كتب: الدكتور عثمان الطاهات
تحول الإعلام الرقمي خلال العدوان الاسرائيلي على قطاع غزة الى شاشة عريضة توضح وتكشف سير العمليات العسكرية والحربية بين جيش الاحتلال والمقاومة الفلسطينية منذ 7 تشرين الاول / اكتوبر الماضي .
نجحت المقاومة الفلسطينية من خلال استخدام تقنيات الإعلام الرقمي في ايصال رسالتها إلى الجمهور في الداخل والخارج وخاصة جمهور العدو وهو الرأي العام الاسرائيلي الذي أصبح يشكك في اداء حكومته على الصعيد السياسي والدليل الانقسام الحاد بين الفرقاء السياسين في حكومة نتنياهو المتطرفة والتي باتت ايام مجلس الحرب في اسرائيل معدودة، كما اصبح الراي العام الاسرائيلي يشكك في اداء جيشه على الصعيد الحربي نظرا للمشاهد التي يتابعها عبر المنصات الرقمية التي تبثها الفصائل الفلسطينية والتي توثق حجم الخسائر المادية والبشرية التي يتعرض لها جيش الاحتلال على ايدي المقاومة الفلسطينية في كل محاور التقدم في قطاع غزة .
واسهمت الرسائل الاعلامية التي بثتها الفصائل الفلسطينية في تحول الرأي العام العالمي وخاصة الغربي تجاه السردية الفلسطينية المتمثلة بضرورة نيل الشعب الفلسطيني حقوقه المشروعة واقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.
وكشفت المواد الاعلامية التي أعدتها كوادر المقاومة الفلسطينية مدى مهنيتها العالية وامتلاكها للمهارات الفنية والتقنية في مجال التصوير الرقمي والمونتاج وبراعتها في استخدام مواقع التواصل الاجتماعي لبث الفيديوهات وايضا استخدامها لتقينات صحافة البيانات في تقديم بعض المواد الاعلامية عبر المنصات الرقمية التي عرضت من خلالها انواع الاسلحها التي تسخدمها في مقاومة جيش الاحتلال.
وأدركت المقاومة الفلسطينية منذ بداية العدوان أن الرأي العام يرتبط بشكل وثيق في وقت الحروب والأزمات بوسائل الاعلام لمتابعة التطورات الحربية، لذلك أعد مسؤولو الاعلام في فصائل المقاومة فيديوهات يومية تتضمن كلمات للناطق الرسمي باسمها الذي اصبح من أكثر الشخصيات حضورا وانتشارا على مستوى العالم العربي، بل والعالمي اضافة الى أن الفيديوهات التي تم نشرها على مواقع التواصل الاجتماعي اشتملت على صور توضح حجم الخسائر المادية والبشرية التي يتم الحاقها بالقوات الاسرائيلية الغازية مما أسهم في زيادة قناعات الجمهور العربي والاسلامي بأن جيش الاحتلال يمكن هزيمته وبسهولة بعد مشاهدته للصور التي بثتها المقاومة عبر منصات الاعلام الرقمي التي كرست قوة المقاومة واذلال جيش الاحتلال الذي طالما سوّق نفسه منذ عقود بأنه الجيش الذي لا يقهر.
إن براعة المقاومة في استخدام تقنيات الاعلام الرقمي أجبرت حكومة الاحتلال المتطرفة الى انتاج فيديوهات تتضمن صورا لأفراد جيش الاحتلال في ساحات المعركة وهم يطلقون النار بطريقة عشوائية دون وجود هدف يمكن اصابته حتى اصبحت هذه الفيديوهات محط استهزاء وسخرية الرأي العام على مواقع التواصل الاجتماعي.
يتضح مما سبق ان البراعة في استخدام تقنيات الاعلام الرقمي ومنصاته من قبل فصائل المقاومة الفلسطينية في عملية طوفان الأقصى أسهم بشكل كبير في إحداث تحوّل كبير في الرأي العام العالمي وخاصة الرأي العام الغربي الذي أصبح يضغط على ساسته بوقف الحرب على غزة، كما اظهر هذا الاداء الاعلامي المميز للمقاومة في تشكيك الرأي العام الاسرائيلي بقدرات جيشه ليس في حسم المعركة فحسب، وانما في تحقيق الامن لسكان اسرائيل في مختلف المناطق والبلدات