((العناق السياسي والاجتماعي للإقتصاد عندما يزيد مستوى الدين العام عنّ مستوى الدخل القومي للدوله))
د .ابراهيم الحسن النقرش
…الدين سِمةٌ متلازمه مع الاقتصاد..وكما أن الاقتصاد ظل للسياسه…فكذلك السياسه والوضع الاجتماعي..ايضاً ظل للاقتصاد ..فعندما تزيد مديونية أي دوله عن ناتجها المحلي بنسب عاليه كأن يتجاوز 110% مثلا يصبح عندها للدوله مؤشر خطير ..وهذ يُعني ان كلّ دولار ناتج محلي مدين بذاته وزياده10%..وهذ يستدعي معرفة أسباب وعواقب هذا الدين الذي هو نذير بين يدي الدوله..
فمن أسباب الدين للدول الضعف الاقتصادي للدوله والذي يتمثّل بنقص الواردات للدوله مقارنة مع ارتفاع الإنفاق الحكومي وبالتالي يؤدي الى عجز مزمن ومتراكم في الموازنات العامة للدوله،والذي يعضده الاعتماد على القروض سواء المحليه أو الخارجيه لتمويل مشاريع وسد العجز الحكومي..وقد تؤثر الظروف الجيوسياسية التي يعيشها العالم سلباً على النمو الاقتصادي وارتفاع معدلات التضخم.
وارتفاع الدين الحكومي له تأثير سلبي على اقتصاد الدولة.. يتمثّل في إرتفاع أعباء خدمة فوائد الدين العام..فيُخصص له نسبه من إجمالي الإنفاق الحكومي…وهذا يكون على حساب الإنفاق التنموي في البنيه التحتيه والصحه والتعليم..وهذا له تاثيره يُضعف ثقة المستثمرين بالبلد نظراً لارتفاع نسبة الديون.
وفي نهايه المطاف يكون مواطن الدوله هو المتلقي لنتائج هذه السياسات المتعثره ..بصورة زياده في الضرائب والرسوم لتحصيل ايرادات اضافيه..ولجؤ الدوله إلى رفع الدعم الحكومي عن بعض المواد الأساسيه ..وكل هذا يؤدي إلى ضعف الخدمات الحكوميه..وإرتفاع البطالة لضعف الاستثمارات.
وهنا للخروج من مثل هذه المآزق لا بد للحكومات من تعزيز الايرادت وترشيد الاستهلاك والانفاق..والعمل لتحريك النمو الاقتصادي..والاستفاده منّ وادارة المساعدات الدوليه المقدمه لتلك الدول.
وتأثير الدَين لا يقتصر علّى ماأسلفنا بل يتعداه إلى التاثير على السيادة الوطنيه للبلدان المدانه تتمثّل في تقييد القرار الاقتصادي..من خلال إتخاذ سياسات اقتصاديه ومالية تتماشى مع شروط الجهات الدائنه(كصندوق النقد والبنك الدولي)ولا ننسى ان الاعتماد علّى القروض والمساعدات الخارجية يؤدي إلى كسل الاقتصاد ونموّه وتآكله ..وبالتالي عجزه وانحرافه عن هدفه وهياكله الانتاجيه.. وقد يستدعي
تدخّل الجهات المقرضة لضمان استرداد ديونها.
وبالتأكيد فان هناك تأثير للدين على السياسه الخارجيه للبلدان المدينه..مثل أن تظطر الدول المدينه الى تعزيز علاقاتها مع الدول المانحه ..لضمان استمرار المساعدات والقروض..وقدّ يدفعها الى تحالفات إقتصادية وسياسيه يكون لها مردود مالي…حتى لو تعدت الخط السياسي المسموح به…وهذ قد يقود الى تأثر المواقف الدبلوماسيه لمصالح تخدم الدائنين،
و هذا يؤدي إلى تراجع الدور الإقليمي والدولي للبلد المدين..فيضعف دوره الإقليمي في التأثير على قضاياه…وكذلك القضايا الدولية..وقد تصل الحال إلي التبعيه في اتخاذ القرارات السياسية والاقتصادية والاجتماعية وقد تصل ا الأمور إلى تغييرات تشريعيه تؤثر في الداخل ..الثقافي والتعليمي..لتلبيه متطلبات وشروط القروض والمنح المقدمه لتلك الدول.
وفي المحصله مجموع تاثيرات سلبيه لابد ان تعيشها تلك المجتمعات..ارتفاع تكلفة المعيشه بسبب رفّع الضرائب وقلة الدعم الحكومي على السلع..وزياده الفجوه الطبقيّة مما يعزّز الشعور بالظلم والقهر الاجتماعي..مما يشجّع العقول..والشباب على الهجره
وعلى الجانب الأخر يُحدث الدين وأثاره السلبيه تصورات عاصفه بين الشعوب وأنظمتها يتمثّل بأمور منها
ضعف الثقه في الحكومه..وشعور بعدم كفائتها..كسؤ إدارة شؤون الدولة.. ومواردها وسياساتها الاقتصادية..وهذا قد يؤدي إلى زيادة الاحتجاجات الشعبيه الناتجة عن الفساد والتقشف وزيادة الضرائب ،…ومسايرة الدائنون قد يؤدي إلى تآكل شرعيات الدوله السياسيه ..وهذا مايفتح الباب للخصوم لاستغلال المعارضه والغضب الشعبي لتوظيفه في غير محله..وخلق متاعب إضافية للدوله هي بغنى عنّها.
في الختام لا بد لتلك الدول من تعزيز الشعور الاجتماعي من خلال إظهار الشفافيه والمشاركه واطلاع المواطنين على حقيقة الامور ومحاسبة المسؤولين عن سوء الاداره.ولابد من محاربة الفساد واحقاق العدالة الاجتماعية بحماية المواطنين من الفقر واتاحة الفرص لكل كفؤ.. ولا بد من إيلاء التعليم والثقافة جزءا كبيرا من المسؤولية والاهتمام به..ولا بدّ من التواصل الدائم بين الحكومات والمجتمع ..ليعرف ويطمئن الشعب على نفسه وموطنه