تستمر درجة حرارة الأرض في الارتفاع بلا هوادة، حيث كان عام 2020 واحدا من أكثر الأعوام الثلاثة دفئا على الإطلاق، إذ اختلطت الأحداث المناخية المتطرفة مع تداعيات جائحة كوفيد-19 فأثر ذلك على الملايين.
وفقا لتقرير حالة المناخ العالمي الرائد الصادر عن المنظمة العالمية للأرصاد الجوية (WMO)، بلغ متوسط درجة الحرارة العالمية في عام 2020 حوالي 1.2 درجة مئوية فوق مستوى ما قبل الصناعة.
هذا الرقم “قريب بشكل خطير” من حد 1.5 درجة مئوية الذي دعا العلماء إلى عدم تخطيه من أجل درء أسوأ آثار تغير المناخ.
واتسمت السنوات الست منذ عام 2015 بكونها الأكثر دفئا على الإطلاق، وكان العقد الذي بدأ هذا العام العقد الأكثر دفئا على الإطلاق.
قال الأمين العام أنطونيو غوتيريش في مؤتمر صحفي عقده الاثنين لإعلان نتائج التقرير: “نحن على حافة الهاوية”.
ويأتي التحذير الصارم من المنظمة العالمية للأرصاد الجوية أيضا قبيل قمة القادة الافتراضية بشأن المناخ هذا الأسبوع، التي دعا إليها رئيس الولايات المتحدة جو بايدن، لحشد الجهود من أجل الحد من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري وتحقيق أهداف اتفاق باريس التاريخية لعام 2015، التي وافقت عليها جميع دول العالم.
وشدد الأمين العام للأمم المتحدة على أن عام 2021 “يجب أن يكون عام العمل”، داعيا إلى عدد من “الإنجازات الملموسة”، قبل أن تجتمع البلدان في غلاسكو في تشرين الثاني/نوفمبر، من أجل الدورة السادسة والعشرين لمؤتمر الأطراف (COP26) لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ (UNFCCC).
وقال الأمين العام، “يتعين على البلدان تقديم مساهمات طموحة جديدة محددة وطنياً (NDCs) تم تصميمها بموجب اتفاق باريس. يجب أن تكون خططها المناخية للسنوات العشر القادمة أكثر كفاءة”.
كما حث السيد غوتيريش على ضرورة دعم الالتزامات والخطط المناخية بإجراءات فورية، وعلى أن تتماشى تريليونات الدولارات التي استثمرتها الدول الأكثر ثراءً للتعافي المحلي من فيروس كورونا، مع اتفاق باريس بشأن تغير المناخ وأهداف التنمية المستدامة (SDGs)، وأن يتم تحويل الدعم الموجه نحو الوقود الأحفوري إلى الطاقة المتجددة.
وأكد السيد غوتيريش أنه “يجب على البلدان المتقدمة أن تقود التخلص التدريجي من الفحم – بحلول عام 2030 في دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، وبحلول 2040 في أماكن أخرى. لا ينبغي بناء محطات طاقة جديدة تعمل بالفحم.”
إنذار مبكر
وأشار تقرير حالة المناخ العالمي أيضا إلى أن تغير المناخ يقوض جهود التنمية المستدامة، من خلال سلسلة متتالية من الأحداث المترابطة التي يمكن أن تؤدي إلى تفاقم عدم المساواة القائمة، فضلاً عن زيادة إمكانية حدوث ردود فعل عكسية، مما يؤدي إلى استمرار الدورة المتدهورة لتغير المناخ.
وحذر بيتيري تالاس، أمين عام المنظمة العالمية للأرصاد الجوية، من أن “الاتجاه السلبي” في المناخ يمكن أن يستمر خلال العقود القادمة بغض النظر عن جهود التخفيف، داعيا إلى زيادة الاستثمارات في تدابير التكيف.
“يوضح التقرير أنه ليس لدينا وقت نضيعه. المناخ يتغير، والتداعيات باهظة التكلفة بالفعل على الناس والكوكب. هذا هو عام العمل”، كما قال بيتيري تالاس، داعياً جميع البلدان إلى الالتزام بخفض الانبعاثات بحلول عام 2050.
وأشار أمين عام المنظمة العالمية للأرصاد الجوية إلى أن إحدى أقوى طرق التكيف تتمثل في الاستثمار في خدمات الإنذار المبكر وشبكات مراقبة الطقس. العديد من البلدان الأقل تقدما تعاني من فجوات كبيرة في أنظمة المراقبة الخاصة بها وتفتقر إلى أحدث خدمات الطقس والمناخ والمياه.”
من بين نتائجه، أشار تقرير المنظمة العالمية للأرصاد الجوية لعام 2020 إلى أن تركيزات غازات الدفيئة الرئيسية استمرت في الزيادة في عامي 2019 و 2020، فيما تجاوز المتوسط العالمي لتركيزات ثاني أكسيد الكربون بالفعل 410 أجزاء في المليون، في ظل إنذار آخر وهو أنه إذا استمر نفس النمط كما في السنوات السابقة، فقد تصل أو تتجاوز تركيزات ثاني أكسيد الكربون 414 جزءا في المليون هذا العام.
كما لاحظت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية أن تحمض المحيطات وإزالة الأكسجين منها مستمران، مما يؤثر على النظم الإيكولوجية والحياة البحرية ومصايد الأسماك، فضلاً عن الحد من قدرتها على امتصاص ثاني أكسيد الكربون من الغلاف الجوي.علاوة على ذلك، شهد عام 2019 أعلى مستوى مسجل من حرارة المحيطات. ومن المرجح أن يستمر الاتجاه في عام 2020، كما حصل مع المتوسط العالمي لارتفاع مستوى سطح البحر.وذكر التقرير أيضا أنه منذ منتصف الثمانينيات من القرن الماضي، ارتفعت درجات حرارة سطح الهواء في القطب الشمالي بمعدل ضعف السرعة على الأقل مقارنة بالمتوسط العالمي، مع “تداعيات كبيرة محتملة” ليس فقط على النظم البيئية في القطب الشمالي ولكن أيضا على المناخ العالمي، مثل ذوبان الجليد الدائم، وإطلاق غاز الميثان، وهو أحد غازات الدفيئة القوية في الغلاف الجوي.
بالإضافة إلى ذلك، لوحظ انخفاض مستوى الجليد البحري في القطب الشمالي بشكل قياسي في شهري تموز/يوليو وتشرين الأول/أكتوبر 2020، بينما فقد الغطاء الجليدي في غرينلاند حوالي 152 غيغا طن من الجليد بين أيلول/سبتمبر 2019 وآب/أغسطس 2020.
كما تم تسجيل أحداث مناخية قاسية في عدة مواقع على مستوى العالم، مع هطول أمطار غزيرة وفيضانات، وحالات جفاف شديدة وطويلة الأجل، وعواصف كارثية، وحرائق واسعة النطاق وطويلة الأمد في الغابات كما هو الحال في الولايات المتحدة وأستراليا.