الموت يغيب الزميل غازي السعدي
غيب الموت الكاتب الصحفي والمحلل السياسي الزميل غازي السعدي الذي توفي يوم أمس بعد وعكة صحية المت به، والزمته الفراش دون أن تمهله طويلاً.
ويعد السعدي من أبرز الكتاب الصحفيين الأردنيين المتخصصين في القضية الفلسطينية، ومالك دار الجليل للنشر والدراسات.
وأسس السعدي دار للنشر والدراسات والأبحاث الفلسطينية عام 1978، للتعامل مع الأحداث السياسية، المتصلة بالصراع العربي – الإسرائيلي.
وتمكن من رصد المتغيرات التي سادت الدول العربية وإسرائيل، ورسم صور تحليلية، لما جرى ويجري، واستشرفت آفاق المستقبل على صعيد القضية الفلسطينية.
في أعقاب ابعاد السعدي إلى الأردن، قام بزيارات إلى مراكز الدراسات والأبحاث في بعض الدول العربية فوجد أن أراشيف هذه المراكز إما قديمة أو أنها غير دقيقة، من هنا جاءت فكرة إقامة هذه الدار، المتخصصة بالصراع العربي الإسرائيلي والقضية الفلسطينية، وبالتعاون مع بعض الأسرى المحررين الذين درسوا اللغة العبرية أثناء أسرهم في السجون الإسرائيلية بهدف التعريف بوجهات النظر الإسرائيلية المختلفة وبالفكر الصهيوني والكشف عن البرامج والمخططات الإسرائيلية العدوانية.
وأصدر من خلال دار النشر ما يزيد عن 250 عنوانا من الكتب المنتقاة المتعلقة بالصراع العربي-الإسرائيلي والقضية الفلسطينية قسم منها مترجم من اللغتين العبرية والإنجليزية، وإلقاء الضوء على سيرة شخصياتهم، وآرائهم وفكرهم لتنوير المهتمين بالأفكار والأهداف الصهيونية التي تحكم مسار الدولة العبرية وأطماعها.
ولد السعدي في عكا في السابع من تشرين الثاني من عام 1937 واعتقل من قبل قوات الاحتلال الاسرائيلي بتهمة مقاومة الاحتلال وحكم عليه بالسجن 12 سنة، قبل أن يبعد إلى الأردن، بعد أن أمضى من حياته نحو سبع سنوات ونصف في سجون الاحتلال الاسرائيلي.
وقبل وفات السعدي بأيام استذكر لكاتب هذه السطور موقف الحكومة الاردنية باستقباله، بعد أن ارادت سلطات الاحتلال الاسرائيلي ابعاده، وكيف ارسل رئيس الحكومة الأردنية في ذلك الوقت جواز السفر له إلى السجن؛ والترحيب به.
وأشار السعدي قبل وفاته إلى أن اعتقاله من قبل جيش الاحتلال الاسرائيلي انعكس عليه ايجاباً من خلال قيامه بنشاطات اعلامية متنوعة خلال سنوات ماضية، لتوضيح صورة الفلسطينين الذي يقيمون على اراضيهم المحتلة.
ويقول السعدي رحمه الله بأن انشاء مركز دار الجليل للأبحاث والدراسات الفلسطينية، جاء لتوفير المزيد من قواعد البيانات والمعلومات والدراسات حول الفلسطينين، خصوصاً الذي يقيمون على أرض فلسطين المحتلة، وكذلك تحليل الصراع العربي الاسرائيلي ومتابعة الشأن العربي.
وبين السعدي بأنه اصدر أكثر من ٢٥٠ كتابا بما يخص الصراع العربي الاسرائيلي. وهناك أكثر من50 كتابا تم ترجمتها من العبرية الى العربية للتعرف على السياسة الاسرائيلية تجاه العرب.
واعتاد السعدي من خلال مركز الجليل على رصد الصحافة العبرية وترجمة أهم ما تتضمنه من أخبار مهمة بشكل يومي لتوزيعها على المشتركين في الاردن والعالم العربي لشرح وضع المواطنين العرب في الداخل.
يذكر بأن السعدي رحمه الله عضوا في المجلس الوطني الفلسطيني وعضوا مشارك في وفد فلسطين في الشراكة الاوروبية المتوسطة وشارك في المؤتمرات التي تشارك فيها 25 دولة اوروبية و10 دول شرق اوسطية منها 8 دول عربية واسرائيل وتركيا.
وفي الأمس القريب وقُبيل أن تلم بالسعدي وعكة صحية أخرى كان يستذكر لكاتب هذه السطور مرحلة مهمة من مراحل الصراعي الفلسطيني الاسرائيلي عندما كان عمر لم يتجاوز الـ 11 عاماً؛ في الأشهر الأولى من عام 1948؛ إذ بدأ الهجوم اليهودي على مدينة عكا، بعد أن تسللت القوات الإسرائيلية من الكيبوتسات المجاورة، فاحتلوا تل الفخار او ما يسمي بتلة نابليون في البلدة الجديدة، ومنه بدأوا بتصويب أسلحتهم على بيوت ومواطني المدينة، مما أدى الي هرب القسم الأكبر من اهلها الى لبنان، ومن تبقوا لجأوا الي عكا القديمة ، هربا من الموت والدمار، وكان عدد المدافعين عن المدينة من السكان قليل جدا لنقص السلاح والخبرة في القتال، ومع ذلك ردوا الهجوم عدة مرات، منتظرين نجدة القوات العربية التي لم تصل فرفعوا العلم الأبيض.
ولفت إلى أن كان شاهداً على “النكبة”، عندما احتل اليهود المدينة، وفرضوا منع التجول فيها، وأخذوا يفتشونها بيتا بيتا، يعتقلون الشبان، وينقلونهم الى معسكرات الاعتقال في عتليت وغيرها. ويضيف السعدي بأنه “ولولا صغر عمره، لكان بين المعتقلين، ومن معسكر عتليت رحل الجزء الأكبر الى خارج الحدود، وهذا ما جرى في معظم قرى الجليل”.
ويضيف بأن عدد المواطنين في عكا انحسر من ما يزيد عن 25 ألف مواطن، إلى نحو ثلاثة آلاف مواطن، جراء النكبة، وفرضت القوات الإسرائيلية الحُكم العسكري على المواطنين العرب، ونظام التصاريح، كجزء من المضايقات لدفع العرب على الرحيل، ولمنع المواطنين من الوصول الى أراضيهم ومزارعهم التي تحولت الى مزارع للكيبوتسات، ومنذ مطلع الخمسينيات سنت الكنيست القوانين لمصادرة هذه الأراضي قانونيا .
الراي