– يجسد إمام المسجد الستيني، داود سليمان الشبلي، قصة تحد ومثابرة وإصرار في طلب العلم، توجها بحصوله، قبل أيام، على درجة البكالوريوس في الفقه الحنفي من جامعة العلوم الإسلامية العالمية، بتقدير جيد جدا.
والشبلي المولود العام 1960، له 7 أبناء (6 ذكور وأنثى واحدة)، جميعهم متزوجون وهو جد لـ23 حفيدا، ويعمل منذ سنوات طويلة إماما لأحد المساجد في منطقة ماحص بمحافظة البلقاء، ومعروف عنه حرصه على العمل الاجتماعي والإنساني المتعلق بسعيه لتوفير المساعدات للأسر الفقيرة، فيما يتبنى الشبلي خطابا دينيا معتدلا يركز على قيم المودة والتسامح والتآخي.
وفي حديثه لصحيفة ”الغد”، قال الشبلي، إن دافعه في إكمال دراسته الجامعية بعد أن وصل إلى هذه السن بالدرجة الأولى، هو عمله كموظف في وزارة الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية (إمام مسجد)، مشيرا إلى أنه من الواجب عليه أن يطور نفسه حتى يستطيع أن يقوم بهذه المهمة كإمام وخطيب مسجد.
وبشأن ردود فعل عائلته ومعارفه، فقد أكد الشبلي أنه وجد منهم كل الدعم والتشجيع، لافتا إلى أنه لم يكمل الثانوية العامة (التوجيهي) في سن مبكرة، كونه انقطع عن الدراسة منذ أن كان في مرحلة “الثالث إعدادي” العام 1975، بسبب ظروف اضطرته آنذاك إلى ترك مقاعد الدراسة.
ولم تخل مسيرة الشبلي في إكمال دراسته من الصعوبات والتحديات؛ حيث يؤكد أن أبرزها هي صعوبة تأقلمه مع الدراسة كونه انقطع عنها لسنوات طويلة، فضلا عن مواجهته صعوبة بالنجاح في مواد غير تخصص الشريعة مثل مواد اللغة الإنجليزية والرياضيات والحاسوب.
وحول شعوره لوجوده في قاعات الدراسة الجامعية وسط طلبة بعمر أبنائه وأحفاده، أكد الشبلي أنه لم يجد أي حرج، خصوصا أنه وجد منهم كل ترحيب وتشجيع مع وجود طلبة آخرين كبار في السن، مشيرا إلى أنه لا يفكر حاليا بإكمال درجة الماجستير كونه ما يزال متعبا من دراسة البكالوريوس.
وكان الشبلي حريصا على أن يكمل جميع أبنائه دراستهم الجامعية، ذلك أن ابنه الكبير (42 عاما)، أنهى دبلوم طيران، والثاني (40 عاما)، حصل على درجة البكالوريوس في هندسة الميكانيك، والابنة الثالثة (37 عاما)، حصلت على درجة البكالوروس بتخصص الكيمياء، فيما الابن الرابع (37 عاما) أنهى درجة البكالوريوس بتخصص التمريض، والابن الخامس (33 عاما) حصل على درجة البكالوريوس بتخصص هندسة الميكانيك، أما الابن السادس (32 عاما) فأنهى درجة البكالورويس بتخصص المحاسبة، والابن السابع والأخير (30 عاما) أنهى درجة البكالوريوس بتخصص التمريض.
“لله درك يا والدي.. لطالما انتظر الآباء فرحة تخرج أبنائهم، وها أنت تقلب كل الموازين بأن يعيش الأبناء فرحة تخرج والدهم وقدوتهم”، بهذه العبارة، اختار ابن الشبلي (محمد)، أن يزف نبأ تخرج والده عبر موقع “فيسبوك”.
وأرفق محمد الذي يعمل معلما لمادة الرياضيات في إحدى المدارس الحكومية، رسالة من والده جاء فيها، “بسم الله الرحمن الرحيم. والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.. قال تعالى (قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون).. الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.. الحمد لله الذي منّ عليّ وأعانني بأن أنهيت دراستي لمرحلة البكالوريوس في تخصص الفقه الحنفي وأصوله من جامعة العلوم الإسلامية بتقدير جيد جدا.. وإني أهدي هذا الإنجاز إلى روح والديّ اللذين هما السبب في وجودي في هذه الدنيا بعد الله تعالى، وأسأل الله أن يكون في ميزان حسناتهما وأن يرحمهما.. كما أهدي هذا الإنجاز إلى زوجتي العزيزة التي وقفت معي طيلة فترة دراستي وساندتني وآزرتني فلها مني كل المحبة والتقدير وأسأل الله أن يجزيها عني كل خير”.
كما جاء في الرسالة أيضا، “أهدي هذا الإنجاز كذلك إلى أبنائي الذين وقفوا معي وشجعوني على إكمال دراستي. والشكر الكبير إلى أساتذتي ومعلمي الدكاترة الأفاضل في كلية الفقه الحنفي الذين بذلوا كل الجهد لإيصال المعلومات لنا جزاهم الله عنا كل خير”.