الاسلام دين السلام .. ولكن المسلمين…؟؟..
ان الله جل وعلا يقول عن القرآن الكريم :” وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين ولا يزيد الظالمين الا خسارا. الأسراء 82″. فالمؤمن الحقيقى هو الذى يبحث عن الهداية داعيا ربه جل وعلا فى صلاته قائلا مخلصا” اهدنا الصراط المستقيم” راجيا الهداية مستعدا لأن يضحى فى سبيلها بكل ما يعارضها مما توارثه من اقاويل وعقائد. هذا المؤمن يبحث عن الهدى فى كتاب الله العزيز وقد اخلص لله جل وعلا قلبه وأخلى عقله من كل الأفكار المسبقة والأحكام الجاهزة وأصبح مستعدا ذهنيا و قلبيا للقبول والأيمان والتسليم بما يقرره القرآن ويكون مخالفا لما وجدنا عليه آباءنا . لهذا المؤمن يكون القرآن الكريم شفاء ورحمة. والقرآن نفسه يكون للظالمين خسارا , اذ يدخلون عليه بفكر سابق مخالف للحق القرآنى و ينتقون من القرآن بعض آياته يخرجونها عن السياق ويتجاهلون بقية الآيات الأخرى فى نفس الموضوع, أو يبدلون مصطلحات القرآن بمفاهيمهم , وكل ذلك ليعززوا وجهة نظرهم. أى يدخلون على القرآن وهم ” ظالمون” يريدون التلاعب بآياته فلا يزدادون بالقرآن الا خسارا.
المزيد مثل هذا المقال :
الحلف كذبا (15) شريعة قريش والوهابيين السلفيين رفضت القرآن الكريم
ثقافة المقريزى فى عصرنا ( 6 ): ثقافة الفتوحات، ثقافة العار ، ثقافة حرق الأوطان
وعلم آدم الاسماء كلها
الاسلام دين التسامح ولكن السلفية ..!!
هل درستم القران مثل الأحاديث
رسالتي المفتوحة الثانية لشريف أحمد ولكل غيور على الاسلام
ديمقراطية الاسلام
موقف المقريزى من اضطهاد المصريين بعد الفتح العربى لمصر ( 4 )
وعليه فهناك رؤيتان للاسلام ، رؤية الاسلام من خلال مصدره الالهي ،وهو القرآن الكريم . ومنهج هذه الرؤية هي ان تفهم القرآن من خلال مصطلحاته ولغته ، فللقرآن لغته الخاصة التي تختلف عن اللغة العربية العادية ،فاللغة العربية هى أقدم لغة حتى الآن , وهى –كأي لغة –هي كائن متحرك تختلف مصطلحاته ومدلولات الكلمات حسب الزمان والمكان وحسب الطوائف والمذاهب الفكرية وحسب المجتمعات ..وبالتالي فان الذي يريد ان يتعرف علي الاسلام من خلال مصدره الالهي القرآن – عليه ان يلتزم باللغة العربية القرآنية ،ثم يبدأ ـ بدون ادني فكرة مسبقة ـ في تتبع الموضوع المراد بحثه من خلال كل ايات القرآن سواء ما كان منها قاطع الدلالة شديد الوضوح وهي الآيات المحكمة ،او ما كان منها في تفصيلات الموضوع وشروحه وتداخلاته ،وهي الايات المتشابهة ،وهنا يصل الي الرأي القاطع الذي تؤكده كل ايات القرآن . هذه الرؤية القرآنية للاسلام .
والرؤية الثانية للاسلام هي الرؤية التراثية البشرية التى تخلط بينه و بين المسلمين , وهي ان تنظر للاسلام من خلال مصادر بشرية متعددة منها تفسيرات القرآن والاحاديث المنسوبة للنبي وروايات أسباب النزول ،واقاويل الفقهاء والمفسرين ..ومن الطبيعي ان تجد آراء متناقضة حسب كل مذهب بل وفى داخل كل مذهب،وكل رأي يبحث عما يؤيده من القرآن بأخراج الاية من سياقها ،وان يفهمها بمصطلحات تراثه ومفاهيمه, و هم يبررون تضارب الأراء بمقولة تتهم القرآن العظيم بأنة حمال أوجه , وهم بذلك ينكرون قوله تعالى عن القرآن الكريم: ” كتاب أحكمت آياته ثم فصلت من لدن حكيم خبير. هود 1 ” ” أفلا يتدبروت القرآن ؟ ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا. النساء. 81 .
ومن الطبيعي ان هذا الفهم للاسلام يتعارض مع حقيقة الاسلام ومع الرؤية القرآنية له . ومن الطبيعي ان من هذه الرؤية تخرج التشريعات التي يكون بها الاسلام متهما بالعنف والتخلف والتطرف .
والواقع ان المسلمين في العصور الوسطي كانوا مثل غيرهم من البشر يعيشون ثقافة العصور الوسطي بتعصبها وتطرفها وحروبها الدينية والمذهبية ومحاكم التفتيش ودولها الدينية المستبدة المتألهة ، وقد قام أكثر علمائها بتأويل ايات القرآن وصناعة احاديث وتفاسير لتلائم تلك الثقافة ،وجعلوها مقدسة بنسبتها الي النبي (عند اهل السنة)او بنسبتها الي اقارب النبي (عند الشيعة)او بنسبتها للائمة المقدسين (عند الصوفية ).
والذي يؤمن بهذه الرؤية التراثية البشرية للمسلمين ويأخذ عنها الاسلام لن يجد منها الا أكثرية من التخلف والخرافة والتعصب و العنف والارهاب ،اما اذا رجع يطلب الهدى من القرآن يتدبر آياته ومفاهيمه وتشريعاته ،فسيفاجأ بأن الاسلام هو دين التعقل و التحضر والتسامح والسلام الذي لا مثيل له .
ان تدبر القرآن فريضة اسلامية منصوص عليها فى الكتاب العزيز ” النساء81 محمد 24 المؤمنون 68 وكذلك الحال فى دراسة القرآن والكتب السماوية الأخرى. “ال عمران 79 الأنعام 105 . و هذه الفريضة ـ الغائبة ـ لها منهج دينى هو طلب الهداية باخلاص , ولها منهج علمى عقلى هو البحث المحايد بدون أحكام مسبقة مع الألتزام بمصطلحات الكتاب وعدم فرض مفاهيم خارجية عليه.
والان ماذا عن علاقة الاسلام بالسلام ؟
ان السلام هو الاصل في مفهوم الاسلام في علاقات المسلمين بغيرهم , وفي تشريعات الجهاد في الاسلام. وسنتعرض لهذا بالتفصيل علي النحو التالي :
الاسلام والسلام من حيث المفهوم :
نبدأ بمفهوم الاسلام والايمان طبقا لمصطلحات القرآن ولغته الخاصة .
أ ـ ان كلمة الايمان في اللغة العربية وفي مصطلحات القرآن لها استعمالان :”آمن بـ”أي اعتقد في ،”آمن لـ”أي وثق و اطمئن ،ونشرحهما بايجاز :
一-
1ـ آمن ب” أي اعتقد ،مثل قوله تعالي (آمن الرسول بما انزل اليه من ربه والمؤمنون كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله لا نفرق بين احد من رسله :البقرة 285) وآمن بـ بمعني اعتقد بالإيمان القلبي الباطني. وفي العقيدة أو التعامل مع الله تعالي يختلف الناس حتي في داخل المذهب الواحد والدين الواحد , والقرآن يؤكد علي تأجيل الحكم علي الناس في اختلافاتهم العقيدية الي يوم القيامة والي الله تعالي وحده (البقرة 113،آل عمران 55،يونس 93،النحل 124،المائدة 48 ،الزمر 3،7،46).
2- الاستعمال الاخر هو 🙁 آمن لـ) أي وثق واطمأن واصبح مأمون الجانب يطمئن له الناس ويثقون فيه ،وتكرر هذا المعني في القرآن خصوصا في القصص القرآني ،ففي قصة نوح قال له المستكبرون (انؤمن لك واتبعك الارذلون :الشعراء 111)أي كيف نثق فيك ونطمئن لك وقد اتبعك الرعاع، وتكرر ذلك المعني عن (آمن لـ )في قصة ابراهيم (العنكبوت 26)وقصة يوسف (17)وقصة موسي (الدخان 21)(المؤمنون 47)وفي حديث القرآن عن احوال النبي محمد في المدينة (آل عمران 73 )(البقرة 75)ومواضع اخرى كثيرة . والايمان بمعني الأمن والامان والثقة والاطمئان هو بالطبع حسب السلوك أو التعامل مع الظاهر ،فكل من تأمنه وتثق فيه ويكون مأمون الجانب هو انسان مؤمن في مصطلحات القرآن ،اما عقيدته ـ ان كانت بوذية او مسيحية او يهودية او اسلامية –فهذا شـأنه الخاص بعلاقته مع ربه .والله تعالي هو الذي سيحكم عليك وعليه وعلي الجميع يوم القيامة .
(3) وقد جاء الاستعمالان معا لكلمة الايمان في قوله تعالي عن النبي محمد (يؤمن بالله ويؤمن للمؤمنين :التوبة 61)أي يؤمن بالله اى يعتقد فيه وحده الاها ،ويؤمن للمؤمنين أي يثق فيهم ويطمئن لهم .
والخلاصة ان الايمان في القرآن الكريم هو الامن في السلوك البشرى وفى التعامل مع الناس ،وكل انسان يامنه الناس ويثقون فيه يكون مؤمنا .ومعناه العقيدى أى في التعامل مع الله تعالي هو الايمان به وحده الاها لا شريك له , هو وحده الشفيع والولى والنصير والوكيل والمستحق وحده بالعبادة والتقديس ،والحكم علي هذا الاعتقاد الذي يختلف فيه الناس- مرجعه لله تعالي وحده يوم القيامة -والمهم ان يتعامل الناس فيما بينهم بالثقة والامن والامان …والسلام ..أي ان الايمان في الاسلام هو قرين السلام في التعامل مع الناس .
ب- مفهوم الاسلام يشبه مفهوم الايمان في القرآن له معني سلوكى أو ظاهري في التعامل مع الناس ،ومعني باطني ،قلبي ،اعتقادي في الأعتقاد أو التعامل مع الله .
1-الاسلام في معناه القلبي الاعتقادي هو التسليم والانقياد لله تعالي وحده . والاسلام بهذ المعني نزل في كل الرسالات السماوية علي جميع الانبياء وبكل اللغات القديمة ،الي ان نزل اخيرا باللغة العربية ،وصار ينطق بكلمة “الاسلام”التي تعني الاعتقاد والتسليم والانقياد والطاعة المطلقة لله تعالى وحده (الانعام 161:163)وهذا هو معني الاسلام في الاعتقاد ،والذي سيحكم الله تعالي عليه يوم القيامة ،لأن الله تعالي لن يقبل يوم القيامة دينا آخر غير الخضوع أو الاستسلام له وحده ،وذلك معني قوله تعالي (ان الدين عند الله الاسلام ). (ومن يبتغ غير الاسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الاخرة من الخاسرين :آل عمران 19ـ 85)فالاسلام هو الخضوع لله تعالي بكل اللغات وفي كل زمان ومكان وفي كل الرسالات السماوية , الا انه عندنا وللاسف قد تحول الى وصف باللغة العربية لقوم معينين في عصور معينة .
والله تعالي لا يهتم بما يطلقه البشر علي انفسهم من القاب وتقسيمات مثل (الذين آمنوا ) والذين هادوا (اليهود ) والنصاري والصابئين (أي الخارجين علي دين اقوامهم )لذلك فان القرآن يؤكد في آيتين ان الذين يؤمنون ايمانا باطنيا وظاهريا (بالامن والامان مع البشر وبالاعتقاد في الله وحده )ويعملون الصالحات ويؤمنون باليوم الاخر ويعملون له فهم من اولياء الله تعالي سواء كانوا من اتباع القرآن ،أو من الذين هادوا ،أو من النصاري او من الصابئين (البقرة 62 المائدة 69 )أي ان من يؤمن بالله واليوم الاخر ويعمل صالحا فهو عند الله قد ارتضي الاسلام أو الانقياد لله عز وجل، سواء كان من المسلمين او اليهود او النصارى او الصابئين في كل زمان او مكان او بكل لسان وذلك ما سنعرفه يوم القيامة، وليس لأحد من البشر ان يحكم علي انسان بشأن عقيدته ،والا كان مدعيا للالوهية، هذا هو معني الاسلام الباطني القلبي الاعتقادي ، هو فى التعامل مع اللة تعالي استسلام وخضوع له بلغة القلوب ،وهي لغة عالمية يتفق فيها البشر جميعا، وعلي اساسها سيكون حسابهم جميعا امام الله تعالي يوم القيامة.
(2) اما الاسلام في التعامل الظاهري فهو السلم والسلام بين البشر مهما اختلفت عقائدهم يقول تعالي (يا ايها الذين أمنوا ادخلوا في السلم كافة )البقرة 208 .أي يأمرهم الله تعالي بايثار السلم .
ونتذكر هنا تحية الاسلام الا وهي السلام وان السلام من اسماء الله تعالي، كل ذلك مما يعبر عن تأكيد الاسلام علي وجهه السلمي ويؤكد المعني السابق للايمان بمعني الامن والامان .
هذا …
(3) والانسان الذي يحقق الايمان السلوكى في تعامله مع الناس فيكون مأمون الجانب لا يعتدي علي احد ويحقق الايمان العقيدى في تعامله مع الله فلا يؤمن في قلبه الا بالله تعالي وحده الاها، هذا الانسان سيكون مستحقا للامن عند الله يوم القيامة . و الانسان الذي يحقق الاسلام السلوكى في تعامله مع الناس فيكون مسالما لا يعتدي علي احد ،ويحقق الاسلام العقيدى في تعامله مع الله تعالى فيسلم قلبه وجوارحه لله تعالي وحده ،هذا الانسان يكون مستحقا للسلام عند الله تعالي يوم القيامة ،وفي ذلك يقول جل شأنه (الذين آمنوا ولم يلبسوا ايمانهم بظلم اولئك لهم الامن وهم مهتدون :الانعام 82)أي ان الذين آمنوا بالله في عقيدتهم وآمن الناس لهم واطمئنوا اليهم لأنهم لم يظلموا احدا ،لهم الامن في الاخرة لأن الجزاء من جنس العمل .
لذلك فان الله تعالي يعدهم بالسلام و الامن فى الجنة: يقول تعالي (ادخلوها بسلام آمنين :الحجر 46)ويقول عن الجنة (لهم دار السلام عند ربهم :الانعام 127)أي ان السلام والامان في التعامل مع البشر +الاستسلام لله والايمان بالله وحده وطاعته وحده =السلام والامان في الجنة .والاعتداء والظلم لله تعالي والناس = الجحيم.