المحامي فريحات يكتب :شعب يستردّ صوته !!
بقلم المحامي مصطفى احمد فريحات
ليس من فرق كبير بين قوانين الفيزياء و قوانين السلوك المجتمعي إذ في الحالين تتحكم فيها معادلات القوة و الجذب والضغط بتوجيه الظواهر سواء كانت طبيعية أو نفسية .. و تأسيسا على ذلك فإن العناصر الطبيعية و إن كانت خاملة هامدة فإنها تتقبل الحركة و الانفجار إذا ما توفرت العناصر المحيطة الكافية لتحقيقها ومثلها في ذلك النفس الإنسانية .
و لأن الحكومات في الأردن ينقصها الكثير من الدروس ليس في الفيزياء ولا في الكيمياء التي هي لديها مواد اختيارية بل في الاقتصاد والديمقراطية وغيرها و لهذا باتت بعيدة كل البعد عن عوالم واقعية معتمدة فقط على تحميل الشعب أحمالا كبيرة دفعته مؤخرا إلى التحول من الطبيعة الدفاعية إلى الطبيعة الهجومية ببعديها الحساس والخطير .
و لم يدر ببال الحكومات الأردنية السابقة التي كبدّت الأردن بسنوات من التأخر و ضياع لكثير من الإنجازات أن الشعب هو صاحب الأمر و أنه هو مصدر السلطات وأن الحكومة هي في خدمة الشعب و ليس الشعب في خدمة الحكومة . ولذلك راحت الحكومات تستلب على حين غرة قوة الشعب و قدراته الاقتصادية والديمقراطية في عمليات ممنهجة تمت في بيت الشعب الذي تأسس وجوديا للدفاع عنه و للارتقاء به لا لذبحه و وأد أحلامه البيضاء .
و مع تراكم كبير للضغط الحكومي الجائر على الناس و محاولات خنق متعمد لضمير الشعب و وجدانه الحالم بغد أفضل عرف أبناء الأردن الواحد كيف يستلهمون الأمل وكيف يستردون صوتهم و وعيهم و وجودهم وكلمتهم مستندين بذلك على أدواتهم الحضارية المتجددة و ملامحها الاتصال والتراسل والحوار و التشاور بديلا عن الحزبية التي أطاحت بها الحكومات والتي كان الأمل عليها معقودا .
وكان للنهج الحكومي السابق الذي قضّ مضجع الناس و أدمى أحلامهم ممثلا بقانون الضريبة و من قبله قانون الخدمة المدنية وقانون الجرائم الالكترونية هو الضربة على أذن الشعب ليستيقظ فازعا إلى الشارع بشجاعة وبسالة حاملا حب الوطن وقيادته الحكيمة ومؤسساته الأمنية الوطنية في عيونه ورافعا صوته عاليا بروح مسؤولة مؤسسا بقوة لثقافة جديدة قوامها المساءلة والحوار والمشاركة التي لا عودة عنها .
وهنا سطر الشباب الأردني الطموح النصر و التصحيح عبر تضحياتهم العظيمة في الشوارع والميادين و عبر وسائل الدعاية والرفض وعبر شاشات الهواتف مقاومين النهج بالنقد البناء و متسلحين بالمعلومات الدقيقة وعقد المقارنات الذكية للفت الناس عامة إلى قضيتهم العادلة ولردم الفجوات و التصدعات التي باتت تشكل تهديدا لأمن المجتمع ومسيرته .
مبارك للشعب الأردني انتصاره على ذاته .. و مبارك له انتصاره على النهج الحكومي الرجعي متماهيا مع تطلعات ملكه وقائده الذي حيّ معه أبناء الأردن على مسؤلياتهم وتضحياتهم و تأسيسهم للنهج الجديد بين الشعب و الحكومات عنوانه : المشاركة و الحوار والبناء .. الذي طالما انتظره الأردنيون طويلا .