انجاز/أوقف برنامج الأغذية العالمي، أمس الثلاثاء، تقديم المساعدات الغذائية الحيوية إلى شمال غزة «لحين توفر الظروف الآمنة» فيما تعمّق المجاعة في مختلف أرجاء القطاع، الذي تحدث عدد من سكانه في فيديوهات عن معاناتهم مع الجوع.
وقالت غادة زكي، من شمال غزة العالم عبر فيديو نشرته على حسابها عبر الإنستغرام، «إذا ما متنا من القصف راح نموت من الجوع». فيما وثق الصحافي الفلسطيني حسام شبات معاناة أم مع الجوع بعدما أكلت ابنتها ذات الإعاقة يدها جوعا، وهي التي كانت تعيش حياة جيدة، رغم أن زوجها كان عاملا عاديا في القطاع الحكومي.
كذلك تحدث مراسل «الجزيرة» في غزة أنس الشريف في تدوينة له على منصة «إكس» عن معاناته مع الجوع الذي ضرب شمال قطاع غزة قائلاً «أقف أمام الكاميرا لأنقل معاناة شعبي وأتحدث عن الجوع الذي نحن فيه، فيسيطر الجوع على جسدي فأتوقف قليلا عن الحديث، ومن ثم استمر، وهكذا حالنا وحال كل الناس».
وتصدر وسم «شمال غزة يجوع» منصات التواصل الاجتماعي، عقب انتشار الفيديوهات.
فيما أظهرت مشاهد تجمع الآلاف من الفلسطينيين في منطقة الشيخ عجلين على شارع الرشيد غربي مدينة غزة، بانتظار وصول عدد محدود من الشاحنات التي تحمل مساعدات إنسانية من الطحين.
وتوثق الصور حجم ومستوى المجاعة التي وصل إليها السكان، حيث توافد الآلاف منهم إلى هذه النقطة رغم معرفتهم بوجود آليات إسرائيلية تطلق النار والقذائف في اتجاه كل من يصل المكان. وفي النهاية لم يحصل معظم المتجمعين على مرادهم بسبب محدودية المساعدات، وفق قناة «الجزيرة».
الوضع سيزداد سوءاً
وأوضح برنامج الأغذية العالمي، في بيان نشر على منصة «إكس» أنه لم يتخذ قرار وقف تقديم المساعدات لشمال القطاع بسهولة.
وقال البيان: «هذا يعني أن الوضع هناك سوف يزداد سوءاً وسيتعرض المزيد من الناس لخطر الموت جوعاً، وبرنامج الأغذية العالمي مصمم بخصوص الوصول بشكل عاجل للناس العاجزين في غزة، إلا أنه يجب ضمان الأمن اللازم لتوصيل المساعدات الغذائية الحيوية إلى أولئك الذين يستفيدون منها».
وأشار إلى أن الأحد الماضي شهد استئناف المساعدات إلى المنطقة بعد توقف دام ثلاثة أسابيع إثر الهجوم على شاحنة تابعة لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى (أونروا). وأفاد بأن الأوضاع تدهورت بسرعة في المنطقة بعد تسليم المساعدات إلى شمالي غزة في نهاية يناير/كانون الثاني الماضي.
وأردف: «تؤكد التقارير الأخيرة أن غزة تنساق بسرعة إلى الجوع والمرض، حيث أصبح الغذاء والمياه النظيفة نادرين بشكل لا يصدق، وتتفشى الأمراض، وهذا الوضع يضر بتغذية ومناعة النساء والأطفال ويؤدي إلى زيادة سوء التغذية الحاد، ويموت الناس بالفعل لأسباب تتعلق بالجوع».
وأكد البيان أن البرنامج سيسعى إلى استئناف عمليات تقديم المساعدات في أقرب وقت ممكن، مضيفاً: «هناك حاجة ملحة لتوسيع تدفق المساعدات إلى غزة على نطاق أكبر لمنع حدوث كارثة، ولتحقيق ذلك، يجب أن تصل كميات أكبر من المواد الغذائية إلى غزة ويجب أيضًا فتح نقاط العبور في شمالي القطاع».
برنامج أممي يوقف المساعدات… و90٪ من الأطفال يعانون سوء التغذية
في ظل هذا الوضع، حاولت منظمة «أكشن إيد» إدخال المساعدات لقطاع غزة، لكن إسرائيل رفضت، وفق ما قال رئيس الشؤون الإنسانية في المنظمة، زياد عيسى لـ «الجزيرة».
وأكد أن الأطباء في غزة يبلغون المنظمة أن الأطفال في القطاع يموتون جراء نقص الأدوية، محذرا من ارتفاع نسبة نقص التغذية، بسبب عدم إدخال المساعدات.
في حين قال صندوق اليونيسيف في بيان إن قطاع غزة بات على وشك أن يشهد انفجارا في عدد وفيات الأطفال نتيجة الأزمة الحادة بالتغذية، مشيرا إلى أنه يمكن تفادي تلك الأزمة والمشكلات الصحية إذا توقف الصراع.
وطالب المدير الإقليمي للإعلام في اليونيسف لمنطقة الشرق الأوسط عمار عمار بفتح جميع نقاط العبور إلى قطاع غزة، ودخول المساعدات بشكل آمن ومستدام إلى جميع أنحاء القطاع.
وأوضح في تصريحات إعلامية أن نحو 90٪ من أطفال غزة يعانون من سوء التغذية، لافتا إلى أن المساعدات لم تصل إلى شمال القطاع منذ أسابيع، محذرا من أنه إذا لم يتغير الوضع على الأرض فسنشهد الأسوأ.
في السياق ذاته، أكد المكتب الإعلامي الحكومي أن المجاعة تتعمّق في قطاع غزة، محذرا من كارثة إنسانية عالمية يروح ضحيتها مئات آلاف الأطفال والنساء، ودعا روسيا والصين وتركيا الى كسر الحصار والضغط لوقف حرب الإبادة الجماعية.
وقال في بيان له: تتعمَّق يوماً بعد يوم المجاعة في محافظات قطاع غزة الذي يعيش فيه قرابة 2.400.000 إنسان، وتتعمّق بشكل أكبر في محافظتي غزة وشمال غزة مما ينذر بوقوع كارثة إنسانية عالمية قد يروح ضحيتها أكثر من 700.000 مواطن فلسطيني مازالوا موجودين في المحافظتين المذكورتين تحديداً.
وأشار إلى أن الاحتلال بدأ في تنفيذ سياسة التجويع والتعطيش وصولاً إلى المجاعة منذ بدء حرب الإبادة الجماعية التي يشنها ضد المدنيين والأطفال والنساء في جميع محافظات قطاع غزة، وبشكل مُركَّز أكثر على محافظتي غزة وشمال غزة، وذلك من خلال منعه لإدخال المساعدات إلى محافظات القطاع.
دعوة إلى رفع الحصار
وطالب بشكل فوري وعاجل بوقف حرب الإبادة الجماعية ضد المدنيين والأطفال والنساء، كما طالب برفع الحصار وإدخال 10.000 شاحنة مساعدات خلال اليومين المقبلين وبشكل مبدئي وفوري وعاجل قبل وقوع الكارثة الإنسانية، وخاصة إدخال المساعدات إلى محافظتي غزة وشمال غزة.
وحمّل الإدارة الأمريكية والمجتمع الدولي إضافة إلى الاحتلال، المسؤولية الكاملة عن هذه المجاعة التي تجري فصولها على مرأى ومسمع كل العالم دون أن يحرك أحداً ساكناً، وهم الذين منحوا الاحتلال الضوء الأخضر للعدوان المتواصل.
ودعا روسيا والصين وتركيا وكل دول العالم الحر وكل المنظمات الدولية وكل الدول العربية والإسلامية وجامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي ومجلس التعاون الخليجي؛ إلى كسر الحصار بشكل عاجل عن قطاع غزة، ووقف المجاعة ضد الأهالي والمدن والأحياء الفلسطينية.
وطالب بالضغط على الاحتلال من أجل وقف حرب الإبادة الجماعية ضد المدنيين والأطفال والنساء في أسرع وقت ممكن، وإن عدم إيقاف الحرب وعدم إيقاف المجاعة يعني ضوءاً أخضر بالقضاء على كل أهالي قطاع غزة.