النظام يعلن اتفاقا على «خروج المسلحين» إلى إدلب والأردن يرحّب
دمشق ـ «القدس العربي» من هبة محمد وبسام البدارين: قالت مصادر اعلامية مقربة من النظام السوري أمس الجمعة إن « الجهات الحكومية السورية بدأت بالتجهيزات لتوجه الحافلات الى مدينة درعا غداً السبت لنقل مسلحي أحياء درعا البلد والذين رفضوا التسوية مع القوات الحكومية، وعددهم بحوالي 1500 مسلح إضافة إلى عائلاتهم، ليتم نقلهم الى محافظة إدلب».
وقالت المصادر إن وفداً من القوات الروسية دخل الى مدينة درعا البلد والتقى مع قادة الفصائل وابلغهم إما التسوية أو تحمل النتائج .
وكشفت المصادر أن «مسلحي» مدينة درعا والريف الغربي وصولاً الى حدود محافظة القنيطرة سوف يتم نقلهم من مدنية درعا، في حين أن فصائل الريف الشرقي، يتجمعون حالياً في مدينة بصرى الشام وربما ستتم تسوية أوضاعهم أو نقلهم من هناك إلى إدلب.
يشار الى ان الاتفاق الذي تم التوصل اليه اليوم لنقل مسلحين الى ادلب هو اول اتفاق بين القوات الحكومية ومسلحي المعارضة السورية في الجنوب.
وكان مصدر رسمي أردني قد أكد لرويترز أمس الجمعة إن هناك تقارير مؤكدة عن التوصل إلى وقف لإطلاق نار في جنوب سوريا سيفضي إلى «مصالحة» بين المعارضة وقوات الحكومة بعد أن تسببت المعارك بينهما في إثارة مخاوف من وقوع كارثة إنسانية.
ولم يذكر المصدر مزيدا من التفاصيل عن التقارير التي تحدثت عن الاتفاق في المنطقة التي تشن فيها قوات الحكومة السورية هجوما منذ الأسبوع الماضي لاستعادة أراض تسيطر عليها المعارضة.
وقالت جمانة غنيمات وزيرة الدولة لشؤون الإعلام والمتحدثة باسم الحكومة في وقت سابق لوكالة الأنباء الأردنية (بترا) «الأردن يرحب بأي اتفاق للهدنة والتهدئة حفاظا على أرواح المدنيين وخصوصا الأطفال والنساء».
ودفع هجوم الجيش السوري عشرات الآلاف من الأشخاص نحو الحدود مع الأردن وآلافا آخرين نحو الحدود مع هضبة الجولان التي تحتلها إسرائيل. وتقول إسرائيل والأردن إنهما لن يسمحا بدخول لاجئين.
وقالت غنيمات «البحث والتواصل لم يتوقفا مع جميع الأطراف لإنجاح مساعي وقف التصعيد العسكري».
وتابعت قائلة «الأردن يرحب بأي حل لحقن الدماء وعدم تشريد المزيد من المدنيين من الإخوة السوريين».
وقال مسؤول في وزارة الخارجية الأمريكية، أمس الجمعة، إن الولايات المتحدة ليس بوسعها تأكيد التوصل إلى وقف لإطلاق النار في جنوب سوريا، حيث قُتل عشرات المدنيين وأوقف العنف قوافل الإغاثة الإنسانية.
وقال المسؤول للصحافيين «لا نستطيع تأكيد التقارير عن وقف لإطلاق نار. على حد علمنا، فإن المعارك مستمرة في منطقة جنوب غرب سوريا حيث يواصل النظام وروسيا قصف المنطقة… الوضع لا يزال قاتما».
هذا وأدت مواصلة قوات النظامين الروسي والسوري استنزاف المدنيين ومضاعفة مأساتهم في الجنوب السوري بتهجيرهم من مناطقهم إلى تصاعد عدد النازحين الى 200 ألف وسط دعوات عشائر جنوب سوريا وأهالي مدينة الرمثا الأردنية لفتح الحدود مع سوريا أمام موجات النازحين.
ومحذراً من كارثة إنسانية في الجنوب، شبه مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، الأمير زيد بن رعد الحسين، أمس، حال المدنيين في درعا وما يتعرضون له من حصار وقصف بمأساة أهالي الغوطة الشرقية. وأضاف المفوض السامي أن بعض نقاط التفتيش التابعة للقوات الحكومية تتقاضى مئات الدولارات من المدنيين لتسمح لهم بالمرور. وناشد الأطراف كافة لتوفير ممر آمن لمن يرغبون في النزوح.
وعلمت «القدس العربي»، من مصدر مطلع على ملف التفاوض، أن قيادات في الجبهة الجنوبية، التي كانت مدعومة من قبل غرفة «الموك»، قد التقت الخميس، عبر وساطة أردنية، مع قيادات عسكرية روسية من قاعدة حميميم، في العاصمة الأردنية عمان.
المصدر، الذي فضّل حجب اسمه، أكد لـ«القدس العربي»، أن الجنرالات الروس قدموا مقترحات للقيادات العسكرية التابعة للجبهة الجنوبية، مقابل إيقاف الحملة العسكرية، وتشريد الأهالي. الشروط الروسية شملت مطالبة المعارضة السورية بتسليم كامل سلاحها الثقيل، وتسليم معبر نصيب للقوات الروسية، وانتشار الشرطة الروسية في الجنوب السوري، والسماح بإعادة المؤسسات الحكومية، وفي المقابل، عدم السماح للنظام السوري بدخول المدن والبلدات التي ستسلمها المعارضة السورية للقوات الروسية، بما فيها معبر نصيب الحدودي، الرابط بين الحدود السورية – الأردنية، وتجنب تدمير المنطقة حقنا للدماء، وإيقاف تهجير الأهالي، مبيناً ان روسيا أمهلت المعارضة السورية ساعات للإجابة على مقترحاتها وشروطها لإيقاف الحملة العسكرية على الجنوب.
وأشار المصدر إلى أن قيادات المعارضة التي شاركت في الاجتماع مع الضباط الروس في العاصمة الأردنية عمان، هم صابر سفر- بشار الزعبي – محمد الدهني- أحمد العودة – محمد الخطيب – أبو صلاح الشامي، وعبد الكريم الحريري، علماً ان جميع القيادات المذكورة ما عدا الحريري، هم قيادات عسكرية دعمتها الولايات المتحدة الأمريكية عبر غرفة «الموك» قبل إغلاقها.
وبعيد الانتهاء من الاجتماع، دخلت بعض القيادات المشاركة في الاجتماع إلى الداخل السوري، بغية التباحث مع الفعاليات الأخرى في حوران، حول المقترحات الروسية، إلا أن المصدر أكد أن الذين شاركوا في الاجتماع، منقسمون فيما بينهم، حيث وصلت الخلافات بينهم إلى «التخوين المتبادل»، فمنهم من يوافق على المقترح الروسي، ومنهم من يرفض مضمونه جملة وتفصيلاً ويرغب في مقارعة الروس والنظام السوري في الجنوب.
ارتدادات الخلافات بين قيادات الجبهة الجنوبية حول المقترحات الروسية، عادت سلباً على القرى والبلدات التي انسحبت منها المعارضة في ريف درعا الشرقي، إذ قامت قرى عدة بتسويات مع النظام.
ميدانياً، ذكرت غرفة العمليات المركزية للمعارضة السورية، جنوب البلاد، أن فصائلها تمكنت من صد محاولة تقدم لقوات النظام باتجاه المناطق الغربية من مدينة درعا، أسفرت عن تدمير دبابتين وقتل مجموعة عناصر تابعة لقوات النظام خلال صد محاولات التقدم. وبحسب مصادر ميدانية، فإن قوات النظام خسرت ما يزيد عن 100 قتيل من قواتها خلال محاولات التقدم غربي مدينة درعا، بالإضافة إلى تدمير خمس دبابات، وعربتي نقل جنود، تم تدميرها بصواريخ مضادة للدروع.
مصادر محلية قالت لـ «القدس العربي» إن قوات النظام السوري بقيادة العميد سهيل الحسن تستميت للوصول إلى الطريق الحربي وقطعه، عن طريق السيطرة على قاعدة الدفاع الجوي غربي مدينة درعا والتلال المحيط بها.
مكتب «توثيق الشهداء في درعا» أكد الجمعة أن 13 مدنيا بينهم طفل وسيدتان، قتلوا بعد إصابتهم بغارات للطيران الحربي والقصف المدفعي على ريف درعا الغربي، في حين قتل 41 مدنياً بينهم 15 طفلًا وتسع نساء جراء إصابتهم بغارات للمقاتلات الروسية والسورية والقصف المدفعي على ريف درعا الشرقي. وإلى جانب القتلى المدنيين، قُتل 15 عنصرًا من قوات المعارضة خلال الاشتباكات الدائرة على جبهات مدينة درعا وريفها الشرقي.