الفضل بعد المغفرة
بقلم رقية محمد القضاة
( وعلى امتداد صعيدك الطاهر يا عرفات ،وتحت انبساط سماءك الصافية الأديم ، هنا وهناك اكف مرفوعة بالضراعة الآملة ،وعيون يتقاطر دمعها النادم ،وقد امتلات القلوب ببرد اليقين وأمن الرجاء ،وهي تتمثل صدق حديث النبيّ الصادق المصدوق (مامن يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبيدا من النار من يوم عرفة وإنه ليدنوويتجلى ثم يباهي بهم الملائكة فيقول ما أراد هؤلاء} ،{انظروا إلى عبادي اتوني شعثا غبرا ضاحين جاءوا من كل فج عميق، يرجون رحمتي ولم يروا عذابي، فلم يريوم أكثر عتقا من النار من يوم عرفه}دنوّ الرحمة والعزّة الربانية ،وتجلي فيض العطايا والمن والجود والهبات الرحمانية
ويطمعون بالفضل بعد المغفرة وقد أمّلهم بها نبيهم {لو علم اهل الجمع بمن حلّوا لاستبشروا بالفضل بعد المغفرة . يرد حديث الحبيب المصطفى على الخواطر المرهفة، فتحيي فيها الأمل برضى الله وغفرانه.
يوم يتولى فيه الشيطان ذليلاو قد خاب أمله، وحبط مسعاه ،وارتفعت راية التوحيد رغم انفه ،وأقبل العباد الطائعين على ربهم، منيبين إليه ،وقد نبذوا الفرقة ،والرفث والفسوق ،والتقت قلوبهم على الطاعة والرجاء ،رافعين أكف الضراعة، ساكبين دموع الشوق والرجاء والتوبة، فيزداد ذلا وحسرة، وقد فاته أجر السجود ،وصدق اليقين، وتذلل المخبتين ،وطاعة الطائعين، وقد عصى وتجبر، وأبى واستكبر، فكان من المدحورين.
وتحنّ قلوبنا الوامقة الى الوقوف على صعيد عرفة الطاهر ،وتمتزج اشواقنا بالدموع المنهلة ،الراجية التائبة المترقبة لجود المعطي ولطفه ،ورقة العطايا وسموّها وقد حال بيننا وبين الحج إلى البيت العتيق حائل
ونبتهل الى ربّنا الرحيم الكريم ان يكتبنا مع الشاهدين في هذا اليوم وان يتقبل من إخوتنا الحجيج زوار بيت الله العظيم أن يكتب لهم القبول والبركة والمغفرة
ونطلب من ربنا العظيم الحليم الكريم كما يطلبون لأمتنا الجريحة وقد تكالبت عليها الأمم ، ونضرع الى ناصر المظلومين ،ورب المستضعفين، أن يلم شعث الامة الإسلامية ،وان ينصرها على عدوها، وأن يعلي رايتها ،وأن يغفر لأولها وآخرها.
رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ