تحرير ديرالزور من التنظيمات الارهابية
الاهمية الجغرافية لدير الزور تعطيها ميزة عسكريّة عملانية مهمة تُضاف إلى كونها المدينة الحدوديّة الوحيدة في الوسط الشرقي للدّولة السوريّة التي تؤمن لمن يُسيطر عليها القدرة والإمكانيّة للتدخّل في أكثر من اتّجاه لحماية الحدود، فضلاً عن إمكانية امساك كامل الحدود الممتدة من التنف إلى مدينة البوكمال من الجهة الجنوبية للمدينة عدا اهميتها باعتبارها عقدة المواصلات للمنطقة الشرقية لسورية. يضاف إلى ذلك إمكانية الاستفادة من مطار دير الزور العسكري لاستخدامه كقاعدة عسكرية -لوجستية، لاستعادة السيطرة على باقي المناطق، كما حصل في مطار كويرس العسكري شرق حلب.
فرض الجيش السوري سيطرته على كامل دير الزور، آخر كبرى المدن السورية التي تواجد فيها تنظيم داعش، في هزيمة جديدة للمتطرفين تزامنت مع استعادة القوات العراقية السيطرة أمس على قضاء القائم في غرب البلاد، منهية مرحلة أولى من دحر تنظيم داعش من آخر معاقله في العراق، بحسب ما أعلن رئيس الوزراء حيدر العبادي.
وهنأ العبادي في بيان “العراقيين بسيطرة الأبطال على قضاء القائم وتحريره في فترة قياسية”، بعدما بدأت القوات العراقية تدعمها فصائل الحشد الشعبي باقتحام المنطقة صباح امس أمس.
ولم يعد أمام القوات العراقية حاليا سوى استعادة قضاء راوة المجاور ومناطق صحراوية محيطة من محافظة الأنبار، ليعلن استعادة كافة الأراضي التي سيطر عليها تنظيم داعش في العام 2014. القائم الحدودية، آخر أهم معاقلهم في العراق المجاور.
وسيطرت القوات العراقية في تقدم سريع أمس على منفذ القائم الحدودي مع سورية.
وعلى وقع هجمات عدة، فقد تنظيم داعش خلال الأشهر الماضية مساحات واسعة أعلن منها “خلافته” في سورية والعراق في العام 2014، أبرزها معقلاه مدينتا الرقة والموصل. ولم يعد يسيطر سوى على حفنة من المناطق المتفرقة.
وأعلن الجيش السوري في بيان امس أمس أن “أنجزت وحدات من قواتنا المسلحة بالتعاون مع القوات الرديفة والحليفة مهامها في إعادة الأمن والاستقرار إلى مدينة دير الزور بالكامل”.
ويأتي ذلك بعدما أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان مساء الخميس عن سيطرة الجيش السوري على كامل المدينة، وهو أمر أكده الإعلام السوري الرسمي صباح أمس.
وتقوم وحدات الهندسة، وفق بيان الجيش السوري، “بتمشيط أحياء المدينة وإزالة العبوات الناسفة والمفخخات التي خلفها التنظيم الإرهابي في المباني والساحات”.
وسيطر تنظيم داعش منذ صيف العام 2014 على أجزاء واسعة من محافظة دير الزور الحدودية مع العراق وعلى الاحياء الشرقية من المدينة، مركز المحافظة.
وفي أيلول(سبتمبر) الماضي، وعلى وقع عملية عسكرية بدعم جوي روسي تمكن الجيش السوري من فك حصار محكم فرضه التنظيم قبل نحو ثلاث سنوات على الأحياء الغربية لمدينة دير الزور والمطار العسكري المجاور لها.
وشهدت المدينة منذ ذلك الحين معارك عنيفة.
وشاهد صحافي متعاون مع وكالة الصحافة الفرنسية في الأحياء التي طرد منها التنظيم المتطرف مباني دمرت بالكامل، وأخرى واجهاتها انهارت تماماً. وما زالت السواتر الترابية التي وضعها تنظيم داعش منتشرة في الشوارع التي تعمل فرق للجيش على إزالة الألغام منها.
ويشكل “تحرير” مدينة دير الزور، وفق بيان الجيش السوري، “المرحلة الأخيرة في القضاء النهائي على تنظيم داعش الإرهابي في سورية، خاصة أنها كانت تمثل المقر الرئيسي لمتزعمي التنظيم”.
وأضاف البيان أنه “بفقدان سيطرته عليها يفقد قدرته بشكل تام على قيادة العمليات الإرهابية لمجموعاته التي أصبحت معزولة ومطوقة في الريف الشرقي للمدينة”ـ مؤكداً على تصميمه مواصلة الحرب ضد “ما تبقى من فلول تنظيم داعش الإرهابي وغيره من التنظيمات الإرهابية”.
تشكل محافظة دير الزور في الوقت الراهن مسرحاً لعمليتين عسكريتين، الاولى يقودها الجيش السوري بدعم روسي عند الضفاف الغربية لنهر الفرات حيث تقع مدينتي دير الزور والبوكمال، والثانية تشنها قوات سورية الديموقراطية بدعم من التحالف الدولي ضد الجهاديين عند الضفاف الشرقية للنهر الذي يقسم المحافظة.
وبرغم طرده من مناطق واسعة منها، لا يزال تنظيم داعش يسيطر على 37 في المئة من محافظة دير الزور تتركز في الجزء الشرقي منها.
وتعد مدينة البوكمال الحدودية مع العراق، آخر أهم معاقله فيها. كما لا يزال يسيطر على جيوب محدودة في محافظة حمص (وسط) وقرب دمشق وفي جنوب البلاد.
ويضع الجيش السوري، ومن معه ، نصب أعينهم اليوم مدينة البوكمال التي تقع على الجهة المقابلة من مدينة القائم في العراق.
ويتقدم الجيش السوري بغطاء جوي روسي نحو البوكمال من الجهة الجنوبية الغربية، لكنه لا يزال يبعد عنها مسافة 40 كيلومتراً على الأقل.
ومن المتوقع أن تلتقي القوات السورية والعراقية عند نقطة على جانبي الحدود، بين القائم والبوكمال.
ودخلت القوات العراقية صباح أمس مركز مدينة القائم في غرب العراق بعد تمهيد من سلاح المدفعية وطيران الجيش والتحالف الدولي بقيادة واشنطن.
وتقدمت القوات العراقية داخل مركز المدينة لتسيطر على أحياء عدة داخلها بينها الغره والنهضة.
وأفاد الإعلام الحربي التابع لقوات الحشد الشعبي عن “هروب عناصر داعش باتجاه البوكمال السورية، ضمنهم مقاتلون أجانب رافقوا عائلاتهم”.
وبعد ساعات، تمكنت القوات العراقية من السيطرة على منفذ القائم الحدودي الرئيسي الذي يصل العراق بسورية، ويتصل بمدينة البوكمال من الجانب الآخر للحدود.
وقال قائد عمليات تحرير غرب الأنبار الفريق الركن عبد الامير رشيد يارالله في بيان إن “قطعات قيادة عمليات الجزيرة تفرض السيطرة الكاملة على منفذ حصيبة الحدودي في القائم”.
وبدأت القوات العراقية الأسبوع الماضي هجوماً ضد تنظيم داعش لطرده من القائم، في عملية وصفها التحالف الدولي بأنها “آخر معركة كبيرة” ضد التنظيم.
وتوقع المتحدث باسم قوات مكافحة الإرهاب صباح النعمان أن تكون المعركة “سريعة والسيطرة ستكون أسهل برغم أنها منطقة صحراوية”.
إلى جانب القائم، ما زال تنظيم داعش متواجدا في بلدة راوة المحاذية ومناطق أخرى مجاورة لها على الحدود مع سورية.
على جبهة أخرى في سورية، قتل تسعة أشخاص امس أمس في تفجير انتحاري بسيارة مفخخة في بلدة حضر في هضبة الجولان السورية في وسط البلاد، وفق ما أفادت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا)، التي اتهمت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام حالياً) بتنفيذ التفجير الذي أعقبته اشتباكات مع الجيش السوري.
وفي وقت لاحق، أفادت “سانا” أن سوريين حاولوا العبور من الجزء المحتل من هضبة الجولان لمساندة أهل بلدة حضر، لكن لم يسمح لهم. –
