انجاز : صدر حديثًا عن دار الخليج للنَّشر والتَّوزيع وبدعم من وزارة الثَّقافة الأردنيَّة كتاب (الأبعادِ الجماليَّةِ والفنيَّة في القصَّةِ الأردنيَّة القصيرةِ جدًّا) للمؤلِّفِ محمد عبد الكريم غريز، والَّذي جاءَ مقسَّمًا على فصلين اثنين: الفصلُ الأوَّلُ حملَ عنوان الْقِصَّةِ الْقَصِيرَةِ جِدًّا مِنْ الْإِرْهَاصَاتِ إِلَى الِاسْتِقْلَالِ- دِرَاسَةٍ نَظَرِيَّةٍ، وقد تَنَاوُلَ فِيهِ الْمُؤَلِّفُ فِي الْمَبْحَثِ الْأَوَّلِ: الْمَفْهُومَ وَالْمُصْطَلَحَ وَإِشْكَالِيَّاتَهُ وَآرَاءَ اَلنُّقَّادِ فِيهِ، وفي الْمَبْحَثِ الثَّانِي فَتَنَاوَلَ الْحَدِيثَ حَوْلَ اَلْقِصَّةِ الْقَصِيرَةِ جدًّا وَتَطَوُّرِهَا.
أَمَّا الْفَصْلُ الثَّانِي فَجَاءَ بِعُنْوَانِ (الْأَبْعَادِ الْجَمَالِيَّةِ وَالْفَنِّيَّةِ فِي مَجْمُوعَةِ “لَا بَوَاكِي لِي”: دِرَاسَةٍ تَطْبِيقِيَّةٍ)، فَفِي الْمَبْحَثِ الْأَوَّلِ دَارَ الْحَدِيثُ حَوْلَ الْأَبْعَادِ الْجَمَالِيَّةِ مِنْ خِلَالِ الْعُنْوَانِ وَمَدْلُولَاتِهِ، والْقَفْلَةِ وَالدَّهْشَةِ، والْإِيحَاءِ وَالرَّمْزِ، وَالْمُضْمِرَاتِ، بَيْنَمَا جَاءَ الْمَبْحَثُ اَلثَّانِي حَوْلَ الْأَبْعَادِ الْفَنِّيَّةِ مِنْ خِلَالِ الْحَدِيثِ عَنْ اللُّغَةِ، وَالْبِدَايَةِ وَالِاسْتِهْلَالِ، وَالْعُقْدَةِ وَالْحَدَثِ، وَالْإِيجَازِ وَالتَّكْثِيفِ.
يعدُّ بُعدا الجَمافنِّي من الجَوانِب الأساسيَّة في كتابة القصَّة القصيرة جدًّا، وقَدْ تمكَّنَ الكاتِبُ عمَّار الجُنيدي بِمَوهبَتِهِ الإبداعيَّة أنْ يُحقِّقَ ذلكَ في مَجموعَتِه (لا بواكي لي) الَّتي خطَّها بريشةِ فنَّان من خلالِ قُدرَتهِ على اختيارِ الكَلمات والتَّعبِيرات بِدقَّةٍ وعِنايَة؛ لِتكون كلماتُها جذَّابةً ومُلهمَةً، ولُغَتُها مُثيرَةً ومُؤثِّرةً لِنقلِ المَشاعِر والأفْكَارِ، وعنايتِهِ بنظمِ نصوصِها وبِنَاءِ قِصَصِه بشكلٍ مُبتكرٍ ومؤثِرٍ، ومثيرة ومفاجِئة بذكاءٍ؛ لِتُحقِّيقَ أكبرَ تأثيرٍ مُمْكِن على القَارِئِ.
يُجمِعُ هَذانِ البُعدانِ في القصَّة القصيرة جدًّا على تحدِّي الكَاتبِ لِنَفْسِه في نقلِ قصَّة مُلْهَمَة ومعبِّرة بأقلِّ عَددٍ مِنَ الكلماتِ، وهذا يتطلَّبُ من الكَاتبِ أنْ يَكونَ قادرًا على التَّعبيرِ عن الأفكارِ والمَشَاعِرِ بطريقةٍ فنيَّةٍ وإبداعيَّةٍ تَأسُرُ القارئَ وتجعلُهُ يَتفاعَلُ معَ النَّصّ كَتُحفةٍ فنيَّةٍ صغيرةٍ.