الطالبة الأولى على خريجي كلية طب المستنصرية في حوار: نحن الشباب أكثر الناس المعنيين بالمستقبل فهو متوقف على ما سنقدمه نحن وواقعنا الحالي يجعل هذه المهمة أصعب
أجرى الحوار : شريف هاشم
ان المتفوقة الطالبة دعاء رياض كنعان كانت مثالاً للطالب المجتهد المثابر على الانتظام في الدوام وحضور المحاضرات ومتابعة متطلبات العملية الدراسية والتزام تربوي ودراية واعية بمتطلبات الحرم الجامعي والتفكير الواعي بالمستقبل وسلوك يحتذى به ، فضلا عن قلقها العلمي الذي دفعها إلى كثير من الاجتهاد ، فكان لها حضور مميز في محاورة الأستاذ ، ولها حضور علمي على ورقة الامتحان ، وهي فرصة سانحة ان أجدد التهنئة باسم عمادة كلية الطب الجامعة المستنصرية وتدريسييه ومنتسبيه لهذه الطالبة ولكل الطلبة الذين حققوا مراتب علمية متفوقة ، ونتقدم بأجمل التهاني لأبنة الكلية دعاء بمناسبة تفوقها وحصولها على التسلسل الأول على الكلية سائلين المولى عز وجل التوفيق لكل خريجي الكلية بأن ينالوا أسمى الدرجات ، وأن يؤدوا الرسالة العلمية التي تعلموها طيلة بقائهم في كليتهم .
الطالبة دعاء رياض كنعان حصلت على المرتبة الأولى في كلية الطب / الجامعة المستنصرية بمعدل %83 للعام الدراسي 2017-2018 الدورة ( 38 ) ، حيث نالت شهادة البكالوريوس في الطب والجراحة ، وللوقوف اكثر على سر تفوقها قمنا بأجراء اللقاء الآتي ، وبعد ترحيبنا بها وتقديم التهنئة لها بأسم مجلس الكلية وتمنياتنا لها بالتوفيق والنجاح الدائم ، وإيماناً منا بدورالعلم وتشجيعاً لهذه المتميزة التقيناها فدار بيننا هذا اللقاء :
في البداية نبارك لك حصولك على الترتيب الأول على دفعتك في كلية الطب / الجامعة المستنصرية ، ونرحب بك ونود أن تحدثينا عن مشوارك الدراسي :
– بدايةً ، نود أن نتعرف عليكِ عن قرب فمن هي دعاء رياض كنعان ؟
– أنا من مواليد 1994في الأنبار ، تخرجتُ من الصف السادس العلمي/ 2011-2012وحصلتُ على معدل (98 %) وقدمت أوراقي للقبول المركزي حيث تم قبولي في كلية الطب / الجامعة المستنصرية للعام الدراسي 2012- 2013 وعلمت بخبر قبولي عن طريق الانترنت ، لم أصدق في البداية وكانت فرحة كبيرة وحلم قد تحقق لي فلم أستطع النوم في ذلك اليوم وكنت متحمسة جداً للدراسة في هذه الكلية ذات التاريخ العريق ، فأن التميز جعلني أدرك صعوبة المسيرة التي أخذتها لنفسي ومع ذلك اعتدتها والحمد لله فأنا طالبة عاشقة للتميز والابداع طموحة بشكل كبير أثق بربي وبعطاياه اذا أردت شيئاً أتمسك به لآخر لحظة ولا أنثني عن عزيمتي .
– اوصفي لي فرحتك في القبول ؟
– كانت كلية الطب هدفي منذ الدراسة المتوسطة وعندما حصلت على المعدل في السادس الاعدادي كنت اعلم اني سأقبل في كلية الطب لكن لحظة القبول فقط شعرت بفرحة الوصول لذلك الهدف.
– هل كانت دراسة الطب شيء جديد وصعب من حيث المفردات الحديثة واللغة بمصطلحات طبية جديدة؟
– لم اعاني كثيرا من هذه الناحية في المرحلة الاولى وبالنسبة لي كانت هذه المرحلة هي الأسهل بين الست مراحل ربما لقلة المادة وسهولتها مقارنة بالمراحل اللاحقة حيث ان الصعوبة في كلية الطب ليست في اللغة او في فهم المواد باختلافها وانما في ضخامة المادة وضيق الوقت.
– تفوقك بالمرتبة الأولى هل كان في كافة المراحل الدراسية ؟
– كنت الأولى في المرحلتين الأولى والثانية أما في المراحل الثلاث اللاحقة فكنت بين الثانية والثالثة ثم الأولى في النهاية.
– الدخول إلى كلية الطب هل كان من اختيارك ؟
– نعم, اضافة الى رغبة والدي .
– ما هي عوامل تفوقك ؟
– قبل كل شيء الأتكال على الله عز وجل ثم الدراسة المتواصلة والرغبة في القيام بأفضل ماأستطيع ، واظن أن من الأشياء الاساسية للتفوق لطالب الطب هو عدم الاستسلام والوثوق بما أودع الله فيه من قدرات.
– ما الخطة التي اعتمدتِ عليها في دراستكِ. والنتيجة التي حصلتِ عليها هل كانت متوقعة. وهل تفضلين السهر أم النهوض مبكراً؟
– كنت احاول دراسة المحاضرات في وقتها وعدم جعلها تتراكم كي يكون الامتحان لمراجعتها فقط لكن مع ذلك لا يسع الوقت وتبقى بعض المحاضرات لحين الامتحان ، لم يكن نومي منتظما على الرغم من محاولاتي المستمرة وفي الغالب كنت اسهر معظم الليل لأكمل أكبر قدر من المحاضرات لكن ذلك كان يؤثر علي سلبا خاصة السهر أيام الامتحانات ، كما كنت أتوقع أن أكون ضمن الأوائل لكني كنت استبعد المرتبة الأولى خاصة في المرحلة الأخيرة إذ لم يكن أدائي في الكورسات مرضيا لكن الحمد لله آتاني بما أتمنى.
– كم عدد الساعات التي تخصصيها للدراسة ؟
– لم اكن اخصص عدد ساعات معين بل ادرس معظم الوقت الذي لدي لكن لم تكن ساعات الدراسة متواصلة.
– يقال بان التحضير للدرس ثم مراجعته مباشرة بعد شرحه يجعله ثابتاً في عقل الطالب الى يوم الامتحان ، فما مدى صحة هذه العبارة؟
– هذه افضل طريقة بكل تأكيد لكني لم أكن أحضر للمحاضرة إلا نادرا لعدم علمي بموضوعها وحتى إن علمت فلا أجد الوقت لدراستها أو ربما لا تتوفر لدي لكني كنت أحاول مراجعة المحاضرات بعد شرحها بأقرب وقت.
– ماهي الصعوبات التي كنت تواجهيها أثناء الدراسة ؟
– كانت لدي صعوبة في تنظيم الوقت خاصة وقت النوم والاستيقاظ وفي كيفية التوفيق بين دراسة المحاضرات الجديدة والدراسة للامتحانات الكثيرة اذ ان الامتحان يعني تضييع اليوم بأكمله في دراسته مما يضيع فرصة دراسة محاضرات ذلك اليوم ، باختصار معدل تزايد المادة أكبر بكثير من معدل دراستها.
– ممن تلقيتي الدعم والتشجيع ومن كان له الفضل الكبير في هذا التفوق الذي حققتيه؟
– كان والداي هما الدافع الأكبر لي ومنهم ايضا كان الدعم والتشجيع المستمر ، وكانت سنواتي الأولى عند بيتي عمي الذين كان لهم الفضل الأكبر فيما وصلت إليه ، لكن في الكلية ايضا كان لأساتذتي فضل لا ينسى ، ولا أنسى أبدا عباراتهم المحفزة ونصائحهم المستمرة إضافة إلى دعم الأصدقاء ومساندتهم.
– ما هي اهتماماتكِ ونشاطاتكِ التي تمارسيها فضلاً عن متابعتك للدراسة؟
– المطالعة والرسم احيانا .
– هل لديك مسؤولية غير الدراسة ؟
– لا ليس لدي .
– ما مدى المساعدة التي تقدميها لزملائك من الطلبة ؟
– في الحقيقة أنا مقصرة في هذا الجانب كثيرا ، فعلى الرغم من رغبتي في تقديم المساعدة لمن يحتاجها، كنت أجد أن انشغالي في الدراسة يمنع اغلبهم من التحدث إلي أو طلب المساعدة خوفا من مضايقتي وكثيرا ما كنت أجد رسائل أصدقاء بعد زمن طويل يطلبون فيها شيئا معينا لكني لم اجب عليها في حينها، ومع ذلك لا أجد منهم إلا التفهم والعبارات المشجعة وأنا ممتنة كثيرا لهم وأطلب السماح ممن قصرت معه يوما.
– ما وصلت إليه من مستوى علمي عالي هل تشعرين انك قد حققت فيه كل طموحاتك العلمية أم إن هناك شيئا” ما زال في الخلد لم ير النور ؟
– كأي طالب في كلية الطب ليست الكلية سوى خطوة وما زال الطريق طويلا.
– ما رأيكِ بالهجرة؟
– ترك البلد هو ضياع لأهم الثروات التي نعقد أمالنا عليها في مستقبل أفضل ، لكننا لن نكون واقعيين إن قلنا أنه من الخطأ الهجرة والبلد في حاجة لأهله ، فعندما لايتاح لك المجال لخدمة مجتمعك بل قد تجد من يحاول عزلك او حتى تهديد حياتك ستجد أن بقاءك لا ينتج عنه غير ضياع امكانياتك ، فالهجرة هي نتيجة طبيعية حين لا تتوافر للشباب فرص للعمل أو التطوير والإبداع ، أما لو أتيح المجال وتوافرت الفرص الكافية لاستغلال قدرات الافراد في النهوض بالبلد فحينها يمكن أن نلوم من يترك بلده لبلد اخر.
– ما هو دور الكلية فيما وصلت إليه من مستوى ؟
– للكلية دور كبير ليس فقط على المستوى العلمي بل دورها في تحسين شخصيتي وقدرتي على التعامل مع مختلف الظروف بشكل أفضل.
-هل كان هنالك تنافس بينك وبين زملائك في سنوات الدراسة ؟
– أعتقد أن الدراسة والمنافسة يقترنان دائما لدى من يبحث عن تحقيق طموحاته بافضل الصور والنتائج فالمنافسة هي من الأسباب المهمة للنجاح فهي تبعث الحماس في النفس ووجود أناس ذوو إمكانيات معك يجعلك تحسن من نفسك باستمرار وتتعلم منهم ما يساعد في جعلك افضل وأقل نقصا والحمد لله كان من زملائي من هم قدوة لي في أمور كثيرة.
– يقال إن الطالبة المتفوقة دائماً منعزلة وليس لديها روح المرح والتفاعل مع الزملاء . هل هذا صحيح ؟ ماذا تقولين ؟
– الانعزال هو صفة تعتمد على شخصية الانسان ولا أظن أن لها علاقة بالتفوق فيمكن أن تجد متفوقين هم من أكثر الشخصيات الاجتماعية والمحببة للاخرين ، أما بالنسبة لي فأنا أفضل الإنعزال اغلب الأوقات حتى خارج إطار الدراسة.
– أثناء الدراسة هل حاولت المشاركة والحضور إلى مؤتمر أو ندوة أو دورة أقامتها الكلية أو خارج الكلية ؟
– سافرت الى اليابان بعد المرحلة الثالثة مع زميلاتي في مرحلتي والمرحلة الثانية برفقة الأستاذ المساعد الدكتور باسم شهاب احمد رئيس فرع الأمراض والطب العدلي في الكلية ، كانت بتنظيم من منظمة JMEMA وكان الغرض من ذهابنا هو التدريب على القسطرة القلبية في أحد مستشفيات العاصمة طوكيو ، أما بخصوص مشاركاتنا في المؤتمرات والندوات داخل وخارج الكلية لم أشارك ويأتي عدم مشاركتي ليس لأني لاأرغب في شئ من هذا القبيل ..بل ربما لعدم وجود ندوات او مؤتمرات تستحق الحضور على حساب دراستي التي كانت أهم ما يمتلك كل الوقت لديّ.
– ما رأيك بالكادر التدريسي في الكلية ؟
– أغلب التدريسيين في كليتنا ذوو علمية ومهنية عالية ولديهم حرص على الطلبة وعلى تطوير مستواهم ولكني كنت أجد في طريقة تدريس البعض ارهاق للطالب واستنزاف للوقت دون فائدة ، فمثلا في بعض الفروع المادة النظرية والعلمية لا تكادان تنفصلان وعلى الطالب ان يكون ملما بجميع المعلومات النظرية عند الدخول الى الامتحان العملي مما يجعله منشغلا بها عن اتقان المادة العملية ، إضافة إلى إعتماد الأساتذة لأساليب مختلفة وإعطاهم معلومات مختلفة تجعل الطالب في حيرة لا تنتهي وكنت في الأمتحان أحفظ لكل أستاذ طريقة فحصه وما قال وبعد زمن اجدني لا أتذكر شيئا ، والأفضل لو وضع منهج واحد (خاصة في المادة العملية ) توفر على الطالب قراءة المحاضرات النظرية وتكون باتفاق جميع الأساتذة.
– ما أصعب المواد الدراسية برأيك ؟
– كنت أستصعب مادة الأدوية كثيرا اذ لم يكن الحصول على درجة فيها يتناسب طرديا مع الدراسة كما في باقي المواد ، والطب الباطني ايضا لحجم المادة الكبير مع انه اكثر المواد التي احبها.
– ماذا تعني لك هذه الكلمات:
– التفوق / هدف اسعى اليه دائما .
– كلية طب المستنصرية / أصعب المراحل وأكثرها فائدة .
– العائلة / الشيء الأغلى والحافز الأكبر.
– النفاق / أكثر ما يسقط المرء في نظري.
– الرغبة / اتشبث بتلك التي ترفعني واكره التي تشغلني عن الأهم.
– التركيز / أكثر ما أحتاجه عند القيام بأي شيء.
– التخطيط / طريقة لتوفير الوقت وترتيب الأولويات.
– الثقة بالنفس / مفتاح لأبواب نظن غالبا أنها لا تفتح أبدا .
– الذكريات / من خلالها اقارن بين شخصي الان وسابقاً لمعرفة قوتي وضعفي الحاليين.
– مادة دراسية تشعر أنها الأقرب إليك ؟
-الفسلجة والطب الباطني.
– هل ترين أن ممارسة النشاط غير الصفي يدعم تفوق الطالب ؟
– نعم كثيرا ,لكني لم أكن أشارك بأي منها.
– مواقف إيجابية رأيتيها في طلاب الكلية وتتمنين استمرارها ؟
– المسارعة في المساعدة ، إذ تجد أن أغلبهم حريصون على مشاركة غيرهم ما ينفعهم ، وكثيرا ما اسمع عن الانانية والغيرة بين الطلبة ولكني والحمد لله لم أرها في أي ممن عرفت ، وايضا نشاطاتهم المختلفة خارج إطار الدراسة وأتمنى أن يستمروا في ذلك وأن يجدوا دعما أكبر من الكلية لتقديم الأفضل ففي شبابنا إمكانيات وطاقات كبيرة تحتاج الى رعايتها وإعطاء المجال للتعبير عنها ونحن في أمس الحاجة إليها للنهوض مما صرنا إليه.
– هذا الانجاز والتفوق لمن تهديه ؟
– لكل من كان له فضل في الوصول إلى ما وصلت إليه وإهداء خاص إلى أستاذتي الذين وثقوا بي وقدموا لي كل الدعم وأتمنى أن أكون عند حسن ظنهم.
– ما تطلعاتك للمستقبل وهل لديك الرغبة في أكمال دراستك خارج العراق ؟
– نحن الشباب أكثر الناس المعنيين بهذه الكلمة “المستقبل” فما سيكون عليه متوقف على ما سنقدمه نحن وواقعنا الحالي يجعل هذه المهمة أصعب وأصعب خاصة وأن كثير من الشباب يجد نفسه عاجزا عن تطوير نفسه وفعل شيء هنا مما يجعل الهجرة هدف الكثيرين في حين نحن في حاجة الى الكثير من الجهود والتضحيات لشفاء أمراض كثيرة دبت في المجتمع ، ولدي رغبة في إكمال دراستي خارج العراق لتطوير نفسي أكثر ولمحاولة تحسين الحال هنا.
– نصيحة تقدميها لزملائك الطلبة ؟
– بذل كل ما في الوسع ، كنت أعلق في غرفتي ورقة صغيرة كتبت عليها “قدم كل مالديك وانتظر المعجزات” وبالفعل كان الله يأتيني بما لم احلم به حتى وعدم التقليل من قدراتك بسبب فشلك بل حاول باستمرار وإن استمر ذلك سنوات وإسأل نفسك لماذا أرادني الله أن أفشل؟ ستجد أن هناك مايريدك الله أن تتعلمه لتكون بمستوى أفضل وفكر في الطب على أنه وسيلة لتكون سببا للخير لغيرك.
– كلمة أخيرة ؟
– أسأل الله أن يوفقني لأكون أهلا لما وصلت إليه وان أستطيع تقديم -ولو الشيء القليل- لهذا البلد وأن يجعلني فخرا لأهلي وأساتذتي وجميع من وثقوا بي.
– في ختام هذا اللقاء نشكرك جزيل الشكر وبالتوفيق والتقدم الدائم إن شاء الله .