بقلم: عبدالله محمد القاق-رئيس تحرير جريدة سلوان الاخبارية احتفال الاردن مع دول العالم في الثالث من الشهر الجاري باليوم العالمي لحرية الصحافةمن كل عام حيث اقيمت الاحتفالات والمهرجانات في دول عدة بيما التزم الاردن بنطبيق الاشتراطات الصجية بسبب الجائحة التي تفتك بالعالم وقدمت الجوائز التكريمية للرواد في المجالات المختلف والذين دفعوا جياتهم وعانوا عذابات الاعتقال بسبب عملهم الصحفي النبيل. فهذا اليوم العالمي لحرية الصحافة 2021 ، يمثل فرصة للاحتفاء بالمبادئ الأساسية لحرية الصحافة، ولتقييم حرية الصحافة، وللدفاع عن وسائل الإعلام أمام الهجمات التي تشن على استقلاليتها، وهو فرصة كذلك للتعبير عن إجلال الصحافيين الذين لقوا حتفهم في أثناء أداء واجبهم. ولعل اهمية هذا الاحتفال يكمن فيما اعلنته نقابة الصحفيين الاردنيين من ان “اصلاح الاعلام هو المدخل للإصلاح الشامل”، معتبرة ان التجاوز على هذه الحقيقة سيثير تساؤلات حول المنهج العام للتغيير.وكانت الجمعية العامة للأمم المتحدة قد اعتمدت في ديسمبر عام 1993 يوم 3 مايو يوما عالميا لحرية الصحافة، كذلك الاحتفال بالذكري السنوية لإعلان ويندهوك، حيث تدعو وثيقة الإعلان لوسائل إعلام مستقلة وحرة وقائمة على التعددية في جميع أنحاء العالم، معتبرة أن الصحافة الحرة أمر لا غنى عنه لتحقيق الديموقراطية وحقوق الإنسان، كما تؤكد المادة 19 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان أن لكل شخص الحق في حرية الرأي والتعبير، ويشمل هذا الحق حرية اعتناق الآراء دون أي تدخل، واستقاء الأنباء والأفكار وتلقيها وإذاعتها بأي وسيلة كانت دون تقيد بالحدود الجغرافية. لقد كنا ذات يوم برفقة الزميل محمد حسن التل رئيس تحرير جريدة الدستور الاردنية السابق ولفيف من الزملاء بينهم نقيب الصحفيين انذاك الاستاذ سيف الشريف نتناول الغداء على مائدة الراحل الكبير جلالة الملك الحسين بن طلال رحمه الله.. فاذا به يسأل الزملاء وهم كثر.. هل من صعوبات او مشكلات تواجه رجال الصحافة؟ فانبرى احد الصحفيين المراسلين لاحدى الصحف في لندن وقال يا جلالة الملك.. صحفنا المهاجرة يتأخر توزيعها ليومين او ثلاثة وهذا يعني عدم اهتمام والتفات القراء لها.. فرد جلالته طيب الله ثراه وسأل من يؤخر توزيع الصحيفة فرد الزميل: ادارة المطبوعات العامة.. وهنا سأل جلالته: هل مدير المطبوعات موجود،؟ فاجاب مدير المطبوعات نعم.. فقال له: لماذا تؤخر توزيع الصحف الى يومين او ثلاثة ، فرد عليه: انها بحاجة الى المراقبة فقال له: ولماذا المراقبة المسبقة؟، فقال له مدير المطبوعات “يا سيدي انا اخشى” انتقادكم وذاتكم السامية؟، فرد عليه الملك بكل هدوء وقال: وزعوا الصحف من المطار الى السوق بدون تأخير.. ولا داعي للرقابة المسبقة،، غير ان مدير المطبوعات اصر على ان ذلك من شأنه ان يمس في عمل الادارة.. فاكد جلالة الملك لوزير الاعلام انذاك بضرورة عدم تأخير اية صحيفة او مجلة تأتي من الخارج بحجة المراقبة المسبقة.. وهكذا كان،، وهذا يؤكد كما قال زميلنا محمد التل ان جلالة الملك عبدالله الثاني وقبله جلالة الراحل الكبير الملك الحسين قد انحازا الى هذه الحريات انحيازا عمليا لا قولا فقط وذلك عندما وجه جلالة الملك عبدالله الثاني بإلغاء موضوع الحبس بقضايا الرأي. فقد سميت الصحافة مجازا السلطة الرابعة لاهميتها ودورها الكبير في خدمة الوطن والمواطنين واسهاماتها الفاعلة لحل الاشكالات والتفاعلات بين الجماهير.. حيث استطاعت صحافتنا الاردنية كما قال رئيس التحرير المسؤول ان تلعب الدور الكبير في توفير كل وسائل الرفاه والخدمات العامة للمواطنين.. وسعت عبر الحرية والديمقراطية والتعددية التي تعنم بها ان ترسخ القيم الاخلاقية والاعراف الاجتماعية التي تحفظ للمجتمع تماسكه وتمكنه من تطويع منجزاته الثقافية والحضارية لصالحه.. وكذلك دعم خطط التنمية الاجتماعية للاردن. ولعله من الخطأ ان الصحافة او الاعلام الناجح يكرس جهده لخدمة برامج الحكومة وتوجهاتها الداخلية او الخارجية.. الا ان من الانصاف القول عبر الخمسين سنة الماضية التي امضيتها في هذا الميدان متنقلا في العديد من الدول العربية والاجنبية ان صحافتنا الناهضة استطاعت ان تتعدى ذلك الى آفاق واسعة شملت كل مقومات بناء الدولة على شتى الاصعدة الاجتماعية والسياسية والثقافية والاقتصادية ، لا سيما وان اهمية الاعلام الاردني على وجه خاص ينطلق من غرس المواطنة الصالحة في نفوس المواطنين وتكريس الشعور بالانتماء للوطن وسعيه الى نشر الوعي السياسي والحضاري بين المواطنين وتشجيع الكتاب والادباء والمثقفين للاستمرار في العطاء المثمر والبناء.. فالصحافة الناجحة هي التي تؤمن بالحرية وتدعو لها. كما ابلغني وزير الدولة لشؤون الاعلام والاتصال الاردني السابق راكان المجالي الذي كان معروفا بدعمه للصحافة والصحافيين لكونه امضى ست دورات نقيبا للصحفيين الاردنيين انما تمتاز بمعايير واسس تستند على واقع يعكس ماضي وحاضر الاردن بعيدا عن واقع التشهير والافتراء وسعيها من اجل الدفاع عن حقوق الانسان والعمل على دعم الوحدة الوطنية والامتناع عن التحريض المباشر او غير المباشر لاستخدام العنف السياسي والاجتماعي او التهديد.. وينطلق هذا الموقف جراء تنفيذها لميثاق الشرف الذي يهدف الى تفعيل العمل الصحفي بشتى الوسائل دون المساس بالحقوق المكتسبة والثابتة للصحفيين. والواقع ان من العوامل الرئيسية التي تستند اليها الصحافة الاردنية في خدمتها للقضايا الوطنية هي: 1 – ادراك الدولة باهمية الصحافة ودورها في رسم السياسة الوطنية على اوسع نطاق. 2 – التحول الديمقراطي الكبير الذي شهدته المملكة. 3 – كسر حالة الاغلاق للصحف التي حدث من تعدد الصحف اليومية والاسبوعية، 4 – التطور التقني والعلني الذي مكن الصحافة من معالجة قضايا الوطن والمواطنين. 5 – وجود جيل جديد من الصحفيين والاعلاميين حيث اصبحوا يعملون في العديد من صحافتنا الوطنية اما بالنسبة لما اشار اليه الزميل محمد التل حول نقابة الصحفيين. فان المهمة الرئيسية تقع على الزملاء الصحفيين للنهوض بهذه النقابة بدلا من عدم تفاعلهم معها الا عند الانتخابات في كل سنتين.. وهذا يعني ان النقابة تسخر فقط للانتخابات وليس الى دعم الصحفيين والنهوض بمتطلباتهم، وهذا يعني ان التقصير ناجم عن الزملاء انفسهم.. وهم الذين يستميتون للدخول والانضواء في عضويتها ، لكنهم يتقاعسون عن اداء دورهم لخدمة زملائهم في النهوض بهذه المهنة النبيلة وذات الرسالة الخالدة.. فحرية الصحفيين تؤخذ ولا تعطى.. وان هؤلاء الزملاء عليهم الدور لتحقيق هذه الاهداف باعتبار ان صحافتنا ركن من الاركان الهامة التي تستند عليها دعائم الحضارة والعمران. وان امة بدون صحافة لا عين لها.. فتبصر ولا قلب لها فتشعر، والواقع ان اي كلام عن الصحافة العربية في هذا اليوم يبدو كلاما مكررا ومعادا اذا لم يتطرق اولا الى رزمة الحريات الصحافية، التي هي جزء أساس ، كما قال زميلنا السيد محمد التل رئيس التحرير المسؤول أساس من الحريات السياسية والممارسة الديمقراطية في الوطن العربي ، والتي يمثلها وزراء الاعلام العربي.. في الكثير من الاحيان ، غير انه من الواضح ان اتحاد الصحافيين العرب الذي يعتبر المظلة التي تضم ممثلين لنقابات الصحافة العربية في كل قطر ، والذي يجتمع مرة كل عام في بلد عربي ليصدر بيانات تأييد او ادانة لمواقف سياسية لم يحقق ما يرجو رجال الاعلام والصحافة من تطور لحرية الصحافيين.. أو حرية الصحافة المهنية…، الامل كبير في ان يكون الدور الاعلامي اكثر ثراء.. وفاعلية في اليوم العالمي لحرية الاعلام بغية الاسهام بقضايا الاصلاح والحوار الوطني بغية تطويره والقاء الضوء على هذه القضايا الحساسة خاصة ونحن في عصر العولمة.. القرن الحادي والعشرين الذي ينظر الى قاعدة التطور ويستشرف رؤية ناضجة تقوم على توفير الديمقراطية وحرية الانسان التي تتلازم كضرورة مع التنمية في المجتمعات كافة بغية تطوير صحافتنا.. والمنظمات الوطنية والروابط العربية غير الحكومية السياسية والاقتصادية والنقابية والمهنية والثقافية وتوثيق وتنشيط العلاقة بينها كسبيل توحيدي على الصعيد الشعبي العربي تتصدرها صحافتنا واعلامنا القويم.. الذي يدافع عن المصالح الوطنية والعامة لتطوير طموحات الشعوب نحو الحرية والتنمية والتقدم وتمثل وسائل الإعلام الحرة والتعددية والمستقلة شرطا أساسيا لممارسة هذه الحرية، هذه هي الرسالة التي يحملها اليوم العالمي لحرية الصحافة. وتفضي حرية وسائل الاعلام إلى التمتع بحرية اعتناق الآراء والتماس الأنباء والأفكار وتلقيها ونقلها إلى الآخرين، بأي وسيلة ودونما اعتبار للحدود، كما ورد في المادة 19 من الاعلان العالمي لحقوق الانسان. وتعد هذه الحرية عنصرا أساسيا في بناء مجتمعات سليمة ومفعمة بالحياة. وتنبئ حرية وسائل الاعلام المكتشفة حديثا بتحويل المجتمعات من خلال زيادة الشفافية والمساءلة، كما أنها تفتح سبلا جديدة للاتصال وتبادل المعلومات والمعارف. وأخذت ترتفع أصوات جديدة يطلقها الشباب بوجه خاص، في الاماكن التي كانوا فيها صامتين من قبل. وهذا يعني ان حرية وسائل الاعلام تواجه ضغوطا شديدة في جميع أنحاء العالم، ففي العام الماضيقبل الماضي أدانت اليونسكو مقتل 62 صحافيا لقوا مصرعهم نتيجة لممارسة عملهم، ويجب ألا يغيب هؤلاء الصحافيون عن خواطرنا، كما ينبغي ألا تبقى هذه الجرائم بلا عقاب. ونظرا إلى أن وسائل الاعلام تشهد تحركا على الانترنت، فإن عددا متزايدا من صحافيي الانترنت بمن فيهم المدونون يتعرضون حاليا للمضايقات والاعتداءات، بل للقتل بسبب ممارسة عملهم، ويجب أن يحصلوا على الحماية ذاتها التي يتمتع بها العاملون في وسائل الاعلام التقليدية. وأشار الأمين العام للأمم المتحدة غونترش الى ان أول اجتماع مشترك بين وكالات الأمم المتحدة بشأن سلامة الصحافيين ومسألة الافلات من العقاب قد عقد بمقر «اليونسكو» في شهر سبتمبر عام 2011، وقال: لقد وضعنا خطة عمل للأمم المتحدة من أجل بناء بيئة أكثر حرية وسلامة للصحافيين والعاملين في وسائل الاعلام أيا كان مكان عملهم. فالمطلوب هو تعزيز الأسس القانونية وسائل اعلام الحرة والتعددية والمستقلة، لاسيما في البلدان التي تمر بمرحلة تحول أو إعادة بناء بعد خروجها من النزاعات. رئيس تحرير جريدة “الكاتب العربي” وسلوان الاخبارية الأُردنية. – abdqaq@orange .