انجاز-ناديه العنانزه
قدم عضو مجلس نقابة الصحفيين الاردنيين ومشرف ومدير مكتبي وكالة الانباء الاردنية بترا في جرش وعجلون ورئيس مجلس ادارة جمعية البيئة الاردنية الزميل الصحفي علي عزبي فريحات في مركز زها الثقافي منطقة طارق محاضرة توعوية عن الاعلام المجتمعي ودوره في إصلاح وتوعية المجتمع.
تاليا نصها :
يلعب الإعلام دوراً هاماً في كل الدول والمجتمعات المحلية والعالمية، وذلك من حيث تعبئة الرأي العام العالمي بالأخبار والمعلومات، مما يزيد من مدى ثقافة وتأهيل وإدراك الناس وتوعيتهم، وبالتالي تفاعلهم مع المجتمع الذي من حولهم، ونظرا للأهمية التي تضطلع بها هذه الوسائل فقد اهتم بها الجميع من كبار وصغار، وصار كل فرد منهم يفرد لها مساحة من الزمن لمتابعتها، وخاصة البرامج التي تتوافق مع رغبة كل فرد.
كذلك فإن الإعلام له دور إيجابي وسلبي في نفس الوقت، حيث يكون إيجابيا في تنمية وعي المجتمع بالأحداث حول العالم، اذ أصبح العالم قرية صغيرة بفضل النقل المباشر للأحداث الجارية، وله دور سلبي بما يسمى الصحافة الصفراء، والتي تعمل على إثارة النعرات الطائفية بين الشعوب وتعمل لصالح طرف دون الآخر، ولصالح جهة سياسية تعمل لتحقيق أهدافها مما يؤثر بالسلب على الوضع العام داخل البلد والمنطقة.
وأفضل تعريف لوسائل الإعلام المجتمعية: هي أي شكل لوسائل الإعلام التي ينشئها المجتمع ويتحكم فيها، سواء كان مجتمعًا جغرافيًا أو مجتمعًا ذا شخصية اعتبارية أو مصالح.
نحن نحتاج لدراسات إعلامية متخصصة تبحث في اللون الجديد من الإعلام (المجتمعي) (وليس إعلام وسائط التواصل الاجتماعي : فيسبوك، تويتر، يوتيوب) ومدى فاعليته في التأثير والإقناع.
تعثر “الإعلام المجتمعي” في بعض الدول النامية يحتاج لدراسات أخرى، للوقوف على أسباب الاهتمام أو تجاهل المحتوى والمضامين العميقة والجادة، للتعرّف على التحديات والتغييرات التي أحدثها هذا النوع من الإعلام في المجتمعات النائية والمحلية كالقرى والبلدات والمدن والمحافظات والأقاليم.
أهم مشكلة تواجه الإعلام المجتمعي هي التمويل الذي أعاق من نموه. فمستقبل الإعلام المجتمعي مرتبط بتحرير إمكانات حصوله على التمويل والإعلان .
تستفيد (وسائل الإعلام المجتمعية) من الدولة المدنية ومؤسسات المجتمع المدني، ومنها بشكل واضح الإذاعات المجتمعية… وسيكون في مقدور هذه الإذاعات المجتمعية، التي تراعي مشاكل وهموم المواطن في المجتمعات المحلية المنافسة مع (الإذاعات الخاصة) القائمة على الترفيه والتسلية والربح من خلال الإعلانات.
الإعلام المجتمعي هو “الإعلام الشعبي” البديل عن الإعلام الخاص (التجاري) وعن الإعلام الرسمي (الحكومي)، وذلك لأن الإعلام المجتمعي يتمتع بهامش من الحرية والاستقلالية والمصداقية، لأنه قريب من الناس والمواطن الذي يعيش في منطقة جغرافية محددة (قريبة أم بعيدة عن المركز).
ولأن الإعلام المجتمعي قائم على “التطوّعية ” فإنه غير مستقر وغير ثابت بلا تمويل مؤسسي مستمر، لهذا نعتقد أن تحرير الإعلام المجتمعي من الناحية المالية، وفتح المجال بنسبة معينة لدخول الإعلان التجاري في أوقات محددة ومواسم خاصة، سيتيح المجال أمام رفد الإعلام المجتمعي بموارد تبقيه قيد العمل.
يختلف “الإعلام المجتمعي” المرتبط بمناطق مجتمعية محددة كالمحافظات، عن (وسائل التواصل الاجتماعي) التي تعني إدارة المستخدمين للمحتوى الإعلامي على مستوى واسع، بحيث تصبح هذه الوسائط عبارة عن منصات تواصل وتلاقي و”مقاهٍ شعبية” وقريبة من “المدوّنات” أو “صحافة الحائط” الشخصية الإلكترونية عبر الإنترنت.
للأسف الإعلام المجتمعي في بلادنا لا يقوم بدوره على أكمل وجه في تغيير الاتجاهات وتطوير العادات والتقاليد لتناسب التقدم والتطور على الصعيد الوطني والإقليمي والدولي، وذلك لأسباب عديدة منها: عدم الفهم الصحيح لأهمية وسائل التواصل الاجتماعي، ودورها في تغيير السياسات والأنظمة.
واصبح هذا النوع من الإعلام يساهم في تشكيل وتعديل وتعميم منظومة القيم المجتمعية والتركيز بالترويج لقيم موجودة مثل التسامح، وحب الوطن، ونبذ العنف والإرهاب والتطرف، ونشر قيم الديمقراطية والعدالة الاجتماعية، واحترام حقوق الإنسان والمرأة، وقيمة المساواة والنزاهة ومكافحة الفساد.
ويبدوا أننا بحاجة إلى وقت طويل لمواكبة التطورات في مجال الإعلام المجتمعي، وهل نحن قادرون على رفع مستوى الوعي لدى الشعب لفهم الإعلام المجتمعي ودوره وأهميته، ويحتاج الأمر إلى عمل دراسات ووضع خطط واستراتيجيات لتطوير الإعلام المجتمعي، لمواكبة باقي المجتمعات.
ماهية الإعلام المجتمعي؟
مع مضي كل هذه الأعوام، ومع كل هذه النشاطات، إلا أن مفهوم الإعلام المجتمعي لا يزال ملتبسًا، وغير واضح المعالم، وربما يعود هذا اللبس إلى أسباب سياسية، أكثر مما يعود إلى عدم معرفة وسوء فهم.
لا يكفي أن يكون هذا الإعلام مهتمًا بقضايا منطقة أو فئة ما كي يصبح إعلامًا مجتمعيًا، فبالنسبة للعاملين والمهتمين بهذا الإعلام لا بد من توفر شروط أخرى كي تصبح وسيلة إعلام ما وسيلة مجتمعية.
ولا شك أن بداية هذا الإعلام من الإذاعات، وظهور اتحاد لها، قد أظهره وكأنه إعلام محصور بالراديو، لكنه ليس كذلك، فالإعلام المجتمعي يمكن أن يستخدم أي وسائل أخرى مرئية ومسموعة ومقروءة. ولقد أصبح شائعًا في أنحاء مختلفة من العالم أن وسائل الإعلام المجتمعية هذه صارت تدار من قبل منظمات المجتمع المدني. كأن يكون لاتحاد المرأة وسيلة إعلامية تعنى بشؤون المرأة…إلخ.
على مضمون وسيلة الإعلام المجتمعي أن يكون مكرسًا لخدمة المجتمع المحلي أو مجتمع الاهتمام المعني، يتناول في التغطية والاهتمام والتحليل شؤون هذه المجتمعات، ويتم إنتاجه من قبل أفراد من هذه المجتمعات، وبشكل تطوعي غالبًا.
وفي المجمل، فإن وسيلة الإعلام المجتمعية هي التي تكون منطلقة من مجتمع محلي أو مجتمع اهتمام (نساء، أطفال، معاقين… إلخ)، تشارك هذه المجتمعات ديمقراطيًا في إدارته وتمويله وإنتاج مضمونه ويهدف، أولًا وأخيرًا، إلى خدمة هذه المجتمعات.
وبهذا المعنى فإن الإعلام المجتمعي يختلف كليًا عن مفهوم الإعلام الاجتماعي، أي إعلام شبكات التواصل الاجتماعي، كـ فيسبوك وتوتير وغيرها، والتي قد تكون مفيدة للإعلام المجتمعي، لكنها ليست ذات الشيء، ويختلف أيضًا عن وسائل الإعلام العامة والحكومية، التي تعنى بمضمون عام على مستوى الوطن أو الإقليم أو العالم، ويختلف عن الإعلام الخاص الذي يهدف غالبًا إلى الربح وليس شرطًا أن يكون هدفها خدمة المجتمعات، إنما وسيلة إخبار عامة.