كتب : الصحفي علي عزبي فريحات يطرح فيروس كورونا المستجد، المتفشي في العالم، اختباراً لوسائل الإعلام أيضاً، القطاع الذي يشهد أصلاً أزمة ثقة غير مسبوقة. تتأرجح وسائل الإعلام بين النقل الموضوعي أو إثارة الهلع بشأن كورونا! في مراحل الأزمات والكوارث ينبغي على الإعلام أن يكون أكثر حذراً في ما ينشر من معلومات وفي ما يجيب عليه من تساؤلات، حيث يمكن للكلمة الواحدة أن تصيب مجتمعاً كاملاً بالقلق أو تدفعه للهلع كما يمكن لكلمة واحدة أيضاً أن تطمئن مجتمعات بأسرها. الموازنة بين تثقيف المجتمع وطمأنته في الوقت ذاته ليست بالعملية السهلة لا بل هي شاقة على كم هائل من الصحفيين. ولكن في الوقت ذاته إنّ نشر معلومات متكررة بشكل يومي عن الوباء يعرّض المتلقين لضغط نفسي هائل. “إنّ المبالغة في نقل اخبار انتشار وباء كورونا او اسلوب التجاهل والاستهزاء من الاجراءات الاحترازية كلاهما ينبعان من جهل وعدم معرفة علمية حقيقية بكارثية الوباء وتبقى الصحافة أساسية مع أن شبكات التواصل الاجتماعي كسرت الاحتكار شبه الكامل للأخبار من قبل وسائل الإعلام. . ويمكن أن تشكل هذه الأزمة فرصة لوسائل الإعلام لاستعادة ثقة قرائها. كما أنها فرصة للقراء الذين يخضعون للعزل لاختيار وسائل الإعلام الكبيرة والصغيرة التي يثقون بها. و أنها “لحظة مهمة لوسائل الإعلام… لتثبت أنها في خدمة الجمهور أولاً بمعلومات جديرة بالثقة عبر انتقائها”. “في إطار الوضع الصحي الطارئ، توفير أنباء جديرة بالثقة ودقيقة أمر حيوي”، لأن “القراء يبحثون عن تحليلات إضافية وخدمات إخبارية وشهادات”. نواجه جميعاً العدو نفسه. إنها فترة التضامن والعمل في العمق والبرهنة على أننا نكتب لقراء وليس لأجندات سياسية أو لمصالح اقتصادية”. الأخبار الكاذبة قاتلة أيضًا ..فنحن لا نحارب الوباء فقط، نحن نحارب وباء المعلومات”، في إشارة منه لتفشي الأخبار الكاذبة حول الوباء. كذلك فإنّ الصحفيين أنفسهم عرضة لتلقي الأخبار الزائفة مثلهم مثل الجميع، لكن تقع على عاتقهم مهمة تحليل هذه المعلومات والتأكد من مصداقيتها، خاصة مع انحسار دور غرف الأخبار التقليدية وزيادة دور صحافة المواطن. والجدير ذكره أنّ الانتشار الكبير للمعلومات المغلوطة والكاذبة، والإشاعات حول فيروس كورونا في عدد من مواقع الإنترنت وصفحات التواصل الاجتماعي تشكّل خطراً على صحة الناس لا يقل عن خطر فيروس كورونا المستجد، وقد تقود لوفيات”. “إن امتلاك كل إنسان لوسيلة توزيع للمعلومات، على نطاق واسع بدرجة تفوق الخيال، واحتراف كثير من العامة صناعة الكذب، وضعف القدرات النقدية للأخبار لدى غالبية المتلقين (الذين يعتبرون في نفس الوقت موزعي أخبار) زادت من منسوب الهلع، وانعكست سلباً على سلوك كثير من الناس حول العالم؛ فحين يصل الإنسان إلى مرحلة توزيع خبر ما فمعناه أن مستوى القناعة به سيدفعه إلى ترتيب سلوك عليه، مما سيزيد من حجم كرة ثلج (الهلع) التي اجتاحت العالم.” استخدام منصات التواصل الاجتماعي بشكل جيد لمعرفة ما يدور في شبكات التواصل الاجتماعي والاعتماد عليها في الرصد، حيث يمكن للمنصات والمنتديات عبر الإنترنت أن تعطي مؤشراً على وجود خطر ينبئ بالوباء. إن لوسائل التواصل الاجتماعي أثراً إيجابياً أيضاً، فقد سهلت التوعية والتواصل بين المسؤولين والمختصين، وبين الجمهور من جهة، ما أسهم في نشر المعلومات بشأن الوباء وطرق الوقاية منه. وأسهم كذلك في الضغط على المسؤولين من أجل التعاطي الجدي مع الموضوع كما “سهلت عملية التواصل، ومكنت من تطبيق القرارات الخاصة بالعمل من المنازل، كما ساعدت وسائل الإعلام خاصة على إيجاد بدائل للتواصل المباشر مع الضيوف، ومع زملاء العمل وجعلتها في بحبوحة من المعلومات غير مسبوقة عن أي وباء”. إن المتابع للمشهد الأردني في إدارة أزمة فيروس كورونا إلى حد الآن ، يرى مقدار الحكمة والصبر الذي يتمتع به من يتولى إدارة هذه الأزمة من لحظة انتشارها عالمياً ومحلياً ، سواء من خلال المتابعة الحثيثة من قبل جلالة الملك بالإضافة إلى آلية تطبيق قانون الدفاع وحنكة ودراية قادة الأجهزة العسكرية والأمنية وبعض الوزراء كالصحة والأعلام وكافة الكوادر الصحية والجنود المجهولين نشامى الوطن . ومما يلاحظ في فترة انتشار فيروس كورونا ، من قيام بعض وسائل الإعلام المختلفة المقرؤه والمسموعة وعبر وسائل التواصل الاجتماعي بالتقاط كثير من الصور أو نشر بعض الأخبار دون التأكد من مدى المصداقية بها ، والعمل على نشرها دون التأكد من مدى صحة آو موثوقية مصدر الخبر أو المعلومة ، وذلك من اجل الاظهار للمتابعين أن لديهم المعلومات السريعة والحصول على السبق الصحفي في النشر لتحقيق الريادة والسبق عن باقي الوسائل الإعلامية الأخرى المشابه لها آو المختلفة عنها . ولهذا فان على الوسائل الإعلامية من خلال رؤوساء التحرير أن تسعى جاهدة إلى تمحيص وتحليل الأخبار والتقارير الصحفية التي تأتي إليها من كافة المصادر الإخبارية أو من المراسلين الصحفيين في كافة المناطق المحلية والخارجية، ويلاحظ بان بعض هذه الوسائل الإعلامية المحلية أصبحت تعتمد على نقل الأخبار التي فيها الإثارة والتي تشوه صورة الوطن والمواطن سواء تلك التي تتعلق بفيروس كورونا والمشاهدات اليومية لسلوك المواطن وبعض الأحداث المرتبطة بالجريمة او سلوك الشباب والخلافات الأسرية والاجتماعية وذات العلاقة بالعنف والسلم المجتمعي، حتى أن بعض مما تتناقله الإخبار أصبح يؤثر على صورة الأردن بالخارج . وللأسف أن بعض الوسائل الإعلامية أصبحت تعتمد من خلال السبق الصحفي الحصول على الخبر والإنفراد به حتى يشكل سبقاً صحفياً للمؤسسة الإعلامية ، علماً بان ليس كل خبر يشكل سبقاً صحفياً خاصة في القضايا السياسية والاجتماعية والاقتصادية والتعليمية التي تعنى بالشأن العام ، وفي الحقيقة إن الغاية الأولى من هذه الوسائل الإعلامية هي جمع الأخبار التي تمس الصالح العام، والخبر هو الحجر الأساسي في بناء مصداقية هذه الوسيلة الإعلامية، ومصادر الخبر متعددة منها الداخلي، حيث يعتمد على المراسلين الصحفيين في جمع هذه الأخبار وتزويدها بها ، ومنها المصادر الخارجية، حيث تعتبر وكالات الأنباء العالمية مصدراً رئيسياً لجمع الأخبار الخارجية بالإضافة للمراسلين الخاصين بالوكالة الاخبارية في الخارج. فالخبر الصحفي يعتبر العمود الفقري لكافة الوسائل الإعلامية لأنه يحمل في ثناياه الجديد والمتجدد من الوقائع وينقل توضيح وتفسير وتفاصيل الأحداث. ولذا فان على الوسائل الإعلامية أن تسعى إلى تحقيق الغاية التي من أجلها أجاز المشرع لها نشر الأخبار والمعلومات وهي خدمة المصلحة العامة وعدم الإساءة إلى صورة الوطن والمواطن محلياً آو إقليميا و عالمياً ، وذلك من خلال كشف الأمور التي تهم المجتمع، وبالتالي فانه إذا كان الهدف من هذه الأخبار هو التشهير أو الانتقام أو التهكم أو السخرية أن تتحمل مسؤولية ما تنشره من أخبار ومعلومات غير سليمة وصحيحة ، وان يتم تطبيق القانون على كل من لا يستخدم هذه الوسيلة الإعلامية بالشكل المناسب متذرعاً بحجة الحصول على السبق الصحفي في نقل الأخبار والمعلومات . ولذا ولأننا نعيش ظروف استثنائية كما في حربنا مع فيروس كورونا ومن اجل مصلحة الوطن والمواطن ، على كافة الوسائل الإعلامية والتي هي مشكورة بما قدمته لحد الآن من مجهود وطني أن تحافظ على هذه الصورة الرائعة لدورها ، بالإضافة أن تقف مع الحكومة والشعب للخروج من هذه الأزمة إلى بر الآمان وتحقيق السلم المجتمعي . والحمد لله إننا قد مرت علينا ظروف صعبة وازمات وما زلنا فيها لكننا وضعنا الله عز وجل أمام أعيننا وثقتنا في قيادتنا الحكيمة وقدرتها على إدارة الأزمة وحل تبعاتها التي قد تؤثر على المواطنين والمقيمين مما زرع روح التفاؤل في نفوسنا ونفوس كل من يعمل واستمرت النهضة ومسيرة التنمية ولم توقفها تلك الأزمة، بل دفعتها للأمل، وكانت دعوات الأمهات وكبار السن وكل مواطن ومقيم إلى الله عز وجل في كل صلاة وكل وقت جزءا من ذلك التفاؤل التي أعطانا قوة واستمرارا لمزيد من العطاء والنجاح. ونحن نمر الآن في أزمة فيروس كورونا التي أغلقت بيوت الله وخاصة المسجد الحرام أمام المصلين والأسواق والمجمعات وكل أنواع الترفيه وطلب عدم الخروج من البيت وحرمنا من رؤية الأحباب والأصدقاء ومع كل ذلك استطعنا أن نتفاءل وسوف نتجاوز هذه الأزمة بقوة الله عز وجل وبما تقدمه الدولة من إمكانيات ورعاية طيبة للمصابين والإجراءات الاحترازية من أجل عدم تفشي المرض. ولولا الثقة بالله عز وجل والتفاؤل لما استطعنا الاستمرار بمثل هذه الحالة التي لم تمر علينا من قبل في وقتنا الحاضر.