إنجاز-أشهر الكاتب والروائي رمضان الرواشدة، روايته الجديدة “حكي القرايا”، مساء أمس السبت ،في المركز الثقافي الملكي، بحضور حشد من المثقفين والأكاديميين والكتاب والإعلاميين.
وشارك في حفل الإشهار، الكاتبة والمؤرخة الدكتورة هند أبو الشعر، والروائي والناقد سامر المجالي، كما قدم المؤلف الرواشدة عرضاً للرواية، فيما أدار حفل الإشهار الناقد الدكتور عماد الضمور.
وقالت أبو الشعر في مداخلتها التي حملت عنوان: “بطولة القلعة في حكي القرايا”، إن للرواشدة تجربة روائية وصحفية وإعلامية وارفة الظلال، صحيح أنه كتب القصة القصيرة، لكنه سرعان ما وجد تجربته الحياتية والسياسية تتجلى بشكل أوسع من القصة القصيرة، وصارت الرواية هي ملعبه الذي تركض فيه خيوله الروائية وتتجلى، كما ان أعماله الروائية وضعته في موقع متقدم في زمن مبكر من تجربته ، عندما فازت روايته “الحمراوي”، بـ”جائزة نجيب محفوظ” في القاهرة.
وأكدت أن الرواشدة نجح في روايته، باختيار عنوان دال، انتزعه من تراثنا من قلب مضافات أجدادنا الذين كانوا يقولون في الزمن العصملي(حكي القرايا مش مثل حكي السرايا)، وكأنه بهذا الاختيار وضع عتبة ذكية للنص، ففهم القارئ طبيعة النص الروائي الذي سيدخله.
وقالت ابو الشعر: “قاد رمضان القارئ إلى عتبة نصه بسلاسة جميلة، ووضع أمام القارئ خلاصة تجربة أجيال الأجداد تحت حكم العصملي، والتي تختصر رأي الأهالي وهم في الزمن العثماني من الفلاحين بحسابات السرايا الذين يفرضون الضرائب”.
بدوره، أشار المجالي الى تجربة الرواشدة الجديدة في رواية “حكي قرايا”، مستعرضاً بانوراما الرواية، وأسلوب الكاتب وسماته، وحركة مجتمعه الذي يعيش فيه، واستفاض بالحديث عن الرواية في لغتها واستلهامها التاريخ والاشتغال عليه.
واضاف “إننا يمكن أن نفهم الكاتب من زاوية السريالية وملامحها التي تجسدت في رواية “الحمراوي”، كمدرسة أدبية، حيث ظلمت السريالية كثيراً، بسيادة مفهوم الغموض عند الناس كمعنى لها.
وتحدث المجالي عن أسلوب الرواشدة في الانتقال من أسلوب المتكلم إلى أسلوب الغائب، في محاسبة نفسه، في مجمل أعماله، كما في رواية “جنوبي”، واعترافه أمام القارئ بأّن هذا قرار حكيم وذاك غير حكيم، وهكذا.
وأشار المجالي إلى أن نقد الرواشدة الموضوعي لما حوله في الروايات الأربعة، وقال إّن علينا أن نفهم هويته السردية وهوية الذات وهوية الجماعة لديه، فله موقف من التاريخ الاجتماعي والديني، ورواية “حكي القرايا”، قل فيها المنسوب الصوفي وبرز فيها مشروع رمضان الرواشدة الروائي العميق بشكل واضح.
وفي عرضه لروايته “حكي القرايا”، بين الرواشدة أن الرواية هي تخييل أدبي، استفادت من بعض الأحداث التاريخية والمرويات الشفوية،قائلا : وظفت “حكي القريا” بطريقة روائية بعيداً جداً عن فهمها كتاريخ لمنطقة الجنوب الأردني في أواخر فترة الدولة العثمانية، إلى بداية تأسيس الدولة الأردنية الحديثة، وربما عندما يُقارن النقاد والقراء بين التاريخ والرواية، سيجدون أن الرواية تتحدث عن ماورائيات الأحداث الحقيقية، وأن خيال الكاتب نسج منها حكاية سردية مختلفة جداً.
وأضاف الرواشدة: “الرواية، عمل متخيل، باستثناء بعض الأحداث التي جرى توظيفها والبناء عليها من وقعِ الخيال، من أجل التشويق الروائي، مثل (ثورة الشوبك) ضد الحكومة التركية، التي جرى إضافة وقائع متخيلة إليها، لتخدم العمل الروائي، حتى الشخصيات التي صورت في هذه الثورة رسمت لتخدم العمل الروائي”.
وكان الضمور، قد استهل حفل الاشهار، بتأكيد أن الرواشدة يمارس في روايته “حَكي القرايا”، مقاربة مهمة لدور الرواية الشفوية في إذكاء المخيلة الروائية من خلال لعبة سرديّة، استمد أحداثها من روايات شفوية وأحداث تاريخية وقعت خلال حقبة زمنية ممتدة من تاريخ الأردن، تبدأ من عام 1834م وتنتهي بقيام إمارة شرقي الأردن عام 1921، وهي مرحلة تاريخية تنوعت أخبارها ما بين التوثيق والرواية الشفوية، إذ تحرك رمضان الرواشدة ببراعة فنية؛ لينتج الحكاية برؤى الفن، وتجلياته الفكرية العميقة.
وأكد الضمور أن الرواية تبقى شاهدة على قيم القبيلة وقانونها القاسي المتجسّد في الثأر، وتماسكها عند تعرضها للخطر، فالرواية ملحمة بطولة، وقَصَص من الفداء والنخوة العربية، ووحدة الدم الأردني الفلسطيني.