نظمت المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي جلسة عصف ذهني حول (واقع الشمول بالضمان للعاملين في قطاع المخابز والحلويات) للخروج بمقترحات وتوصيات من شأَنها الوصول إلى توافقات وتفاهمات مع كافة الأطراف ذات العلاقة لتسهيل حصول كافة العاملين في هذا القطاع الاقتصادي الحيوي على حقهم بالاشتراك بالضمان الاجتماعي وبالتالي توفير مظلة حماية اجتماعية لهم ولأفراد أسَرهم.
وشارك في الجلسة كافة الشركاء والأطراف المعنية بهذا القطاع ممثلة في غرفة تجارة الأردن، وغرفة تجارة عمان، وغرفة صناعة الأردن، وغرفة صناعة عمان، ونقابة أصحاب المطاعم والحلويات الأردنية، ونقابة أصحاب المخابز الأردنية، والنقابة العامة للعاملين في الصناعات الغذائية، والنقابة العامة لتجار المواد الغذائية، والنقابة العامة للعاملين في الخدمات العامة، والمؤسسة العامة للغذاء والدواء، وأمانة عمان الكبرى، والمركز الوطني لحقوق الإنسان، والمنظمة العربية لحقوق الإنسان ومناهضة التعذيب، ووزارة العمل، ووزارة الصناعة والتجارة، ووزارة الصحة، ومنظمة العمل الدولية، ومركز الفينيق للدراسات، وأمانة عمان الكبرى، ومكتب المنسق الحكومي لحقوق الإنسان، وعدد من الجهات ذات العلاقة.
وقال مدير عام المؤسسة الدكتور عز الدين كناكرية خلال افتتاحه الجلسة النقاشية والتي ادارها مدير المركز الإعلامي موسى الصبيحي إننا في مؤسسة الضمان لا نزال ننظر باهتمام بالغ إلى مدّ مظلة الحماية الاجتماعية لتشمل كافة العاملين على أرض المملكة، خصوصاً العاملين في قطاع المخابز والحلويات، حيث تشير الأرقام والبيانات إلى أن (33%) من العاملين في قطاع المخابز فقط مشمولون بالضمان الاجتماعي، أي أن هناك (67%) من العاملين لم يتم اشراكهم بمظلة الضمان، علما ً أن عدد المخابز العاملة والمسجلة بالضمان بلغت (1179) من أصل ما يقرب من (2500) مخبز بنسبة (47%) من عدد المخابز العاملة في المملكة، ويتراوح عدد العاملين في هذه المخابز بين (12–15) ألف عامل، لا يزيد عدد المشمولين منهم بالضمان على (4256) عاملاً.
وأضاف أن (40%) فقط من العاملين في محال الحلويات مشمولون بالضمان الاجتماعي، أي أن هناك (60%) من العاملين في هذا القطاع لم يتم اشراكهم بمظلة الضمان، علما ً أن عدد محال الحلويات المسجلة بالضمان بلغت (518) من أصل (2000) محل حلويات أي بنسبة (26%) من عدد محال الحلويات العاملة في المملكة، ويتراوح عدد العاملين فيها ما بين (10–12) ألف عامل، بلغ عدد المشمولين منهم بالضمان (4335) عاملاً فقط.
وبيّن كناكرية أن جوهر رسالة الضمان هو الحماية من خلال تأمين دخل معين للفرد يحل محل الكسب عندما ينقطع بسبب المرض أو الإصابة أو الشيخوخة أو الوفاة أو البطالة، وهذا مرتبط بصيانة النظام الاقتصادي باعتبار أن تأمين مقدار محدد من الدخل لكل إنسان يعني الحيلولة دون انخفاض قدرته الشرائية عن مستوى معين، مضيفاً أنه لا تزال نسبة المشمولين بالضمان بشكل عام أقل من الطموح حيث وصلت إلى (73%) من إجمالي المشتغلين في المملكة، و(62%) من قوة العمل (مشتغلون ومتعطلون)، مبيناً أن دعم الشمول بالضمان وتوسيع المظلة هو تحفيز على رفع نسبة المشاركة في سوق العمل، وبالتالي تحفيز المشاركة الاقتصادية للمواطن.
من جانبه أكد مدير المركز الإعلامي الناطق باسم المؤسسة موسى الصبيحي أن المؤسسة تواجه مشكلة عدم مبادرة نسبة كبيرة من أصحاب هذه المخابز ومحال الحلويات إلى شمول جميع العاملين لديهم بالضمان، مما يشكّل مخالفة للقانون وعدم امتثال لأحكامه، حيث أن هناك أشكالاً عديدة للتهرب من شمول العاملين لديها تتمثل في عدم شمول أي عامل، أو شمول جزء من العاملين فقط وترك البقية بدون ضمان، أو عدم الإفصاح عن الأجور الحقيقية للعاملين، وشمولهم على غير أجورهم الحقيقية (أقل مما يتقاضونه فعلاً)، أو عدم شمول العامل عن كامل مدة عمله لدى المخبز أو محل الحلويات، أو تحميل العامل كامل كلفة الاشتراك بالضمان، مشيراً إلى أن التهرب من الشمول بالضمان الاجتماعي (ظاهرة التهرب التأميني) يؤدي إلى الإخلال بمبدأ العدالة في حقوق العاملين، وإلى إضعاف دور الضمان في حماية الطبقة العاملة، كما يؤدي إلى زيادة الضغوط على القطاع العام وزيادة أعباء الخزينة العامة للدولة نتيجة اتساع رقعة الفقر في المجتمع نظراً لغياب الدخل التقاعدي عن فئات وشرائح في الدولة عندما تخرج من سوق العمل.
ودعا الصبيحي كافة العاملين في قطاع المخابز ومحال الحلويات إلى السؤال عن حقهم بالضمان، والمطالبة بهذا الحق في حال لم يكونوا مشمولين به، من أجل مستقبلهم ومستقبل أبنائهم وذويهم، داعياً في الوقت نفسه كافة أصحاب العمل في هذا القطاع إلى ضرورة الامتثال لقانون الضمان كتشريع وطني يحقق مستوى ملائماً من الحماية والمبادرة من تلقاء أنفسهم إلى تسجيل كل العاملين لديهم بالضمان وتزويد المؤسسة ببياناتهم متضمنة تواريخ التحاقهم بالعمل وأجورهم الحقيقية التي يتقاضونها.
من جانبه بين عبد الاله الحموي رئيس نقابة أصحاب المخابز أهمية عقد مثل هذه اللقاءات، واهتمام مؤسسة الضمان الاجتماعي بالقضايا الخاصة بقطاع المخابز والعاملين فيه ووضح أن كل مخبز يعمل بالمملكة مسجل لدى النقابة سواء كان يعمل بالطحين المدعوم أو الحرَ وبين أن عدد المخابز المسجلة لدى النقابة (1850) مخبزاً ممن يتلقى الدعم الحكومي و(185) مخبزاً ممن يعمل ضمن الطحين الحرّ منوهاً أنه يمنع اصدار أي تصريح للعاملين ما لم تقم المنشأة بتقديم كشف بأسماء العاملين لديها يثبت شمولهم بالضمان الاجتماعي، وتساءل حول امكانية اشراك العامل الوافد بالضمان الاجتماعي اختيارياً باعتبار أن (7000) عامل وافد يعملون في قطاع المخابز.
وأوضح محمد عودة مساعد مدير عام الضمان لشؤون الفروع أن المؤسسة تتلقى العديد من المذكرات من الفروع بطلب بعض المنشآت بشمولها بالضمان بأثر رجعي وإعفائها من إضافة الغرامات والفوائد عليها ولذلك ندعو جميع المنشآت غير الخاضعة بالضمان إلى الاشتراك لتقديم الحماية للعاملين لديها ولتعزيز الإنتاجية وتعزيز الاستقرار في سوق العمل حتى لا تتراكم عليهم غرامات وفوائد هم في غنى عنها مستقبلاً.
وأضاف عودة أنه قد يعلم العامل بعدم شموله من قبل صاحب المخبز بالضمان ويعلم أن هذا حق له ولا يطالب به حتى حين، ومن ثم يتقدم للمؤسسة بشكوى بذلك إذا تبين عمله لفترات سابقة حينها تُلزم المنشأة على دفع غرامات لمخالفتها القانون، لذلك من الأفضل الالتزام بقانون الضمان الاجتماعي، وبالنسبة للكلفة التشغيلية للمنشآت إذا تم تزويد الضمان بالأجور الحقيقية فأن الضمان يمنح المنشأة المبالغ الحقيقية التي تقوم بتسديدها وتقوم المنشأة من جهتها بتقديمها للجهات المعنية حتى تنعكس على الكلف التشغيلية.
من ناحيته كشف نمر نصر ولد علي أمين سر نقابة أصحاب المطاعم والحلويات أن هناك تهرباً كبيراً من أصحاب المخابز والحلويات، بل وهناك نسبة كبيرة من العمال الذين لا يرغبون باشتراكهم بالضمان وخصوصاً العمالة الوافدة، موضحاً من ناحية أخرى أن التشريعات والقوانين للصناعة والتجارة تتعارض مع الكلف التشغيلية لصاحب المنشأة، لذلك يلجأ أصحاب العمل إلى التهرب إما ضريبياً أو بالتهرب من الشمول بالضمان، لذلك فإن أي صنف من أصناف المواد المتاحة بالمخابز ومحال الحلويات يُحدّد بسعر سواءً أكان خاضعاً للضريبة أو معفىً منها مبيناً أن عدد محال الحلويات بلغ (2400) محل.
وأضاف ولد علي إن إضافة كلف دفع اشتراكات الضمان على الكلف التشغيلية يجب أن تضاف على المنتج لكي تضمن عائداً أعلى لأصحاب المخابز حتى لا يتهربوا من الشمول برفع الأسعار المحددة من الصناعة والتجارة من السلع المعفية ضريبياً.
وأشارت مي القطاونة مدير إدارة مكتب دعم اللجان التأمينية في الضمان إلى أن الموضوع ليس موضوع جباية ولا تهرب لأن الضمان الاجتماعي أكبر من مفهوم راتب تقاعدي يعطى نهاية الخدمة، وذلك أن الضمان هو ضمانٌ لإصابة العمل ورواتب الوفاة والاعتلال وإجازة الامومة والوفاة الطبيعية أو الإصابية، وهو بهذا المفهوم معزّز لحماية الإنسان العامل سواء أثناء فترات عمله أو بعد انتهاء عمله والحرص على حمايته واجب ومسؤولية الجميع، وهو ما يترجم حرصنا كمؤسسة عن ذلك.
وأشار محمد وريكات مندوب وزارة العمل إلى المادة (23) من قانون العمل مبيناً أنه يجب على أي عامل يحصل على تصريح عمل أن يحضر كشف الضمان الاجتماعي، موضحاً أن وزارة العمل تقف إلى جانب العمال في تلبية مطالبهم وأداء حقوقهم.
وبين خالد القضاة مدير فرع ضمان المفرق أن هناك العديد من المخابز غير مسجلة وقد يعمل بها العديد من العاملين والذي ليسوا مسجلين في وزارة العمل (غير حاصلين على تصريح عمل) وغير مسجلين في الضمان الاجتماعي لذلك لا يمكن ضبطهم إلا من خلال حملات التفتيش.
وأكد نشأت البدوي مدير التفتيش بالضمان على أهمية تزويد الضمان بأسماء المخابز ومحال الحلويات والعاملين لديها والعمل على تدقيقها وزيارتها للتأكد من عدم جود أي تهرب بأي شكل من أشكاله. مبيناً أن اصابة العمل أو الوفاة التي تقع للعامل في أي منشاة يتم الرجوع بها إلى حال شمول المنشاة بالضمان وفي حال لم تكن مشمولة بالضمان الاجتماعي يترتب عليها مخالفات وغرامات.
أوضح علي السنجلاوي مدير التوعية التأمينية أن لهذه الجلسات أثراً كبيراً في تعريف صاحب العمل والعامل بواجباته وحقوقه وقد لمست المؤسسة الكثير من النتائج الايجابية لها، ولكن بالمقابل المسؤولية تقع على العامل نفسه أن يسأل عن حقة بالضمان وعن شموله وبأجره الحقيقي لأن كل المنافع التأمينية يتم تسويتها وفقاً لأجر الشمول للمؤمن عليه.
وذكر خالد برغل مندوب مخابز برادايس أن سبب التهرب يعود إلى ارتفاع كلف الإنتاج على المخابز ومحال الحلويات بالإضافة إلى أن هناك عمالاً يعملون بنظام الإنتاج الإفرادي أو المياومة وتواجهنا مشاكل في عدم اشراكهم بالضمان وتساءل ما إذا كان هناك اعتبار لدى مؤسسة الضمان الاجتماعي للمهن الخطرة للعاملين في المخابز المسجلين بالضمان.
وأشار محمد الحلو مندوب المركز الوطني لحقوق الإنسان إلى أنه كلما ابتعدنا عن مراكز المحافظات كلما زادت نسبة التهرب التأميني في قطاع المخابز والحلويات مبيناَ عدم وجود وعي كافٍ لدى العاملين بأهمية الاشتراك بالضمان الاجتماعي وتدني الأجور مما يؤدي إلى عدم رغبة العاملين بالاشتراك بالضمان داعياً إلى ضرورة التقيد بالحد الأدنى للأجور والبدء بحملة إعلامية غير تقليدية تستوعب جميع القطاعات لتعريفهم بأهمية الاشتراك بالضمان الاجتماعي.
واقترحت آيات العبادي مندوبة مجموعة عنبتاوي للحلويات إلى أهمية إعطاء الحق لجميع العاملين في قطاع المخابز والحلويات وقدمت اقتراحاً حول السماح بإضافة مادة دراسية في المدارس والجامعات والمعاهد ومراكز التدريب المهني حول أهمية اشتراك العمال في الضمان الاجتماعي.
وخلصت جلست العصف الذهني إلى مجموعة من التوصيات على النحو الآتي؛ الإجماع على ضرورة الامتثال للقانـون بشمول كافة العاملين في قطاع المخابز ومحال الحلويات بالضمان الاجتماعي وبأجورهم الحقيقة، وتعاون جميع الأطراف لضمان حقوق العاملين في هذا القطاع، وتزويد مؤسسة الضمان الاجتماعي بقواعد بيانات خاصة بعدد المخابز ومحال الحلويات والعاملين فيها وعناوينها من قبل النقابات المعنية بقطاع المخابز والحلويات، والتعاون بين النقابات المعنية في قطاع المخابز والحلويات مع المؤسسة في موضوع التوعية وتثقيف منتسبيها والعاملين لديهم بالحقوق والالتزامات المترتبة عليهم بموجب قانون الضمان، والعمل على مخاطبة وزارة التربية والتعليم لإشراكها في عملية التوعية التأمينية من خلال تضمين المناهج الدراسية مادة تعريفية بأهمية الضمان الاجتماعي للعاملين، وتكثيف الورشات التوعوية وتوزيع المنشورات المتعلقة بقطاع المخابز والحلويات، الأخذ بعين الاعتبار الجهات المعنية التكاليف المترتبة على صاحب العمل من اشراك العاملين لديه وبأجورهم الحقيقية عند احتساب الكلف التشغيلية للمخابز والمطاعم ومحال الحلويات، وتكثيف زيارات الضمان للمخابز ومحال الحلويات للتحقق من امتثالها لأحكام قانون الضمان وشمولها لكافة العاملين فيها بمظلة الضمان.