د. طلال أبو غزالة… مستثمر محترف في نعمة المعاناة
لكثرة المجالات التي يعمل بها عضو مجلس الأعيان د. طلال أبو غزالة، فإن اختصار التوصيف بالنسبة له مسألة ليست سهلة. ربما أن استخدام تعبير «نعمة المعاناة» يفي بشيء من ذلك لكون المعاناة كانت أداته في الوصول إلى الذي لم يتوقف عنده وهو في السبعين.
قدرة أبو لؤي على الريادة في المجالات المهنية أعطته السبق في الذي فطن له الكثيرون بعد أن كان القطار غادر حاملاً معه ركاب الدرجة الأولى فقط.
عمل في مهنة المحاسبة القانونية ثم قفز مبكراً إلى الاقتصاد الرقمي وذهب معها بعيداً وهي تمرّ في عدة محطات بينها السياسة وآخرها السياحة.
وكما كانت المعاناة بالنسبة للدكتور طلال أبو غزالة نعمة يستثمرها في التميز والريادة، كذلك هي نعمة الرضا يستثمرها في بيئات إقليمية موصوفة بالحسد وبفنون اغتيال الشخصية. لذلك نسأله عن بعض الذي نعتقد أنه يسوءه في أقوال الآخرين عنه، فيكتفي بالاعتذارعن الردّ.
يقول أبو غزالة عن نفسه أنه عاشق في كل شيء، من الفنون التي يتخصص الآخرون بواحدة أو اثنتين منها. ولا يمل من تكرار القناعة بأن «الدنيا تخدمه وتساعده وتعطف عليه».
سفير فوق العادة للأمم المتحدة لسنة السياحة الدولية 2017
موسوعة ويكيبيديا التي تترك للناس المشاهير حق ان يعرفوا بأنفسهم وللآخرين حق أن يعقبوا بالاعتراض أو التصحيح على تلك المعلومات، عرّفت بطلال أبو غزالة أنه المؤسس والرئيس لمجموعة طلال أبو غزاله الدولية، بالإضافة إلى منحه لقب قائد المحاسبة العربية، تم أيضا الاعتراف بفضله في الترويج لأهمية الملكية الفكرية في المنطقة العربية. هذا التعريف بانفسكم فيه نقطتان ملفتتان: الأول أنه يستخدم القابا، أحيانا يشعره من يتابع نشاطاتكم الكثيرة فيلاحظ ان ما يصدرعنكم من بيانات صحفية يصرعلى استخدام الألقاب التركية القديمة، وبشكل تخلت عنه الصحف ومنابر الإعلام الرقمية. الملاحظة الثانية أنكم بالتعريف عن أنفسكم تجاهلتم الاشارة إلى الفترة الطويلة التي امتهنتم فيها تدقيق الحسابات وكانت فترة صاخبة انتهت في دول الخليج بتفاصيل نتمنى ان نستذكرها معكم وانتم تفصّلون في المراحل المهنية المتميزة التي وردت في تعريف الويكيبيديا:
بالنسبة لي شخصيا لا يوجد لدي ألقاب، وأتمنى دوما على من يقابلني سواء في الإعلام المكتوب أو المرئي، بان يذكروا فقط طلال أبو غزالة..
صحيح، كما في سؤالك نحن أكبر شركة محاسبة في المنطقة، وواحدة مما يسمى العشرين الكبار في العالم، تحت مظلة الإتحاد الدولي للمحاسبين في نيويورك، والمنظمة الوحيدة في المنطقة وفي قارتي آسيا وأفريقيا، لكن لم أقل يوماً أني قائد المحاسبة.. ما اقوله انني محاسب قانوني.
أيضاً نحن أكبر شركة في الدنيا وليس فقط في المنطقة، في الملكية الفكرية، ولم أقل يوماً أنني قائد الملكية الفكرية في العالم، وأنا الآن عضو مجلس أعيان ولا أستعمل كلمة عين، وبالتالي هذه التسميات تطلقها الصحف ووسائل الإعلام الأخرى. واعتزازي بكوني المواطن الأردني العربي طلال أبو غزالة.
حصلتم على شهادة الدكتوراة في وقت متأخر من حياتكم المهنية – هل كنتم بحاجة للشهادة لتوسيع آفاق العمل أو المعرفة؟
أنا ما زلت تلميذا وبحاجة اليوم إلى التعلم أكثر مما كنت في المدرسة والجامعة وفي بداية حياتي العملية.. يومياً لدي ما لا يقل عن أربع ساعات دراسة كأي طالب، لأتعلم في كل مواضيع اختصاصات عملنا، ولأن متابعة ما هو مستحدث ومتطور في العالم سريع جداً، لذلك لا بد من متابعة يومية.
أين وصل العمل في تاجي بيديا، وما أهداف تلك الموسوعة؟
هذا المشروع مهم جداً، صرفنا عليه جهدا ووقتا ومالا كثيرا، لأننا نشعر بألم، أن الويكيبيديا متحيزة ضد اللغة العربية، وأصبحت مرجعا لكل إنسان. عدد المدخلات باللغة العربية الموجودة على الويكيبيديا أقل من 300 ألف، مما يجعل اللغة العربية ربما اللغة رقم عشرين من حيث حجمها على الويكيبيديا وهذا لا يتناسب مع لغة مهمة وأساسية في العالم، وحضارة وتاريخ طويل غني بالمعلومات.
أيضا الوصول إلى أي مادة باللغة العربية على الويكيبيديا توجد به صعوبة، لعدم برمجتها للحصول على المعلومات العربية بشكل ميسّر، فاضطررنا أن نواجه هذه المشكلة، وحاولت الكثير من الجهات الرسمية وغير الرسمية في الوطن العربي مواجهتها وحلها، بما فيها جامعة الدول العربية، التي أنشأت فريقا لإيجاد ما يشبه الويكيبيديا باللغة العربية. نحن أخذنا اتجاها مختلفا وصغنا مشروعنا وبرنامجه من قبل خبراء مجموعة طلال أبو غزالة في تقنية المعلومات، كل ما فيها هو عمل واختراع داخلي، ليس له علاقة باختراع الويكيبيديا. هذا الاختراع الهدف منه تجسير إدخال المعرفة العربية على الإنترنت في ماكنة بحث أسميناها (تاجي بيديا) باعتبارها من إنجاز مجموعتنا (طلال أبو غزالة بيديا)، وبيديا ليست ملك أحد، وبالتالي لم نسرق من ويكيبيديا لا البرنامج ولا الفكرة ولا الإسم. (تاجي بيديا) أصبح الآن فيها مليون مدخل معلومات عربية، استقصيناها من كل ما هو موجود في اللغة العربية، بطريقة مبوبة وسهلة الوصول إليها للتلميذ والباحث والعالم، ونحن نتطلع إلى أنه سيصبح جاهزا للإطلاق بإذن الله قبل نهاية 2017، لأننا نطمح ان يكون حجم المحتوى العربي على الإنترنت الذي أدخلناه على ماكناتنا يجعل اللغة العربية العظيمة ان تأخذ محلها كرابع لغة في العالم.
ومبادرتكم التنموية فيما يتعلق بالبترا ومحافظة معان لقيت ردود فعل متفاوتة حول أهدافها ومدى نجاحها:
استلمت قبل شهر رسالة من منظمة السياحة العالمية في الأمم المتحدة، بتكليفي بمنصب سفير فوق العادة للأمم المتحدة لسنة السياحة الدولية، وهذا العام 2017 هي سنة السياحة العالمية.
لقد جرى تنصيبي في مقر المنظمة الأممية في مدريد في الثامن عشر من الشهر الماضي، بتكريم وبحضور ملك وملكة إسبانيا، مما يدل على دورنا في موضوع السياحة واهتمامنا بها، السياحة تجارة، وليست تسلية.. وهي أحد عناصر التجارة الرئيسية وأحد أعمدة الناتج القومي لأي دولة. هنالك دول في العالم تشكل السياحة فيها تقريبا ثلث ناتجها القومي سواء أكانت سياحة دينية أو تاريخية أو سياحة طبية أو تعليمية أو سياحة ترفيهية. فالترفيه هو أحد أنواع السياحة، وقد توجهت إلى البتراء مع وزيرة السياحة، لينا عناب، واستطيع القول اننا حققنا ما يمكننا أن نقول أنها خطوات مهمة على طريق جعل البتراء معلما سياحيا إنتاجيا وهي التي كغيرها من المعالم الأثرية والتاريخية لدينا وللأسف لم تستغل حتى الآن.
استراحة
«الصعود إلى القمة..» كتاب أصدرته مؤسسة الأهرام، تأليفاً وطباعة
نجاحاتكم المتكررة، المؤسسية والشخصية لا بد صنعت لكم حسادا كثر. كيف كانت بدايات نجاحك؟
أنا عاشق في كل شيء، أعشق الموسيقى والفن وأعشق الرسم والأدب وأعشق الصحافة. أؤمن بأن أقوى قوة في الدنيا هي حب الناس.. وحسادي من الناس الذين أحبهم، ومنافسيّ وخصومي أيضا، أحبهم لأنهم سر من أسرار نجاحنا. تعودنا ان الشخص الذي يهاجمنا أو ينافسنا أو يعتدي علينا ان لا نهدر طاقتنا تجاههم حتى لا تذهب سدى، فبدل من ان تستعملها ضده، علينا ان نستعملها لتحسين عملنا وهذا هو الرد الأعنف عليهم. لأن النجاح سلاح الشامتين والحساد والخصوم… لكن كما تقول الحكمة الصينية: «سامح خصمك أو عدوك ولكن لا تنساه»، وشخصيا لا عدو لي في الدنيا باستثناء العدو الإسرائيلي وأعتبر بأن كل الدنيا تخدمني وتساعدني وتعطف علي.. صديقي الذي يريدني أن أنجح يعطيني دعمه ونصيحته وتوجيهه وثقته، وأنا أدين له بذلك، سواء أكان مسؤولاً أو مواطناً أو موظفا في هذه المؤسسة. ومن حق خصمي الذي يكرهني إما لحسد أو منافسة أو لأي سبب فهو يخدمني كما قلت لأنه جالس يراقبني لينتهز الفرصة التي يستطيع فيها أن ينقض عليّ لأنني أخطأت، فهذا يخدمني حتى لا أخطئ، لكن لا يجب أن أنسى بأنه موجود، فأشكر أعدائي وأشكر خصومي وأشكر منافسي وحسادي.
هل توقعت يوما ان تصل بمؤسستك لما وصلته إليه؟
صدقا لا أعرف ما الذي وصلت إليه، أترك هذا التقييم للناس، فلا أستطيع الحكم على نفسي، لكن أقول أنني أفخر بأنني مواطن أردني عربي فلسطيني مسلم.
وأريد أن أروي قصة: يسألونني في بعض الأوقات ما هو السر في أنني أعمل بهذه الطريقة؟ أجاوبهم بأنني أؤمن بأن من يريد أن يحقق شيئا عليه أن يكون لديه رسالة، لا يكفي بأن يبقى يعمل لأنه يريد أن يترقى في الوظيفة أو يزيد راتبه أو يحصل على منصب، فهذا لا يحقق إنجازا استثنائيا، الإنجاز الاستثنائي لا يتم إلا إذا كان هنالك جهاد في تحقيق الرسالة.
ما سبب اختيارك الأردن لمجموعة طلال أبو غزالة
بالنسبة لاختياري للأردن، باختصار شديد: ولدت عام 1938 وعندما خرجنا من فلسطين عام 1942كنت في العاشرة من عمري، فلجأت إلى لبنان درست فيها واشتغلت في آن واحد، ولم أدفع قرشا واحدا في حياتي. كنت دائماً أحصل على منحة لكوني الطالب المتفوق في المدرسة، حيث كنت مضطرا لأن أكون متفوقا في المدرسة، بالتالي كان لدي واجب إلزامي بأن أتفوق لكي أقبل في أي مدرسة.
تخرجت عام 1960 وذهبت بعدها إلى الكويت لمدة 30 سنة، في هذه السنوات كونت الأسس لبناء مجموعة طلال أبو غزالة، التي أصبحت الآن في 86 مكتبا في العالم، وإحدى أكبر منظمات العالم على الإطلاق في مجال خدماتها. هذه المؤسسة في عام 1990 عندما احتلت الكويت وكنت خارجها، احتضنني الأردن.. واحتضنني الملك الحسين طيب الله ثراه كما احتضنني الملك عبد الله الثاني أطال الله في عمره، بتوجيهاته ودعمه ورعايته.
وأذكر عندما غادرت الكويت كان لدينا 50 مكتبا، وأربعة نشاطات رئيسية، الآن لدينا 86 مكتباً، و28 نشاطاً، تشمل كلها خدمات مهنية تختص بالأعمال ورجال الأعمال.
ما وصلت اليه ردة فعل لمعاناة؟
كل حياتي معاناة، وأسميها نعمة المعاناة، وقد ألفت كتابا اسمه» قصص من حياة أنعم الله عليها بالمعاناة». فعندما تكون هناك منحة لطالب واحد في الجامعة الأمريكية فلسطيني، شرط أن يكون الأول على لبنان، وهذا ما حصل، فهذه نعمة وليست معاناة.
هناك كتب كتبت عني وآخرها منذ شهر صدر من مؤسسة الأهرام، هذه المؤسسة لأول مرة في تاريخها تصدر كتابا من تأليف رئيس تحريرها وتنشره وتطبعه على حسابها، واسمه «الصعود إلى القمة.. طلال أبو غزالة» هذا شرف كبير بأن شخصا غير مصري تكتب عنه مؤسسة الأهرام كتابا. وهنالك عدة كتب أخرى. أما كتاب المعاناة الذي سينشر ويطلق ويشهر برعاية كريمة من – المؤسسة الصحفية الأردنية- «الرأي» فاسمه «قصص من حياة أنعم الله عليها بالمعاناة» وهو من تأليفي، أحكي فيه قصصا من حياتي موضحا كيف أن المعاناة كانت نعمة بالنسبة لي.
الراي