نشر الاكاديمي الدكتور اخليف الطراونة عبر صفحته الشخصية في موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، منشورا بعنوان ‘أحن إلى خبز أمي’.
وتاليا ما كتبه الطراونة:
‘أحن إلى خبز أمي’
عندما كنا صغاراً نلعب ونلهو ونتعلم، كان والدي، رحمه الله، وبقية الأهالي في القرى والأرياف يطلقون مسميات مختلفة على ‘ الخبز’ مثل ‘العيش’ والذي استخدم للدلالة على حفظ الأمانة وحفظ العهود وحسن المعاملة ‘مثل أن يقال بيننا عيش’ أو ‘خبزوملح’.
وكنا نسمع له اسم ‘البر’ أو ‘النعمة’ فعندما تقع قطعة صغيرة من الخبز من الأولاد ينهر عليهم ليتناولوا (البر أو النعمة) ويقبلوها ويضعوها فوق رؤوسهم للدلالة على قدسية الخبز ورمزيته بالنسبة لنا جميعاً. وفي مواسم الحصاد كان والدي، رحمه الله، مثله مثل بقية رجال القرية والقرى المجاورة يحرص على أن يخزن لنا ‘المونة’ والتي يتكون الجزء الأكبر منها من القمح الذي نقوم بطحنه لعمل خبز الطابون، ونحفظ أيضاً للطابون ما يلزم من ‘التبن وغيره’ كوقود لتسخينه، اضافة إلى تأمين جزء من المحصول لبذار العام القادم.
العبرة أصحاب الدولة والمعالي والذوات والسعادة الأكارم؛ أن الخط الأحمر للخبز قد تم تجاوزه مراراً من بعض الحكومات السابقة. وعلى ما يبدو أن هدف الخطة الحالية ليس لتجاوزه فقط، وإنما أيضا لاستباحته بالكامل.
نعم؛ إننا نؤيد قرار الحكومة وتوجهات صاحب الجلالة بالاعتماد على الذات في ظل تناقص او تلاشي الدعم الخارجي العربي .لكن عندما يصل الأمر الى خبزنا؛ فإننا نقول علينا أن نستنفد كل البدائل المتاحة والتي على رأسها مكافحة التهرب الضريبي، وإخضاع الجميع إلى شرائح الضرائب المختلفة مع المحافظة على الطبقة الفقيرة، وما تبقى من الطبقة الوسطى التي هي في تناقص شديد. وعلينا ان نخضع دخول الوافدين إلى شرائح ضريبية خاصة بهم؛ ما يساهم مع رسوم تصاريحهم في سد العجز الحاصل عن كلف ما يستهلكونه من مادة الخبز، ويمكن أيضاً وضع خطة خمسية لدعم مزارعي الحبوب لتوفير مادة الطحين محلياً.
خبزنا- يا سادة- له رمزية معنوية مرتبطة بالكرامة وعزة النفس.
نحن معكم، وشركاء لكم في تحمل أعباء ومسؤولية سداد المديوينة، والاعتماد على الذات، وانتم واجب عليكم المحافظة على ما تبقى من كرامة لموائد الفقراء.
حفظ الله الاردن مليكا وشعبا من كل مكروه