اكد رئيس جامعة العلوم الإسلامية العالمية الأستاذ الدكتور محمد علي الخلايلة أهمية تطور التعليم العالي في الأردن وأثره على الأمن الوطني، علاقة التعليم بالأمن. واستعرض في محاضرة له في كلية الدفاع الوطني، مراحل تطور التعليم العالي في الأردن، مبيناً أن التعليم العالي بدأ في الأردن مبكرا من خلال التحاق الطلبة من خريجي المرحلة الثانوية في الجامعات العربية خارج الأردن، حيث تظهر إحصاءات دائرة المعارف في عام 1931 أن عدد الطلاب المبتعثين في ذلك العام للدراسة العليا في الجامعة الأمريكية في بيروت كانوا أربعة مبتعثين، ومبتعثتين في دار المعلمات بالقدس، ليتزايد هذا العدد ويبلغ في عام 1948 ( 223 مبتعثاً) إلى مختلف الجامعات العربية، لتبدأ خطوة التعليم العالي الأولى في الأردن بعد وحدة الضفتين، حيث تم افتتاح صف لتأهيل المعلمين في كلية الحسين في عمان، وداراً للمعلمات في مدينة رام الله في الضفة الغربية وكان ذلك في عام 1951. وقال الأستاذ الدكتور الخلايلة أن تحقيق التغيير في التعليم العالي من أجل التطوير والارتقاء والتنافسية الإقليمية والعالمية، لابد أولاً من الاعتراف بواقع الحال، وتناول قضايا التعليم العالي كمنظومة وطنية متكاملة، وتعزيز التشاركية الحقيقية بين القطاع التعليمي الحكومي والخاص. واضاف:” أن هذا يتطلب تغييراً فعلياً في عقلية القيادات التربوية، وطرائق تفكيرها على المستوى الوطني والتعامل مع القضايا التالية بشكل جديّ وعلميّ ومنها: أولاً: إعادة النظر بمعايير وأسس القبول للمؤسسات التعليمية وعدم الاكتفاء والاعتماد الكلي على نتائج الثانوية العامة كأساس وحيد للقبول في التعليم العالي، وذلك باستحداث امتحانات قبول تأخذ بعين الاعتبار الميول والاستعدادات وتقيس القدرات والمهارات، وإلغاء البرامج الموازية وتطبيق معايير الاعتماد والجودة على المؤسسات التعليمية كافة. كما لا بد من إجراء استطلاع مبكر لطلبة الثانوية العامة لتحديد التخصصات التي يرغبون بدراستها في الجامعة أو في المعاهد أو الكليات بعد تقديم الإرشاد المهني لهم وتوجيههم وتوعيتهم باحتياجات سوق العمل للمهارات والتخصصات المختلفة. ثانياً: منح الجامعات الحرية الأكاديمية، واعتماد سياسة الدعم المستندة إلى الأداء في الإدارة والتميز في مجال البحث العلمي، وذلك بوضع مؤشرات قابلة للقياس بحيث تكون واضحةً ومعلنةً لجميع المؤسسات مع ضرورة تغيير نمط العلاقة بين الحكومة ومؤسسات التعليم العالي من نموذج رقابة الدولة إلى نموذج إشراف الدولة، وذلك بمنحها الاستقلال الموضوعي والإجرائي، لتصبح المؤسسات التعليمية قادرة على تحديد سياساتها الأكاديمية والبحثية والتخصصات المطروحة وطرائق تدريسها، بالإضافة إلى حرية المؤسسة في إدارة شؤونها المالية والإدارية وتطوير مواردها، شريطة أن ترتبط الحرية بالمساءلة وأسس حوكمة الجامعات ثالثاً: تشجيع التعليم التقني والمهني من خلال سن تشريعات تكون غايتها إحداث تغيير في ثقافة المجتمع السلبية الشائعة، وتحسين ظروف العمل بهذا القطاع وإصدار رخص مزاولة لخريجيها لتصبح شرطاً أساسياً للتوظيف في القطاع الحكومي والخاص؛ وإجبار من لا يملك مثل هذه الرخص على ضرورة الحصول عليها من قبل مؤسسات مختصة لهذه الغاية. رابعاً: الاهتمام بإعداد وتأهيل الهيئة التدريسية وتدريبهم على مهارات التعليم والطرائق الحديثة في التدريس والابتعاد عن الطرائق التقليدية والتركيز على وسائل التعليم والتكنولوجيا، مثل التعليم الإلكتروني المدمج وغيره، وتفعيل برامج التقييم الدورية لأعضاء هيئة التدريس؛ المستندة إلى مدى تفاعله واستخدامه للتكنولوجيا ونتائج الأبحاث العلمية وتحقيق أهداف البرامج الأكاديمية كمخرجات للتعليم. خامساً: دعم البحث العلمي في الجامعات، وإنشاء المراكز الوطنية للأبحاث المرتبطة بمراكز الأبحاث العالمية والتي تضمن التشارك بين الباحثين في المؤسسات التعليمية كافةً وتضمن عدم إهدار المال والجهد، وتحقق نتائج بحثية متوائمة مع الأبحاث العالمية. سادساً: تعزيز فكرة تدويل التعليم العالي من خلال خطوات متعددة؛ منها السماح للبرامج المشتركة مع الجامعات العالمية، وتوقيع برامج التوأمة وتنفيذها والتأكيد على شمولها البحث العلمي والتأليف المشترك، وانتقال الطلبة وأعضاء هيئة التدريس، كما لابد من التركيز على الابتعاث للدول المتقدمة والصناعية وربط تأسيس أي مؤسسة تعليمية أو طرح أي برنامج بأعداد المبتعثين شريطة ألا يقل عن 25% من الطاقم التدريسي. سابعاً: السماح للجامعات الأردنية بإنشاء فروع لها خارج الأردن، من أجل نقل المعرفة والاستفادة من النظم التعليمية المعمول بها في الدول الأخرى. ثامناً: تعزيز ثقافة الجودة لمؤسسات التعليم العالي المختلفة وضرورة حصولها جميعاً على شهادة الجودة للمؤسسات والبرامج المطروحة من قبل هيئة اعتماد مؤسسات التعليم الأردنية بالإضافة إلى الهيئات العالمية المتخصصة. تاسعاً: التأكيد على أهمية استقطاب الطلبة غير الأردنيين للجامعات الأردنية، علماً أن وزارة التعليم العالي والبحث العلمي خطت خطوات إيجابية ما زالت تحتاج إلى جهود رسمية في شمول جميع المؤسسات التعليمية في الأردن بالاعتماد والاعتراف من قبل الدول العربية، وبخاصة دول الخليج حيث أن عدداً من الجامعات الأردنية ليست مدرجة ضمن الجامعات المعتمدة، وهذا يشكل عائقاً حقيقياً في استقطاب الطلبة. عاشراً: التركيز على تدريس الطلبة في جميع التخصصات للمصطلحات العلمية والعالمية المتعارف عليها وتحديداً باللغة الإنجليزية مع ضرورة تعزيز اللغة العربية. وتوجيه الطلبة لتعلم لغة أجنبية ثالثة مثل الألماني أو الفرنسي لزيادة فرص التنافسية في سوق العمل الخارجي. حادي عشر: استخدام التكنولوجيا الحديثة و أدواتها مثل أجهزة الهواتف الذكية ووسائل التواصل الاجتماعي والتعليم الالكتروني في العملية التعليمية لمواكبة التغيرات المتسارعة لتتواءم مع تحديات العصر والتفاعل معها لاكتساب مهارات تتناسب.