لم تستسلم إلهان عمر، الشابة الأمريكية المسلمة، ذات الأصول الصومالية، للتحديات التي فرضها عليها حجابها، بل زادتها تلك التحديات التي وصلت إلى تعرضها للضرب، إصرارا على مواصلة مسيرتها السياسية.
“إلهان” كانت على موعد جديد مع النجاح يوم الثلاثاء الماضي، عندما فازت بعضوية مجلس نواب ولاية مينيسوتا (وسط غرب) الأمريكية، خلال الانتخابات التي تزامنت مع السباق الرئاسي، لتصبح “أول مسلمة محجبة” تنال عضوية مجلس تشريعي أمريكي، رغم أن عمرها لم يتجاوز الـ34 عاما.
نافست “إلهان” على مقعد مقاطعة “60B” بالولاية، عن الحزب الديموقراطي، وتمكنت من الحصول على أكثر من 80% من الأصوات، مقابل 19.4% لمنافسها الجمهوري، عبد المالك عسكر، لتصبح بذلك “أول مشرعة مسلمة محجبة” في الولايات المتحدة.
وكانت “إلهان”، فازت بفرصة تمثيل الحزب الديموقراطي، في آب الماضي، على حساب السياسية اليهودية المخضرمة، والنائبة السابقة، فيليس كاهن، في الانتخابات الداخلية بالحزب.
ولدت “إلهان” في الصومال عام 1982، وقبل أن تتم عامها التاسع، اضطرت مع أهلها إلى الانتقال إلى كينيا المجاورة، بسبب اشتعال الحرب الأهلية في بلادها عام 1991.
وبعد أربع سنوات من العيش في مخيمات اللجوء في كينيا، انتقلت العائلة إلى الولايات المتحدة، حيث تعلمت اللغة الإنجليزية سريعاً وبدأت بالعمل كمترجمة في سن الرابعة عشرة.
حازت “إلهان” على درجة البكالوريوس في العلوم السياسية، وأخرى في الدراسات الدولية، من جامعة “نورث داكوتا”، ما أهلها لدخول عالم السياسة بقوة.
في عام 2012، عملت “إلهان” مديرة لحملة “كاري دزيدزيك” لعضوية مجلس شيوخ الولاية، عن الحزب الديموقراطي، ورفع نجاح الحملة من رصيد “إلهان” في أوساط الحزب، وأهلها لتولي مهمات سياسية أخرى.
تدير “إلهان”، منذ سبتمبر/أيلول 2015، قسم السياسات والمبادرات في مؤسسة “النساء ينظمن النساء” (Women Organizing Women” (WOW”، التي تقوم بالدفاع عن النساء المنحدرات من شرق إفريقيا، ودعمهن لتولي مناصب قيادية على المستويات المجتمعية والسياسي .
زادت تلك التجارب، بالإضافة إلى الحضور الكبير للجالية الصومالية في مقاطعة “60B”، عدا عن الجاليات العربية والإفريقية والمسلمة، من حظوظ “إلهان” في الانتخابات الأخيرة، بدءً باختيارها لتمثيل الحزب الديموقراطي، وانتهاءً بفوزها على الصومالي الآخر، عبد المالك عسكر، من الحزب الجمهوري .
ليست “إلهان” المرأة المسلمة الأولى التي تدخل المجالس التشريعية الأمريكية، ولكنها الأولى التي تدخل تلك المجالس بالحجاب الذي يشكل رمزية كبيرة، أثارت الجدل، ولا تزال، في الغرب، وشكلت اختباراً حقيقياً لقيم الديموقراطية والحرية وحقوق الإنسان هناك.
لم تسلم “إلهان” من تداعيات ذلك التحدي الكبير، فقد تعرضت للضرب من قبل 7-8 أشخاص في تجمع حزبي عام 2014، بسبب حجابها وبشرتها السمراء، إلا أن ذلك لم يمنحها سوى المزيد من الإصرار على الاستمرار، كما قالت بنفسها.
وقبيل الانتخابات، نقلت صحيفة “ذي غارديان” البريطانية، عن إلهان قولها: “لدي الكثير مما قد يشكل عائقاً في حياتي، أنا أرتدي الحجاب، قد تكون تلك مشكلة، إلا أن شخصاً ما عليه خوض ذلك التحدي، حتى يتيح للبقية أن يطلقوا العنان لأحلامهم”.
وتزامنت انتخابات الرئاسة الأمريكية التي فاز فيها المرشح الجمهوري “دونالد ترامب”، مع انتخابات مجلس النواب (الغرفة الأولى للكونغرس)، والتجديد الثلثي لمجلس الشيوخ (الغرفة الثانية للكونغرس)، بالإضافة إلى انتخابات مجلسي نواب وشيوخ عدد من الولايات.
ومن صلاحيات مجلسي نواب وشيوخ الولايات، البت في قوانين الولاية وتشريعاتها بما لا يتعارض مع القوانين الفيدرالية، مثل قانوني المرور والميزانية الخاصين بكل ولاية، ويختلف عدد أعضاء المجلسين من ولاية وأخرى.
وكما تفوقوا في الرئاسة، تفوق الجمهوريون على الديموقراطيون في معظم الولايات التي انتخبت أعضاء مجلسيها الثلاثاء.