اللامركزية واختبار الخدمات
د.مهند مبيضين
المواجهة اليوم مع الخدمات، المواطن يستحق أن يرى الأفضل، في بلد لا تنقصه الكفاءات، ولا يعوزه الخبراء، ولا يعاني من قلة التجارب، فهناك خبرة متراكمة لدى الجهاز الإداري العام، وإذا ما نظرنا إلى جملة التحديات التي تواجه الناس لوجدنا أنها تنحصر في الخدمات اليومية التي يتلقونها.
الصحة والنقل والتعليم، من أكثر القطاعات التي يحتاج الناس للشعور في أثر الدولة وحضورها الجيد فيها، بمعنى أن المواطن حين يستجيب لكل الاجراءات الاقتصادية الحكومية، هو يسأل عن التحسن في الخدمات اليومية، وقد لا تكون هناك اجابات راهنة، ذلك أن التحسن تراكمي، ولا يأتي في يوم وليلة.
ربما يرى البعض أن سؤال الناس اليوم سؤال سياسي، يخص الإصلاح وقانون الانتخاب أو مكافحة الفساد، وهذه الأمور على أهميتها، إلا أنها لا تعني بالنسبة للسكان في الارياف والبوادي والمخيمات، أي شيء، لا يعني القرويين تعديل قانون الانتخاب، ولا تغيير الحكومة، ولا تخصيص أموال جديدة لمجالس اللامركزية والبلديات، او شراء سيارات لرؤسائها.
لقد انجزنا تجربة انتخاب مجالس المحافظات، في محاولة لتطبيق اللامركزية، واليوم ما زالت التجربة وليدة، والمجالس خبراتها من حيث الأعضاء جيدة، لكنها في نظر كثيرين مكبلة، لا تملك أي صلاحيات فعلية على الأرض، وهناك حاجة لتطوير الأداء، لكن هذا التطوير دون مخصصات مالية مباشرة للمجالس ودون دعم فعلي يبقى مجرد كلام.
ليست اللامركزية، اليوم إلا حصيلة الإرادة السياسية التي سعت إليها الدولة نحو الإصلاح، لكنها في مسيرتها القصيرة جداً للأسف لا تعكس نجاحاً كبيراً أو ملحوظاً، ولربما لذلك ظروف وأسباب يجب البحث فيها وتلافي التحديات المقبلة كي تحضر مجالس المحافظات في التخطيط ومعالجة تردي الخدمات في الأطراف، بما يتناسب والمفهوم العام للحكم المحلي واللامركزية الإدارية، التي كان التعويل عليها كبيراً.
أخيراً، هناك تحد كبير اليوم في المحافظات، وهو الهجرة للعاصمة، ففي المحافظات فرص العمل قليلة، وفي العاصمة وعود وآمال، لا تصلح كلها ولا يجدها المهاجر من الكرك أو المفرق أو معان، وقد تحدث له صدمة، لذلك لا بد من خلق مشاريع عمل في الاطراف، وتحقيق نواة مدن جديدة على أساس عمالي ومهني، أما كيف نوقف الهجرة للعاصمة والتي باتت مثقلة بالسكان الجدد، فهذا أمر يحتاج للكثير من الجدّية في خلق التنمية خارج العاصمة.
الدستور