إعادة طباعة كتاب “ذاكرة المغلوبين: الهزيمة والصهيونية في الخطاب الثقافي الفلسطيني”
قامت وزارة الثقافة الفلسطينية والإدارة العامة للآداب والنشر والمكتبات بإعادة طباعة كتاب “ذاكرة المغلوبين الهزيمة والصهيونية في الخطاب الثقافي الفلسطيني”، للدكتور فيصل دراج الذي صدر سابقا عن المركز الثقافي العربي – المغرب.
يقسم الكتاب إلى قسمين الاول بعنوان “الهزيمة والصهيونية في الخطاب الادبي”، والثاني بعنوان “الهزيمة والصهيونية في الخطاب الفكري”.. ويضم إضاءة اولى تتناول اشارات تاريخية عن ولادة اسرائيل وقراءة المثقف الفلسطيني للصهيونية، والصهيونية في قراءات المنفى..
والكتاب كما قال عنه د.فيصل دراج هو عبارة عن مجموعة من الدراسات تم نشرها سابقة في مجلة الكرمل، التي كان يرأس تحريرها الشاعر محمود درويش، مبينا أن بعض هذه الدراسات هي لنماذج عايشت مراحل مختلفة من الصراع الفلسطيني الصهيوني، وبعضها لأسماء مارست الثقافة من وجهة نظر الحقيقة وبحثت عن الحقيقة من وجهة نظر فلسطين.
وزير الثقافة الفلسطينية الشاعر د.إيهاب بسيسو الذي كتب مقدمة للكتاب اشار إلى اهمية طباعة مثل هذه الكتب، وبين أن وزارة الثقافة تسعى الى تعزيز مساحة التواصل المعرفي فلسطينيا وعربيا في مواجهة سياسات العزل الثقافي التي يحاول الاستعمار الاستيطاني الإسرائيلي فرضها على شعبنا بهدف عزل الرواية الثقافية الفلسطينية عن عمقها العربي والإنساني.
ورأى الوزير في اعادة طباعة هذا الكتاب تأكيد على الانتباه إلى المنجز الابداعي والنقدي الذي يعالج مختلف جوانب المشهد الثقافي الفلسطيني، مشيرا إلى أن الكتاب يقدم رؤية فكرية ونقدية اتجاه العلاقة بين الذاكرة والهوية الثقافية الفلسطينية في مواجهة الحركة الصهيونية والخطاب الصهيوني من خلال متابعته وتحليله أعمال نبخة فلسطينية متميزة شكلت مساحة واسعة لتفاعل الثقافي مع المتغيرات السياسية خلال العقول الماضية.
في تقديمه للطبعة الفلسطينية يقول د.فيصل دراج إن هذه المقالات كان لها عنوان مشترك وهو “في الذاكرة الوطنية الثقافية”، حيث جمعت بين الفعل الثقافي وهمومنا الوطنية، مبينا أنه سعى إلى القاء الضوء على مثقفين فلسطينيين لامعين، عاشوا قضية وطنهم، ومارسوا الثقافة بشكل راق انتزع اعتراف غير الفلسطينيين، مثل المقدسي روحي الخالدي الذي أسس بكتابه عن “تاريخ الأدب” الأدب العربي المقارن، وانتخب خليل السكاكيني في العام 1948، عضوا في المجمع اللغوي العربي في القاهرة، وكان طه حسين يكن له احتراما خاصا.
وقد كتب دراج بمثابة تقديم للكتاب بين فيها ان هذه الدراسات تتألف من الذاكرة، وتمتد من بدء الصراع الفلسطيني- الصهيوني الى زمن مفتوح، من الكتابة الفلسطينية، وهي ترصد احوال الوطن المهدد، ومن الوقائع الفلسطينية كما جاءت على اقلام المثقفين.
ورأى دراج أن الذاكرة بالنسبة للفلسطيني، الذي ينتظر ما لا يأتي هي رحم دافئ وجليل، لا نقص فيه ولا خلل، كما لو كانت الذاكرة بيتا قديما من بيوت القرى، التي كانت والتي تضيف إليها ذاكرة اللاجئ ما شاءت من ألوان الجمال، بيد أن للأسماء الثقافية، وهي تختلف عن القرى الدارسة، مصيرا مختلفا، بفضل “الأرشيف الغريب”، اي “الكتابة المحفوظة” حيث هي معرفة ووشاية: معرفة بفلسطين وبمن كتب عنها، ووشاية باستقامة الأحكام أو باضطرابها.
ويوضح المؤلف قائلا “كتب المثقفون الفلسطينيون، في عقود مختلفة، عن الصهيونية وعن الفلسطيني المقيّد الذي يواجهها. وكان هناك، دائماً، صورة فلسطين التي تنتمي إلى زمن وتقاتل زمناً آخر، وصورة الصهيونية التي تتحصّن بالأساطير التوراتية وبآخر المدافع الاستعمارية”.
ولعل الفرق الفاجع بين زمنين تاريخيين، بحسب دراج، فان زمن فلسطين هو زمن “الرجل العثماني المريض” المتجدّد، هو الذي فرض على المثقف الفلسطيني قراءة مرتبكة، ترى إلى “التقدم الصهيوني” وتبشر بالانتصار، وتحضّ الفلسطينيين على الكفاح وهي مسكونة باليأس.
ويشير دراج إلى أن الذاكرة الثقافية الوطنية الفلسطينية، وقوامه الصُلبْ الصراع الفلسطيني الصهيوني، هي جملة القراءات الخاطئة والصائبة التي أنجزها المثقفون الفلسطينيون، ومجموع الجهود الفكرية التي حاولت الصواب وأخطأته أو اقتربت من الخطأ ولم تستقر فيه. كل هذا لا يهوّن من شأن هذه الذاكرة ولا يخفض من قيمتها، ذلك أنها كانت، ولا تزال، موروثاً وطنياً وضرورة وطنية، فهي موروث يضيء جهوداً نبيلة ومتعاقبة اشتقت أسئلة الثقافة من أسئلة الوطن، وهي ضرورة لا غنى عنها، تمدّ الفلسطيني بالعزم والثقة وبمعرفة يحتاجها، تصوّبها وتحاورها معرفة لاحقة.
ويتناول القسم الاول من الكتاب اربع شخصيات هي: جبرا ابراهيم جبرا ويطلق عليه الفلسطيني الذي لا يهزم في الثقافة، وغسان كنفافي: الفلسطيني المقاتل وفتنة المنتصر.. ثم اميل حبيبي: ذاكرة المخذول وكتابه اليأس.. واخيرا معين بسيسو: فلسطين المنتصرة في الوعي الايماني. ويتناول القسم الثاني مجموعة من الشخصيات ربما لا تكون قد حظيت بشهرة كبيرة وهي: اسحاق موسى الحسيني: هامش فلسطين في عالم الاكاديمي السعيد، ومحمد عزه دروزه: فلسطين المنتصرة في الاصل المنتصر، وخليل السكاكيني: الوعي الوطني في وطن يتداعى، ونجيب نصار: المثقف الوطني بين الوطن المهزوم والمتزعم المنتصر. ثم روحي الخالدي: البداية الوطنية المتعثرة.. اضاءة ثانية: في الهوية الوطنية الفلسطينية.
ويذكر أن د.فيصل دراج وهو ناقد وكاتب وباحث من فلسطين. حصل على درجة الدكتوراه في الفلسفة من فرنسا 1974. وعمل في عدة منشورات ومجلات ثقافيّة فكريّة منها: شؤون فلسطينيّة، سلسلة حصاد الفكر العربي، قضايا وشهادات، مصائر الحزب السياسي في العالم العربي. نشر عدداً من الكتب أهمها: ذاكرة المغلوبين، دلالات العلاقة الروائية، الرواية وتأويل التاريخ، نظرية الرواية والرواية العربيّة، الحداثة المتقهقرة.