسه ما يريد بالرغم عن إرادة الحكومة , وسيعرف البنك الدولي أن الشعب الاردني حي ومتيقض ويعرف حقوقه وحدود خطوطه الحمراء ! وأن واقعنا الاقتصادي الصعب سببه الواقع السياسي الاصعب الذي فرضه العالم علينا وعلى المنطقة , فإما نحن اناس كباقي البشر كاليونان وايطاليا يتم التعامل معنا بنفس المعيار , وإما اناس من نوع آخر لا يجوز تحميلنا اخطاء السياسات الدولية ومصالح الدول الكبرى وشبقهم باستعباد الناس .