الدكتور سفاح الصبح يكتب :في ذكرى رحيل المرحوم سعيد ابوعناب
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي ” لا إله إلا هو يحيي و يميت ” و إليه ترجعون ” . و الذي إذا ” قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون ” .
الحفل الكريم ،، السادة الكرام ،،، السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
و ما وقوفنا اليوم بذكرى سيّد أقوام ٍ سريّ أنام ٍ عرف كيف ينهض من الموت في ذاكرتنا أبديا خالدا سرمديا إلا رسالة حبّ لتلكم الروح الراحلة :
وصبرا في مجال الموت صبرا فما نيل الخلود بمستطاع
سبيل الموت غاية كل حيّ فداعيه لأهل الأرض داع
و ما للمرء خير في حياة إذا ما عد ّ من سقط المتاع
باسمكم جميعا نتقدّم من الراحل الذي لم يرحل و الحاضر الذي لم يحضر سعيد أبو عناب أسكنه الله رضاه وأحلّه رضوانه بالشكر و العرفان على هذه الدعوة الكريمة و المناسبة العظيمة لتفيّئ ظلال سيرة إنسان رفيع و تمثّل مسيرة
عزيزٍ في ثنايا القلب منزله و إنّا و إن كنّا لا نلقاه نلقاه
و إنّ طرفنا موصول برؤيته و إن تباعد عن سكنانا سكناه
إن غاب عنّا فالروح مسكنه من يسكن الروح كيف القلب ينساه
وما السيد مؤاب و ماله إلا لأبيه ، و ما كان مؤاب إلا متخلّقا بخلق أبيه و إن لم يدانيه ، بما قالته العرب : لا يُدرك السابق . وسابقنا عمدة كفرنجة و عامودها البار الذي رحل بالمآثر كلها في صمت الكبار و عزلة النسور ، فالعظماء كما قال شوبنهاور : مثل النسور يبنون أعشاشهم في وحدة نبيلة .
و ها هنا ، نستذكر فقيد كفرنجة و الوطن ، نستذكر رئيس بلدية و زعيم بلد في مكاننا هذا الذي أمّته الأمم ذات مرة ، و تداعت لهذه الدار المعمورة الناس جميعها على طيب زاد أبي مدين و حسن ملقاه بحضور دولة رئيس وزراء سابق هنا في بادرة فريدة لحمل الهمّ الكفرنجاوي و العجلوني الذي يكبر يوميا لدى الحكومات التي أذاقت الناس وبالها في حدث فريد لم يتكرر في كفرنجة منذ ما يزيد عن عقدين من الزمان
السادة و الأهل المشتاقون للحبيب سعيد أبو عناب سليل الكرام من أبناء العمومة لنا جميعا من آل عناب صنّاع مجد طارف و تليد لم يكن سعيد أبو عناب من العنانبة نهاية أو من أبناء قبيلته الخطابة انتهاء بل كان في كل عشيرة و كان في كل قبيلة أبا و أخا بارّا ،، علما وطنيا ،، و رمزا عشائريا ،، و مصلحا اجتماعيا ،، و ناشطا رائدا ،، و تاجرا صدوقا ،، و رياضيا شبابيا ،، و إنسانا أديبا ،، و صديقا أريبا ،، و هُماما مُعمّما ،، و قُمقاما غطريفا ،، و كوثرا صنديدا ،، عبقا لبقا ،، أنيقا دقيقا
أجل ، لقد عرفت كفرنجة سعيد أبو عناب جوادا غيداقا بلغ أن أحدهم و قد كان غارما مدينا لأبي مدين لا يستطيع أن يسدّه دينه الذي به بنى بيته . و عندما تقدّم به العمر و كبرت عائلته احتاج إلى يتّسع في بناء بيته فذهب بدلا من أن يسدّ الفقيد دينه ــ و ما أكثر ما كان للفقيد دين على الناس ــ ذهب هذا الرجل لشراء مواد بنائه من تاجر آخر . و عندما سأله أحدهم : لم لم تسد ّ دينك أولا ؟ قال : إني في حاجة إلى التوسعة ، و أبو مدين رجل كريم و الكريم لا يدقق في الحساب . آخذا بما روي عن ابن عباس رضي الله عنه عندما جاءه أعربي يسأله : من يحاسب الناس يوم القيامة يا ابن عباس ؟ قال : الله . فأعاد الأعرابي السؤال : من يا ابن عباس : قال : الله . عندها قال الأعرابي : نجوت وربّ الكعبة ، نجوت و ربّ الكعبة !! وعندها : سأله ابن عباس متعجبا : كيف ذاك يا أعربي ؟ فقال : إن الكريم لا يدقّق في الحساب . و الحق ما قال فلم يكن أبو مدين يوما في حسابه على الناس مدقّقا و لم يكن ليشق ّ عليهم أبدا دأبه في ذلك مع أكثر من عامله و جلّ من التقاه .
الحضور الكرام ، لقد كان سعيد أبو عناب نسيج وحده و فريد عصره ،، مدرسة أخلاقيا و أنموذجا اجتماعيا للنجاح و الصلاح ،، أبا حانيّا و صديقا مخلصا للكبار و للصغار حريصا على محبتهم و احترامهم وشاهدا على زمن جميل شهد له كل من عرفه و عامله ،، و المقام في هذا يضيق و الكلمات تترى و الأخبار تتوالى على الرغم من مرضه الذي أقعده سنين و ألزمه بيته أعواما عديدة
الحفل الكريم ، لقد انتصر سعيد على الموت بشخصية ذات حضور جميل صاحبة رأي و رؤية ، و عزيمة عصامية متواضعة محبوبة ، و قد انتصر أخرى بسليله مؤاب الذي يُقال فيه ما قاله الخليفة أحمد بن المعتصم بابن الشاعر الكبير أبي تمام : ما تزال فيك ملحة من أبيك . ففيه منه شيمة و روح تجري ، و محبة تسري . ففيك مؤاب و في عضدك الدكتور علي الأمل باستمرار المسيرة و حمل الرسالة و للسيدة العظيمة المرأة البرزة أم مدين ألف تحية و تقدير
و أعظم الله أجر عشائر الخطاطبة خاصة و عشائر كفرنجة و الوطن عامة برحيل سيدا من ساداتها الكبار و كريما من كرامها العظام و وجيها من وجهائها الأبرار تولّى الله صحبته و آنس وحدته
سلام على روحك الطيبة الطاهرة عمّاه أبا مدين ،، سلام على روحك التي تقف بينا أبدية شامخة في هذا العالم الموحش :
ومن يك سائلا عن بيت “سعيد ” فإن له بجنب ” المجد ” بابا
ثوى في ملحد لا بــدّ منه كفى بالموت نأيا و اغترابا
رهين بلى وكل فتى سيبلى فأذري الدمع و انتحبي انتحابا
مضى قصد السبيل و كل حيّ إذا يدعــى لمــيته أجــابا
و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
1 تعليق
سفاح الصبح
شكرا وكالتنا المميزة الحاضرة
و للصحفي الكبير أستاذ على الفريحات
و للصحفية المتألقة ناديا العنانزة
تحياتي و تقديري