الزميل الطراونة يكتب : فردي وزوجي.. لنفكر بالأمر
كتب : مكرم الطراونة
وأخيرًا، بدأتْ الحياةُ بالعودة إلى طبيعتها في المملكة، بعد زهاء 80 يوما من الإغلاق شبه الكامل. اليوم، ها نحن نبدأ بالتعرف من جديد على ملامح حياتنا وعاداتنا السابقة. لكن، وكما يقال دائما؛ لن تعود الحياةُ إلى ما كانتْ عليه قبل جائحة كورونا.
من هذا المنطلق، يتوجب علينا إدخالُ عاداتٍ جديدة، وتبنّي ثقافة مغايرة لما كان سائدا في السابق. الانفتاح الاجتماعي الكبير، وعادات الاختلاط في المناسبات المختلفة، ينبغي أن تتغيرَ، وأن نضعَ في حُسباننا أنها ستتغير إلى الأبد.
ثقافة النظافة الشخصية يجب أن تسودَ في المجتمعات المختلفة، خصوصا في بيئات العمل التي يختلط فيها مزيج كبير من الخلفيات، ويضطرون إلى التقارب الجسدي، ما يشكل خطرا على بعضهم في حال أصيب أحدُهم بالفيروس.
لكنّ واحدا من الأُسس التي ينبغي أن تسودَ خلال الفترة المقبلة، هو التحلي بالمسؤولية الكاملة تجاه النفس والآخرين. على كل من يشعر بأعراض المرض التي باتتْ معروفةً للجميع، أن يسارع إلى إجراء الفحص، وأن يمرّ بمراحل الحجر الذاتي، لكي لا نذهب إلى مرحلة متقدمة من تفشّي الإصابات، وبالتالي تقف منظومتنا الصحية عاجزة عن استيعاب الأعداد الكبيرة.
خلال فترة الإغلاق، جرّبنا حياةً جديدةً، كنا نختبرها للمرة الأولى. جلسنا في بيوتنا، والتزمنا بالخروج والتسوق حسب تعليمات أوامر الدفاع، ودافعنا عن قرارات الحكومة التي اجتهدت كثيرا في تبني أفضل السبل لمحاصرة الفيروس.
ولعل التجربة التي ينبغي أن نفكر فيها وأن نستلهمها لفترة ما بعد الإغلاق، هي تجربة “الفردي والزوجي” في السماح للمركبات بالحركة.
أمس، وبعد عودة الحياة إلى طبيعتها، شاهدنا الاختناقات المرورية من جديد في ساعات ما بعد الظهيرة. هذه الاختناقات كانت لا تُطاق خلال الأشهر السابقة للحظر. الموظفون والعاملون والمستخدمون يهدرون الكثير من الوقت والوقود. كلها تذهب هباء بسبب الاختناقات المرورية.
في الأردن اليوم زهاء مليوني مركبة، أكثر من نصفها تعمل في العاصمة عمان. بينما الشوارع في المملكة جميعها لم يتم تصميمها لاستيعاب هذا العدد الكبير من المركبات. نمو أعداد المركبات جاء بسياقات غير طبيعية، تمثلت في أزمة الخيلج الأولى وحرب العراق، والصراع في سورية.
في عمان، مثلا، يحتاج مشوار بأقل من 10 كيلومترات، إلى أكثر من ساعة سير بالمركبة على بعض الطرقات في ساعات معينة. كل هذا يذهب من رصيد المركبة وصاحبها، فضلا عن التلوث الكبير الذي ينشره بقاء المركبة سائرة لساعات إضافية.
خلال الحظر، جرّبنا السيرَ ضمن الأرقام الفردية والزوجية، وأذكر أنه كانت هناك أصوات سابقة للحظر تطالب بهذا الأمر لتقليل الاختناقات المرورية.
اليوم، الحكومة ما يزال في يدها أن تحسّن من السير في الشوارع عن طريق بعض القرارات. بالتأكيد سوف تجد معارضة ما إنْ هي أقرتْ خطة لتنظيم سير المركبات في الطرقات، ولكن لنعترف أنّ أي قرار سوف يجد من يتبناه، كما سيجد من يعارضه. لكن، طالما أنها تعمل من أجل الصالح العام، فيجب عليها أن تكون صارمة في اتخاذ القرار.