حملت عناوين اليوم الثاني من مؤتمر اجندات سياسات تكريس الاعتماد على الذات الذي ينظمه مركز الدراسات الاستراتيجية بالجامعة الأردنية في البحر الميت لمدة يومين، مفاتيح مختلفة وهامة ركزت على استقلالية تامة للجامعات وتشبيك الجهود بين كافة مؤسسات التعليم لتصنع فرقا بالعملية التعليمية ، ونقل التطور الى حرم جامعاتنا ليحمل الجيل ملف تغيير ايجابي واضح.
كما حمل اليوم الثاني ملفات تتعلق بضرورات رئيسية وهي التعيينات على اسس الكفاءة فقط وترسيخ مفهوم المسائلة، وتطوير مؤسسات الدولة وتعزيز النهج الرقمي الالكتروني لتتحول الاردن الى بلد بلا واسطات.
كما اتسمت ملامح الجلسة الاولى التي ترأسها الزميل حسين الرواشدة تحت عنوان الموارد البشرية والتعليم، بطرح تساؤل ما نريد، ان هنالك صعوبات اجمع الجميع على وجودها في قطاعي التعليم العام والعالي وكان الاجماع من قبل المتحدثين على ان وجود المساءلة للطالب والاستاذ والدكتور الجامعي ورئيس الجامعة والعميد، هي من ابرز سبل الوصول للاصلاح والتغيير، وان العمل على تمكين الفكر والذات وربط العقل بالعاطفة ورسم السياسات وربطها بالتنفيذ الحقيقي، هي الطريق التي توصل لاحداث نقلة نوعية بمختلف المجالات التعليمية والتي تؤدي الى احداث فرق.
فعندما يقول وزير التربية والتعليم الدكتور عمر الرزاز ان جزءا كبيرا من تراجع العملية التعليمية هي اهمال عملية تدريب المعلمين عبر سنوات مضت، فان ذلك مؤشر على الضعف الواضح في تراكمات العملية التعليمية عبر اجيال سابقة، لكن الرزاز بالوقت ذاته اعتبر ان ذلك الخلل لامست مضامينه الوزارة وبدأت فعلا بالعمل على استدراك هذه الفجوة التي ان نجحت تفاصيلها فانها ستغير حتما وجه التعليم بجزء منه.
واضاف الرزاز، ان التدريب يجب ان يرافقه مسار وظيفي بحيث نتمكن من قراءة انعكاس ذلك على ادائه بالميدان وربط ذلك بالمساءلة والمحاسبة، ويعود ليؤكد ان الحاكمية بالمدرسة مفقودة، فعندما يكون الامتحان هدفا فتلك هي المصيبة لان ذلك يفرز طلابا باتجاه الفشل، في ظل غياب المعرفة العامة، حيث لابد ان يكون هناك تطوير للعملية التعليمية التي تعمل الوزارة على تلك التفاصيل عبر خطة ممنهجة وشفافة، قائلا ان القضية التعليمية بحاجة الى قياس مبكر وهذا ما سيتم عمله لطلبة الصف الثالث الابتدائي من خلال امتحان قياس لمهاراتهم ومعرفة من يعاني من صعوبات معينة بالتعليم ليتم تدارك هذه الاخطاء والعمل على اصلاحها.
وبين الرزاز اهمية تأهيل المعلمين من خلال تدريبهم ، مبينا ان لدى الوزارة برنامج لتدريب 50 الف معلم.
وفي موضوع المناهج بين الرزاز الى «اننا نتطلع الى محاكاة التجارب العالمية ولا نريد ان نعيد تشكيل انفسنا.
واعتبر ان الاساس هو خلق روح المواطنة والانتماء لدى الطلبة من خلال الخروج من دائرة الكتاب والسعي لابتكار الانشطة اللامنهجية وكسر المنظومة التقليدية بالتعليم.
وفتح الدكتور عزمي محافظة رئيس الجامعة الاردنية الباب امام الحديث عن قضايا ومشاكل وتحديات التعليم العالي التي تتبلور اهمها في قضية استقلالية الجامعات التي اصبحت حلما يراود كافة الجامعات فهي القضية الابرز التي يعاني منها كل رؤساء الجامعات، قائلا كل الاطراف تتدخل بالجامعات، داعيا الى ضرورة ان تعمل الجامعات وفقا استراتيجية واضحة بان تكون مستقبلة بشكل كامل.
وتحدث ايضا في مداخلته عن القضية المالية للجامعات والتي تعاني منها معظم الجامعات والتي ادت بها «اي الجامعات» الى ابتكار برامج الموازي والدولي لادخال دخل مالي للجامعات يعوضها عن الانخفاض الحاد في رسوم التخصصات التي بلغت من العمر عتيا حيث ان بعض التخصصات ولمدة السنوات الاربع لا تزيد رسومه عن 1900 دينار.
وقال محافظة لا يمكن ان ادعو الى زيادة الرسوم فهو موضوع لا يمكن المساس به، لكنه بالمقابل هناك مس بمستوى التعليم اجمالا، وهذا اثر على المستوى بشكل عام نتيجة الزيادة بالاعداد وزياردة الطاقة الاستيعابية التي تعاني منها كل الجامعات والكم يؤثر على الاداء وهناك برامج مكررة بالجامعات ادت ايضا الى زيادة ملموسة بالاعداد.
كما تطرق الى ان هناك العديد من البرامج الدراسية لم تعد قادرة على مواكبة متطلبات العصر وبسبب الضائقة المالية اصبح هنالك غياب عن الايفاد وهو الامر الذي يبعد العديد من الاساتذة وبالتالي الجامعات عن مواكبة التطور اجمالا.
العين هيفاء النجار فتحت الباب على القضايا المتعلقة بضرورة ان ندمج الفكر والعاطفة والاستراتيجيات الوطنية والفكرية داخل نفوس وعقول ابناءنا الطلبة، فهم الرصيد والحاضر والمستقبل، معززة فكرك الاعتزاز بالذات والنفس والثقة بما تفكر وتقدم، لانه ان خلقت جيلا مؤمنا بنفسه سيكون مؤمنا بوطنه ومدرسته وحياته ويصنع مستقبلا مختلفا.
وقالت النجار وهي تعتبر ان الوجع يتعلق بالرفض للتغيير وهو الذي يوقف الجميع امام منظومة تغيير بعضا من مناهجنا وتاتي اصوات تعيق التطوير بلا دراسة او ترو فالامر كما قالت يجب ان يقودنا الى منظومة قيمية تحافظ على شخصيتنا وتعليمنا ايماننا بالتغيير سيصنع فرقا في تعليمنا وعلينا ان نسعى ان يكون تعليمنا مستندا على ثقافة موروث شعبي يدمج التطور والثقافة واللغة مع التقاليد واللغة العربية التي يجب ان تبقى رصيد المعرفة الحقيقي.
وركزت على ضرورة التشاركية بين كل القطاعات من اجل مجتمع متماسك متجانس يستند على التحدي والثقافة والتعليم الممنهج، لانه في حال لم نعمل بهذه السوية وان لا ندع مجالا للفكر والثقافة والعاطفة ان تصنع فرقا بلا شك وكما اكدت سنخسر الكثير.
الاكاديمي فيكتور بله اعتبر ان هناك غيابا فعليا للتنسيق بين مؤسسات التعليم العالي معتبرا ان التعليم العام والعالي هو منظومة متكاملة وواحدة ولا يجوز الفصل بين هاتين المؤسستين اللتين تؤديان الى بعضهما البعض.
وتحدث بله عن غياب فعلي للمسائلة وعن تدخلات لا مبرر لها لمجلس التعليم العالي بالجامعات الاردنية، التي لا يمتلك مجالس امنائها حرية رفع الرسوم مثلا حسب حاجة الجامعة رغم انها تمتلك هذه الصلاحية بامتياز لكن لا يوجد مجلس امناء يجرؤ على اتخاذ مثل هذا القرار وان كان لمصلحة الجامعة مثلا ماديا.
وتحدث عن ضرورة وجود انظمة تحكم عمل الجامعات مرتبطة باستقلالية لكل جامعة على حدا رغم ايمانه بان السياسات التعليمية غير واضحة على الاطلاق، كما ان هناك خلل بحاكيمة التعليم العالي.
وتحدث بله عن ضرورة تعزيز منظومة المسائلة وهي التي يجب ان ترسم ملامح المرحلة فهي جزء رئيسي من العملية التعليمية، فان لم تكن هناك انظمة واضحة تحكم العملية فلن تكون المخرجات واضحة ومميزة، وهذا ما حصل هذه الفترة ان اصبح هناك غياب للاحصائيات وغياب للمعلومة وغياب للصلاحيات وتشتت وتداخل بالمؤسسات، ما ادى الى تراجع بمستوى التعليم العالي الى 20 عاما للوراء.
وفي الجلسة التي عنونت»الواقع والتحديات والافاق» برئاسة الزميل فصيل الشبول، وشارك فيها وزيرة الاتصالات مجد شويكة، والخبير في التطوير الاداري معن قطامين ورئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي الدكتور مصطفى حمارنة، حيث كان العنوان الرئيسي فيها قضية سيادة القانون وتطبيق مبدأ الثواب والعقاب، وادارة مؤسسات الدولة بشفافية واقتدار واعتماد على الكفاءة.
حيث اكدت شويكة انه لابد من ترسيخ مبدأ سيادة القانون بمبدأ الثواب والعقاب.
وكشفت ان الحديث عن اعطاء تقدير لموظفي الحكومة تم العمل به وظهر ان 95% من موظفي الحكومة يعملون بتقدير ممتاز او جيد جدا، وهذه مشكلة ثانية وتقييم الاداء لم يكن شفافا ومنطقيا لاعطاء صورة شمولية عن واقع موظفي الحكومية الذين يبلغ عددهم 216 الف موظف وهم فوق الطاقة الاستيعابية والحاجة لهم في تلك المؤسسات.
وتحدثت عن ضرورة ايجاد تغيير واضح بالثقافة لدى المواطن، وتعظيم المسائلة مشيرة ان الثقافة المطلوبة هي التحدي الاكبر وهي منظومة متكاملة بما يعني تنمية الموارد البشرية وتمكينها ويجب تجاوز ثقافة الشخصنة والواسطة والمحسوبية وتجاوز رفض المسائلة عن طريق «الرقمي» الذي لا يعرف الواسطة والتدخل ومن هنا بدأت مقاومة هذا التغيير الايجابي، وانتهاج خطة قابلة للقياس والمتابعة والمساءلة وتأسيس ثقافة مختلفة.
وكشفت شويكة انه ليس عندنا بالحكومة قادة تغيير وان بناء القيادات يجب ان تكون جزء من برنامج الاصلاح وعلينا العمل لتأسيس شراكة حقيقية تعتمد ثقافة التميز اساسا، مطالبة ان تكون التعيينات تعتمد على الكفاءة فقط بنسبة 100%.
اما د حمارنة فقد قال انه لازلنا بالاردن في مرحلة بناء المؤسسات ونعاني من ضعف شديد بالمؤسسات وهذا يقودنا الى استنتاج مهم وهو ان حلقات الدولة العليا تفتقر الى اي تدريب او رؤية استراتيجية لتحديد الاهداف لادارة المؤسسات، وهو الامر الذي يتطلب ان نوجه هذه لضمان مسالتين رئيستين وهما المساءلة على مستوى المؤسسة الصغيرة والكبيرة والسيطرة على معهد الادارة العامة ليقوم بدوره بالشكل المطلوب ليقدم قيادات مختلفة تقود المؤسسات لمنطقة مختلفة.
واضاف «عندنا مشكلة مع كل الحكومات المتتالية، فنحن نريد مؤسسات تحقق التغيير والتطوير الموجود، مؤمنا بان الحالة الحالية ليست ابدية وسيكون هنالك تغيير بلا شك.
وتحدث قطامين عن تساؤلات اعتبرها مشروعة حول من اين نبدأ بالاصلاح ولابد من تقييم دائم ودوري للاداء ولابد من اجراء تغييرات بالادارة الوسطى لانها هي المحرك الرئيسي للتغيير واحداث اختلاف.
وركز على واقع الحكومة التي تعاني من غياب الانجازات وعدم وجود ادارة سليمة،واعتبر ان هناك اخفاقات حكومية متراكمة، ومخرجات حكومية تعاني من ضعف فاعلية وضعف كفاءة، مؤكدا انه لايمكن التغيير الا بناء على احداث تغيير نوعي في القطاع الحكومي يركز على التطوير ومواكبة العصر.
وفي الجلسة التي حملت عنوان الشباب الاردني وترأسها الزميل محمد الخالدي وتحدث فيها كل من مدير مركز الدراسات الاستراتيجية د موسى اشتيوي، وسامي الحوراني طبيب وناشط في قضايا الشباب، وحسام الطراونة رئيس نادي الابداع بالكرك، وشهم الور رجل اعمال، واتفق الجميع على وجود خلل واضح بمنظومة الشباب الاردني وان هناك تحديات عقبات تعيق تقدمه وتفقده روح التمازج مع المجتمع، وان هناك تحديات تتعلق بالوضع الاقتصادي والاجتماعي والبطالة، وقضايا الفكر الارهابي،حيث قال د اشتيوي ان نسب البطالة في ارتفاع واضح وعلينا ان نخرج من تلك الصناديق التي اصبحت تحاصر الشباب وتفرض عليهم حالة من الابتعاد عن المجتمع، كما تطرق الى التراجع الايجابي بنسب الفكر المتطرف، رغم انه لا يزال ملموسا بشكل معين لكن العمل على الحد منه اصبح واضحا ومميزا، وهو الذي ادى الى مرونة اكبر بفكر الشباب والغاء عنصرية الفكر المتطرف وابعاده الخطيرة التي تؤثر على المجتمع.
وقال شتيوي انه ايضا نلمس الخطر الكبير في قضايا المخدرات والادمان التي اصبحت للاسف ملموسة وهي التي تدفع الشباب للاحباط والتعاطي بصورة كبيرة لتبعدهم عن وجعهم.
وتحدث اشتيوي على ضرورة العمل التشاركي بالنظر الى الشباب ليس بمعزل عن المجتمع بل بانخراطهم بكل مفاصل الحياة ودمجهم بكافة المشاريع وايجاد فرص عمل لهم.
مؤكدا ان الشباب هم كل فرد قادر على العمل والعطاء والانجاز ولابد ان يكون الشباب محور عمل كافة المؤسسات ومصدر الهامهم بقضاياهم وافكارهم والتخلص من العقبات التي قد تطيح بابداعاتهم وروحهم.
وتحدث المشاركون عن ضرورة وضع الية محددة تفسح للشباب فرصا للانخراط بالمجتمع والتواصل مع كل الفئات والسعي لايجاد برامج تبتعد عن التنظير ليكون لهم فرصا حقيقية للابداع والتمكن الاقتصادي والاجتماعي والسياسي.