إصفعوا تلك الوجوه الصفراء
محمد حسن التل
تخرج الشعوب في بلاد العرب بمسيرات ضخمة لدعم الأشقاء غي غزة وكل فلسطين، وتعبر الجماهير عن غضبها جراء ما يقترفه جيش الاحتلال من جرائم لم يعرفها التاريخ الحديث والمعاصر، وتنادي بصوت هادر مطالبة العالم بالتحرك الفوري لردع إسرائيل لإيقاف هذه المجازر، تقوم بذلك هذه الشعوب دون المساس بثوابتها ورموزها الوطنية، بل وتشيد بمواقف دولها وتبالغ في تلميع هذه المواقف، لكن ما يدعو في بلادنا الأردنية للشعور بالمرارة والغضب أننا في الأردن عندما تخرج مسيرات تحت عنوان دعم غزة إذا كانت حقيقة من أجل هذا الهدف” ينحرف البعض بها وبهتافاتها نحو طريق الإساءة إلى رموز وثوابت الدولة الأردنية، ولم يخجل هؤلاء على مدار سنة ونصف أو أكثر من الاستمرار بهذا السلوك المشين في الإساءة لبلادنا، حتى وصل الأمر حد المساس بجيشنا العربي المصطفوي العنوان المقدس لكل أردني باستثناء تلك القلة التي اعتادت على استغلال كل موقف أو ظرف تمارس من خلاله أحقادها متناسين هؤلاء المواقف الأردنية على امتداد عقود طويلة في الوقوف إلى جانب فلسطين وشعبها، ودفع أثمانا باهظة على هذا الطريق ورفض أن يساوم على فلسطين تحت كل عناوين الإغراء وسيوف الترهيب ولم يستطع أحد على امتداد الجغرافيا العربية والدول الإسلامية أن يصل إلى مستوى مواقفه باعتراف القريب والبعيد والعدو والصاحب، ويأتي اليوم حاقد مشوه النفس أعمى البصيرة ليشكك بمواقف الدولة الأردنية بقيادتها بجيشها وأمنها وشعبها..
الذين أساؤوا لجيشنا تناسوا أن هذا الجيش خاض كل معارك فلسطين وظل شوكة في حلق المحتل ويكاد أن يكون وحده من قاتل بإخلاص وقدم تضحيات عظيمة لم يرتق أحد إلى مستواها، وتماشى الأردن في مراحل كثيرة مع مواقف عربية رعناء حفاظا على وحدة القومية ودفع ثمنا كبيرا ولم يبال، وأصر أن يكون على رأس الإجماع العربي مع علمه الأكيد أن أصحاب الأصوات العالية كانوا لا يملكون أي رؤية أو اعداد لإمكانية النصر في المعركة كما حدث في عام ١٩٦٧، ومع هذا كان جيشه في المقدمة وظل يقاتل حتى آخر لحظة في المعركة، في الوقت الذي اكتفى البعض بالمشاركة البروتوكولية، ويأتي اليوم من يزاود علينا ويحاول أن يمس قدسية تاريخ بلادنا وجيشنا وأجهزتنا الأمنية والسجل الطويل في الدفاع عن فلسطين.
لقد إعتدنا على أصحاب هذه المواقف المشينة ونواياهم المشبوهة لصالح أجندات تأتي من خارج الحدود، أصحابها لا يرون الأردن إلا بعيونهم الرمداء ونفوسهم الحاقدة على بلادنا لأن مواقفنا تعريهم أمام الناس وستعريهم أمام التاريخ.
النزول إلى الشارع والهتافات المسيئة ومحاولة المس برموزنا الوطنية لا يفيد غزة، ولا في نية اصحابها بالأصل الدفاع عن غزة بل غايتهم خلق الفوضى في البلاد التي تقف سدا منيعا في وجه مخططات التهجير والتجويع والقتل..
إن محاولة إشاعة الفوضى ومس استقرار الأردن تكون نتائجه إضعاف موقف الفلسطينيين، وتاريخ القضية والصراع أثبت أن الأردن القوي يشكل عامل قوة وإسناد لنضال الشعب الفلسطيني.
لقد ضاق الأردنيون بهذه التصرفات ومن يمارسها سواء من داخل الحدود أو من خارجه وبات لزاما علينا جميعا أن نصفع هذه الوجوه الصفراء الميتة وطنيا وقوميا ونخرجهم من بين صفوفنا ونعريهم أمام الجميع، والأردنيون ما اعتادوا إلا أن يكونوا صفا واحدا متينا للدفاع عن ثوابتهم ورموزهم الوطنية، لأننا بذلك نحمي أمننا واستقرارنا الذي وهبنا الله عز وجل إياهما وعن مستقبل أبناؤنا والأجيال اللاحقة.
ليس من الأخلاق أن يقف شاب مشحون بالحقد ليغلق الطريق ويحاول استفزاز رجال الأمن الذين هم بالأساس موجودون لحمايته، وليس من الوقار أن تخرج صبية أو إمراة كبيرة تصرخ وتعلي صوتها وتتهم رجال أمننا بصفات بذيئة لا تمثل إلا من نطق بها، ترى أي تربية تلقاها هؤلاء ومن أي مشرب ملوث شربوا.
مؤسسات العرش والجيش والأمن ليست خط أحمر فقط، بل هي خط نار محظور وحرام الإقتراب منها عند الأردنيين لأنها تمثل قلاعنا الوطنية وأسوارها العالية المتينة هي التي تحمي بإذن الله تعالى حاضرنا ومستقبلنا وأمننا واستقرارنا..