الصبح يكتب : قطر درة العروبة
انجاز- كتب :الدكتور سفاح الصبح
لكل شعاع بؤرة ولكل عقد واسطة و لكل نجاح قصة و لكل الأوطان العربية درة واحدة اسمها قطر الدولة التي باتت تفاخر العالم بإنجازاتها الاستثنائية القياسية و التي باتت تشكل ظاهرة عربية متفردة للقدرة على استثمار العقل بالمال كما هو استثمار المال بالعقل .
فاستطاعت قيادة دولة قطر العربية المبدعة عبر عقود خلت من التصميم والتخطيط وضع الدولة في مصاف الدول العالمية العريقة و تحقيق المعجزة في وقت قياسي سمح للدولة العربية ذات الحجم الصغير سكانا ومساحة الدخول إلى نادي الدول الأكثر أثرا و تأثيرا في العالم و منحها القدرة على رسم صورتها التي تريدها و بالحجم الذي يناسبها ويحلو لها في خارطة العالم و أخذ الدور الذي تطلبه في القرية العالمية الصغيرة .
و كما هو النجاح يجلب للأفراد المصائب فهو يجلب في الوقت نفسه للدول تحديات جسيمة كبيرة وقد باتت هذه الدولة الذكية التي استثمرت مبكرا في الخط السريع للتغيير وهو الإعلام تقفز بالشعب العربي و عقله قفزات متقدمة من الوعي بما يجري حوله على الساحة العربية الداخلية وعلى الساحة العالمية الخارجية مما اضطرها مبكرا للمواجهة و الاصطدام مع غالب الأنظمة العربية المهترئة ديمقراطيا وحضاريا فكلفها مبكرا ثمنا باهظا من التشويه والتشويش الذي دفعت ثمنه بشجاعة و بطولة مبكرا و ما يزال الملف مفتوحا .
و قد حمل النمر العربي القطري بالإضافة إلى الملف الإعلامي العربي التنويري بالتوازي الملف الاقتصادي لدولة ذات إمكانات طبيعية عالية من النفط والغاز في الاستثمار الناجح في كبرى المشاريع الداخلية والخارجية مما جعلها بحفاظها على المال العام للدولة من أغنى دول العالم و جعل دخل أفرادها من أكبر دخولات الشعوب في العالم أيضا .
و لأن المشروع القطري العام كان الانحياز التام إلى المشروع العربي النهضوي فقد حرصت الدولة بقوة في كل محفل على الانتصار للقضايا العربية و الوفاء لها عبر تأدية أدوار سياسية مفتوحة و تنموية خاصة بالإضافة إلى وفائها لدورها الأول العميق في رسم وعي المواطن العربي و إعادة صقل وجدانه عبر وسائل الإعلام كافة التي تبث من الدوحة التي أصبحت المحطة الأولى لاستقبال الخبر والمعلومة للمواطن العربي سواء اتفق معها أو اختلف و هذا الوضع الاستراتيجي الحساس هو ما جعل من قطر محط الأنظار و موطن الجدل و مادة الحديث اليومي للمواطن العربي و جعل منها هدفا للدول الغربية الكبرى التي تحكمها ثقافة الامتصاص والهضم للدول الأضعف وشعوبها وعندما فشلت تلك الدول ذات التاريخ الأسود و الحاضر ذاته من إيقاع الدولة في شرك الحروب المفتعلة و في ممارسة السيطرة والسلطة على قراراها ومقدراتها و تحقيق أهدافها الاستعمارية قامت بتوجيه تضييق الخناق على الدولة ومحاولة تركيعها إلا أن القيادة القطرية الواعية لدروس الماضي و الحاضر جيدا ذهبت في توسع خياراتها و استراتيجياتها التي نجحت بها في الخلاص من الشرك الآثم الذي أعان عليه ذوو القربى والظلم من ذوي القربى أشد مضاضة من وقع الحسام المهند.
و المطلوب اليوم من دولة ذات الملامح السابقة وذات الحجم الاقليمي المعروف و التي بات تهددها مصالح غربية و تحديات إقليمية و تضييق عربي أن تحافظ على إنجازاتها العظيمة وألا تقع فريسة لمؤامرات مستمرة لابتلاع ثرواتها و إيقاف مسيرتها فعليها أن تكون أكثر حذرا و أن تقوم بتعميق شراكاتها مع تركيا الحليف الإقليمي الأقرب إلى تطلعاتها العادلة و تطلعات الأمة و عقيدتها و توجهاتها من البناء والتنمية و كذلك مع الأردن الذي وقفت معه في أزمته الأخيرة من غير شرط أو قيد إلا التزاما منها لمشروعها النهضوي العربي الكبير و الذي بات بهذا التقارب و الإخاء الذي ابتدرته دولة قطر الماجدة جعلت الباب أمام الأردن مفتوحا أكثر من قبل والحال هذه تعد فرصة ذهبية للحكومة القطرية لاستغلال الأوضاع التي يمر بها الأردن سياسيا واقتصاديا وبناء شراكة حقيقية كبرى ضامنة لاستمرار المسيرة الحكيمة التي خطتها في وجه الزمن أسرة عربية أصيلة مقدامة اسمها آل ثاني الأماجد الأخيار وعنوانها قطر درة العروبة .
3 تعليقات
محمد العنانزه ابو ايوب
مقال رائع يمثل وجه نظر كل عربي شريف على مساحه الوطن
الدكتور سفاح الصبح
أشكرك أستاذ محمد العنانزة على شهادتك في حق دولة عربية عروبية قدمت الكثير
م.محمد الفريحات
كلام رائع.
فعلا قطر عندها شيء مختلف عن محيطها العربي المترهل بل وعندها رؤيا ورغم صغر حجمها الا انها احدثت هزات وبراكين في البيئة الفكرية العربية وكان هذا اشبه ما يكون المقامرة الخطرة بهذا بكيانها السياسي وهو في نظري يعادل في قوته المعنوية والفكرية الجامعة العربية ودولها التي اثرت مكوناتها دور الضيف ثقيل الظل والمتفرج على الحضارة مع هدر كل الامكانات المتوفرة بين ايدهم ولذلك تراهم يرتجفون من تاثير اسلحة قطر الفكرية على شعوبهم من خلال الاعلام والاقتصاد ايضا .