الدكتور محمد السواعي..أكاديمي مبدع من عجلون
كتب : الباحث محمود شريده
المقدمة :
الأمم العظيمة تكرم رجالها العظام الذين بنوا الأوطان وربوا الأجيال وقدموا العلم وسهروا وجاهدوا من اجل ذلك وهم الذين قدموا لبلدهم ولغيره من البلدان نتاجاتهم القيمة والغزيرة، التي تدعو الى الفرح وتبعث على الفخر والاعتزاز وما يزال بعضهم يقدم للإنسانية ما يستطيع ولم يقف العمر حائلا دون ذلك فالعطاء مستمر .
الأمم الحيّة تحتفي بعلمائها وبمبدعيها وتُكرِّمهم وتسعى لتحفيزهم على المثابرة والإبداع والتميز، وتُعَزّز فيهم روح وقيم الإنجاز وتشجعهم على الاهتمام بالبحث العلمي، وتوفر لهم بيئة مناسبة تلبّي احتياجاتهم العلمية والإنسانية وتعزز قدراتهم ، فمن حق المبدع على المجتمع وعلى الدولة أن ينال قسطا من الانتباه والرعاية ، ولا بد أن يُقابل صنيعهم بالإجلال والإكبار والثناء عليه ….فهم الإلحان الرائعة في سيمفونية الحياة الخالدة …
نتحدث اليوم عن أكاديمي مبدع من عجلون وصل الى مستوى عال من الانجاز والبحث والإنتاج الأدبي…خرج من بين الرماد قاسى مرارة الفقر وقلة الإمكانيات والبيئة المناسبة للدراسة والتعلم …. .. أنه الأستاذ الدكتور محمد السواعي …
نشأته ودراسته
ولد الأستاذ الدكتور محمد نهار السواعي في خربة الوهادنه عام 1941م ، والدته الحاجة فاطمة احمد الربيدي من بلدة عنجرة والتي كان لها دور كبير فيما وصل إليه الأستاذ الدكتور محمد السواعي ، وعندما بلغ السابعة من عمرة عام 1948م ، التحق بالصف الأول الابتدائي في مدرسة خربة الوهادنه الابتدائية للبنين ، التي كانت تدرس فقط للصف السادس الابتدائي ، وكان من المبرزين في نتائجه على مدي دراسته الابتدائية ، ولحبة الشديد وطموحة في المزيد من التحصيل التحق عام 1954م بمدرسة كفرنجة الإعدادية ليدرس فيها الصف الأول إعدادي ، ولا يزال يتذكر ذاك اليوم شديد المطر وهو في طريقة من خربة الوهادنه الى كفرنجة ويحمل على كتفة كمية من طحين القمح لتصنع منها صاحبة البيت خبزا له طيلة الشهر ، لازال يتذكر وهو صغير الحجم كيف وقع في سيل وادي الزغدية وهو يحاول اجتيازه الى كفرنجة ويسقط كيس الطحين عن كتفة ويجرفه السيل في طريقة ….
يشد الرحال من جديد في عام 1955م تاركا مدرسة كفرنجة ليجد في مدرسة عجلون ما يصبو إليه ويستمر فيها لينهي المرحلة الإعدادية ليتركها من جديد عام 1958م تاركا فيها زملاء الدراسة والذكريات الجميلة ميمما صوب اربد لينهي فيها المرحلة الثانوية (ألمترك ) عام 1960م وكانت نتيجته (امتيازين وخمسة تفوقات) ونتيجة لوضع والده الاقتصادي درس في عام 1960م في دار المعلمين / عمان ، حيث كانت تقدم لطلابها التدريس المجاني والمنامة والطعام وأنهى فيها ألسنه الأولى بتفوق ، ويخدمه الحظ في بداية ألسنه الثانية حينما زارهم في دار المعلمين ، المرحوم محمد نوري شفيق احد المدراء في وزارة التربية والتعليم آنذاك ويجري نقاشا مع الطلبة ومن خلاله عرف تقدير الطالب محمد السواعي في ألمترك ويستغرب كيف لم يمنح فرصة للدراسة في الجامعة وعندما سأله هل ترغب الدراسة في ألجامعه فإجابة بنعم ولكن قلة إمكانياتي المادية حالت دون ذلك ،وعندها طلب منه أن يراجعه في مكتبة بالوزارة ، وتنجح المراجعة بمنحة دراسية في العراق لدراسة اللغة الانجليزية ويتخرج عام 1965م من كلية الآداب – جامعة بغداد ، بدرجة البكالوريوس في اللغة الانجليزية وبتقدير جيد جدا ، ويعود للوطن ليبتسم له الحظ من جديد ويحصل على منحة دراسية من المنظمة الدولي الأمريكية للإنماء usaid)) في عام 1966م لدراسة الماجستير في الجامعة الأمريكية في بيروت ،وكانت الدراسة في الفترة الصيفية لمدة سنتين ، ثم تلتها منحة أخرى لدراسة الماجستير في اللغويات من جامعة شمال ويلز في مدينة بانقر bangor، وكانت مقدمة من المجلس الثقافي البريطاني ( the British council)ليعود منها للوطن في عام 1969م ونتيجة للتفوق الذي كان يصاحبه في كل مرحلة دراسية حصل على الدكتوراه في اللغويات من جامعة ولاية أوهايو Ohio state university) ) وكان ذلك عام 1980م
حياته العملية
بدأ السواعي حياته العملية معلما في اربد ، حيث عين بعد تخرجه من بغداد معلم أللغة الانجليزية في مدرسة سعد بن أبي وقاص الثانوية لمدة سنه نقل بعدها للتدريس في مدرسة اربد الثانوية لمدة سنه واحدة لينقل بعدها الى مدرسة بنات طبريا الثانوية / اربد ولمدة سنتان ، لينتدب لتدريس اللغة الانجليزية في كلية قوي الأمن الداخلي – الرياض / السعودية لمدة سنتان .
في عام 1974م عين محاضرا في اللغة العربية بجامعة ولاية أوهايو ، ohio state university) ) في مدينة كولومبس ، ولاية أوهايو ولغاية عام 1980م إلى أن حصل على درجة الدكتوراه من نفس ألجامعه .وفي عام 1981- 1987م عمل أستاذ مساعد للغة العربية في جامعة فرجينيا (university of Virginia) بمدينة شارلوتسفيل بولاية فرجينيا الأمريكية ، وفي صيف عام 1983م عمل أستاذ مساعد للغة العربية في جامعة مدلبري (Middlebury) في ولاية فرمونت الأمريكية ، وفي الفترة 1987-1995م عمل أستاذ مشارك للغة العربية في جامعة فرجينيا ، وفي عام 1995م تم ترقيته الى رتبة أستاذ دكتور (بروفسور ) للغة العربية في جامعة فرجينيا ، وفي عام 1984م أسس البرنامج المشترك بين جامعة فرجينيا وجامعة اليرموك لتعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها الذي استمر لعام 2014م ، عين عضوا أستاذ دكتور في مؤسسة ال البيت لمدة ثلاثة سنوات ، وعلى الرغم من بلوغه 75 عاما إلا انه لازال يعطي بهمة الشباب أستاذا جامعيا في جامعة فرجينيا ، تخرج على يديه الكثير من الدارسين العرب والأجانب ، ولا زال مواظبا على البحث والتأليف ناذرا نفسه لخدمة الإنسانية .
المنح والجوائز بعد الدكتوراه
1. منح في صيف 1985م منحة لمدة ثلاثة أشهر من المؤسسة الأمريكية للدراسات الإنسانية للقيام ببحوث لغوية .
2. صيف 1987م منحة من منظمة التبادل الأكاديمي الألماني (daad) للبحث في جامعة توبنجن (Tubingen)في ألمانيا
3 . منح في عام 1988م منحة لمدة سنة كاملة من ( مؤسسة فولبرايت هايز ) للبحث في القاهرة ، وتونس ، واسطنبول ، ودمشق
4. منح في صيف 1991م منحة لمدة ثلاثة أشهر من المؤسسة الأمريكية للدراسات الإنسانية للقيام ببحوث لغوية
5 . منح في 1995م منحة لمدة سنه من المؤسسة الأمريكية للدراسات الإنسانية للقيام ببحوث لغوية
6 . منح في صيف عام 2001م منحة لمدة شهرين من العهد الأمريكي للدراسات المغاربية للبحث في الأرشيف الوطني التونسي
7 . منح في الفترة مابين 1999-2001م منحة من وزارة التربية والتعليم الأمريكية ( مؤسسة فولبرايت هايز ) لدعم الطلاب الأمريكيين لدراسة اللغة العربية في البرنامج المشترك بين جامعة فرجينيا وجامعة اليرموك
8 . منح في الفترة ما بين 2002 -2005م منحة من وزارة التربية والتعليم الأمريكية ( مؤسسة فولبرايت هايز ) لدعم الطلاب الأمريكيين لدراسة اللغة العربية في البرنامج المشترك بين جامعة فرجينيا وجامعة اليرموك
9 .وأخيرا لدية منحة ألان من 2013-2017م منحة من وزارة التربية والتعليم الأمريكية ( مؤسسة فولبرايت هايز ) لدعم الطلاب الأمريكيين لدراسة اللغة العربية في البرنامج المشترك بين جامعة فرجينيا وجامعة اليرموك
المنشورات
اولا الكتب :
1 . صدر له في عام 1985م كتاب العرب في الولايات المتحدة الأمريكية وكندا ( بالانجليزية) دار نشر مازدا .
2 . صدر له في عام 1991م كتاب رسالة في تحقيق تعريب الكلمة الأعجمية لابن كمال باشا زادة ، تحرير ونقد . دمشق : المعهد الفرنسي للدراسات العربية بدمشق
3 . صدر له في عام1994م كتاب رسالة في التنبيه على غلط الجاهل لابن كمال باشا زادة ، تحرير ونقد . دمشق : المعهد الفرنسي للدراسات العربية بدمشق .
4 . صدر له في عام1994م كتاب المتغيرات اللغوية ومواقف المتكلمين : دراسة لغوية اجتماعية في بعض اللهجات العربية ( بالانجليزية) ، دمشق : الجفان والجابي .
5 . صدر له في عام 1999م كتاب أزمة المصطلح اللغوي في القرن التاسع عشر . دمشق : المعهد الفرنسي للدراسات العربية بدمشق ، وبيروت : دار الغرب الإسلامي .
6 .صدر له في عام2004م كتاب رسائل أحمد فارس الشدياق المحفوظة في الأرشيف الوطني التونسي . بيروت المؤسسة العربية للدراسات والنشر.
7 . صدر له في عام 2009م كتاب العربية المحكية في الأردن . علم الكتب الحديث – اربد / الأردن .
8 . صدر له في عام2013م كتاب الحداثة ومصطلحات النهضة في كتابات احمد فارس الشدياق . بيروت المؤسسة العربية للدراسات والنشر.
9 . صدر له في عام 2014م كتاب أصول النحو العربي ( باللغة الانجليزية ) . لندن ونيويورك : دار نشر رتلج Rutledge))
10 . صدر له في عام 2016م كتاب العربية المحكية في بلاد الشام . دار الكتاب الحديث – اربد/ الأردن .
11 . صدر له في عام 2016م كتاب دراسات لغوية في القرن التاسع عشر . بيروت المؤسسة العربية للدراسات والنشر.
12 . تحت الإعداد : كتاب التذكر والمقاومة : دراسة في الشعر الفلسطيني المعاصر ( باللغة الانجليزية) .
ثانيا : المقالات :
1 . منذ عام 1982م ولغاية الآن اثنان وعشرون مقالة منشورة في مجلات عربية وإنجليزية محكمة .
2 . منذ عام 1982م ولغاية الآن اثنان وعشرون مراجعة كتب في مجلات عربية وإنجليزية محكمة .
الخاتمة :
الأستاذ الدكتور محمد نهار السواعي عالم في اللغويات أفني عمرة في خدمة العلم والبحث وهو شخصية متميزة ومبتكرة على مستوى عالي من المهنية الأكاديمية ، شخصية رفعت اسم الأردن عاليا في كل المحافل التي يتواجد فها ، لمثل هذا النموذج نرفع التحية احتراما وتقديرا لجهوده ومثابرته وعصاميته ، وعلى الرغم من تأسيسه تعاون أكاديمي راقي مع جامعة اليرموك الأردنية وجامعة فرجينيا الأمريكية منذ عام 1999م ولغاية ألان ، لم نسمع مرة واحدة أن دعي هذا العلم الكبير ليكرم في بلدة الأردن بجائزة تقديرية أو وسام ، يليق بتفوقه ونبوغه وإبداعه
الباحث / محمود حسين الشريدة
1 تعليق
طلال محمد حجازي
شكرا للانترنت الذي هيأ لنا امكانية التواصل
سرني ما قرات عن البروفسور السواعي واضيف للكاتب الكريم……
كان لي الشرف بمزاملة الصديق السواعي لمدة 4 سنوات خلال الدراسة في قسم اللغة الانكليزية /كلية اداب جامعة بغداد ومجاورته في غرفة السكن الداخلي عام 61.كنا في تلك الايام الجميلة 4 طلاب اردنيين في قسم الانكليزي:المرحوم احمد هويمل كريشان والمرحوم البروفسور لويس مقطش ومحمد السواعي اطال الله في عمره وكانت تجمعنا صداقة لا يمكن ان تنسى وبنفس الوقت منافسة لاتوصف وفي الدراسة على المركز الاول في القسم اذ كنا نتبادل هذا المركز بيننا الاربعة بين فصل واخر. اما الصديق محمد فكان مثالا في ادبه وخلقه وتعامله مع جميعالطلبة ومنذ ذلك الوقت التقيت به مرة في السعودية واخرى في اربد وكان كما عرفته مثالا للصديق الوفي المتفرغ للعلم بكل نشاط وجدية كما كان دائما وفقه الله واسعده واطال في عمر الصديق ” أبو جاسم”