جمعية التنمية للإنسان والبيئة الاردنية تنظم مسيرا في ادغال غابات برقش –عين زوبيا
كتب : د. احمد الشريدة –
نظمت جمعية التنمية للإنسان والبيئة الاردنية مسيرا في ادغال غابة برقش في لواء الكورة يوم الجمعة ، فقد تجمع المشاركين وعددهم( 45) من اعضاء الجمعية وأصدقائهم وعدد من المهتمين بقضايا البيئة والتراث وأصدقائهم ومن مختلف الاعمار ومن مختلف مناطق المملكة عند خربة (قابلا ) في اجواء من الحماسه وبمؤازرة فريق للإمداد اللوجستي وفريق متخصص من مركز دفاع مدني برقش ، وتم تذكيرهم بعدد من اخطار التعرض لرحلات البراري لاتخاذ إجراءات السلامة العامة وتعليمات السير بأمان في الادغال والانتباه من حركة الزواحف والحشرات ، بدا المسير في الساعة الثانية ظهرا في طقس خريفي معتدل وبمرافقة اعضاء الجمعية الذين توزعوا بين المشاركين والذين قاموا في وقت سابق بمسح المسار وتحديده عبر غابة طبيعة شبه بكر يندر فيها وجود الانسان.
واندفع المشاركين نحو بداية المسار بهمة عالية ونشاط واضح ، وبعد التوغل في الادغال بدأت ملاحم الحياة الفطرية واضحة للعيان من حيث انعدام النشاط البشري ،وخلوها من اية ملوثات كيمائية او صناعية ، وبداء المسار يضيق شيئا فشيا وبدا المشاركين يسيرون صفا واحدا وراء بعضهم البعض ، حيث تكاد اغضان الاشجار تلامس رؤوسهم وأجسامهم ، يقفون مندهشين من جمال الطبيعة البكر والحياة الفطرية التي لم يصلها الانسان بعد ، حيث الهواء العليل والهدوء والسكينة ماعدا اصوات الطيور والعصافير .
وقدم د. احمد الشريدة خبير الحياة البرية والتنوع الحيوي على طول مسار الدرب شرحا وافيا عن الحياة النباتية والحيوانية ، وعّدَدَ انواع الاشجار والشجيرات وأنواع الحيوانات البرية والثدييات ونبذه عن الحياة البرية في الموقع ، اضافة الى أنواع النباتات الطبية والعطرية والمزهرة التي صادف وجودها بطريق المسار وأهميتها في التنوع الحيوي كما استمعوا الى ايجاز وافي قدمه السيد احمد الشريدة رئيس الجمعية حول الغابة فأشار الى تقع غابات برقش الطبيعية في الجزء الجنوبي الشرقي من لواء الكورة وعلى مساحة تقدر ب (12) ألف دونما، وتعتبر من أجمل المناطق الطبيعية الريفية الهادئة في الأردن ، وهي ذات بيئة خلابة ساحره في تنوع غطائها الغابي والنباتي، حيث يسود نمط غابات كثيفة من السنديانات والأشجار العريضة الأوراق والدائمة الخضرة التي تغطي جبالها وأوديتها ويتخللها أنواع شجرية وعشبية أخرى, حيث يوجد فيها ( 47 ) نوعا من الأشجار الحرجية الطبيعية والتي من أهمها البلوط (الملول )( الشجرة الوطنية للأردن) ,
والقطلب( القيقب) Maple))- – , والبطم الفلسطيني , الزعرور, العبهر, الخروب, الشربين, البلان, الدوم, الزان, الميس , السرو , الدوم, السدر ( النبق ), والصلمون والسماق والشوح والزعرور, , والصنوبر وهي تشكل آخر امتداد لغابات الصنوبر في شمال الكرة الأرضية . وتمتاز بطابع جمالي نادر لم تطله يد الإنسان ويلبي الكثير من رغبات محبي الطبيعة , حيث المواصفات الطبيعية والمناخية المتنوعة والمتعددة من غطاء غابي ونباتي كثيف حيث الهدوء والسكون والطقس الجميل والهواء النقي البارد النظيف والطرق الريفية الطبيعية, ومشاهد طبيعية رائعة عبر الجبال والأودية والتلال حيث تعتبر مكانا مناسبا لمحبي المشي في الطبيعة والتخييم إضافة إلى مشاهد ومناظر طبيعية بكر لهواة التصوير الفوتوغرافي , فالمناظر الطبيعية الخلابة التي تقدمها هذه الغابة بجمالها وممراتها الجبلية تكفي لتفتن الزائر وتحثه على التفكير في العودة إليها
وقدم د. احمد الشريدة وعلى طول طريق المسار تعريف شامل بأنواع الصخور والتراكيب الجيولوجية والعصور الجيولوجية للمسار وعبر عن اسفه لما وصل اليه حال الهيدرولوجي ل ( عين زوبيا ) من تخريب ودمار ، داعيا الى اعادة صيانة وترميم العين وذلك لخدمة المزارعين والحيوانات البرية والطيور في المنطقة .
وقدم السيد احمد الشريدة- رئيس الجمعية – الباحث في الاثار والانثروبولوجيا وعلى طول مسار الدرب تعريف شامل بالمواقع الاثرية من كهوف ومغاور وبعض الابنية العمائرية والعديد من الاثار الزراعية مثل خزانات جمع مياه الامطار والآبار والسدود الصغيرة والمصاطب الحجرية الكنتورية والتي تعود في عهدها الى العصر الروماني – البيزنطي ، داعيا الى حماية هذه الاثار من لصوص الحضارة .
كما سرد السيد خالد السباعي – امين النشاطات في الجمعية – عدداً من الطرائف والقصص المشوقه والنوادر التراثية الشفوية عن حكايات الاباء والأجداد ومعاناتهم وعذاباتهم في قصة الحياة اليومية في مجالات الزراعة والفلاحة والصيد على مدار فصول السنة في اواسط القرن الماضي وحكايا ( الضبع والوحش والغوله والشيبه ) في هذه الغابة، ، وحركة التجارة والعائلات بين قرى ارحابا وزوبيا وقرى الكورة ،
كما وصف الاعلامي محمد ابو طبنجة هذه المسار بأنه الاجمل في منطقة شرق المتوسط وعبر عن سروره بالمشاركة الذي وفر له التعرف عن كثب عن الحياة البرية والاستفادة من خبرات المشاركين
وقد قسم المسار والبالغ طوله (12) كليو مترا الى مرحلتين ، الاولى :- ولمسافة (8 ) كليو مترا من خربة ، حيث تم قطع المسار في زمن وقدرة (اربع ساعات ونصف ) تخللها استراحة لمدة ربع ساعة تناول خلالها المشاركين الشاي بالنعناع البري. وقد عبر جميع المشاركين عن سعادتهم بإكمال المسار بكل سهولة سيما وان عددا منهم لم يقم بأي نشاط بدني منذ زمن طويل، وعورة طريق الدرب والمسلك التصاعدي في نهاية المسير لم يشكل عائقا امام البيئيين الذين ابدوا دهشتهم حيال جمال الطبيعة البكر الغنية بالحياة النباتية والمواقع الاثرية واصفين الرحلة بأنها كانت مداره بأعلى درجات من المسؤولية والاحتراف من قبل خبراء الجمعية الذين حرصوا على تقديم اي عون او مساعدة للمشاركين .
واختتم المسار في محطة حراج برقش في المنطقة حيث وفرت الجمعية جلسة ميدانية في الهواء الطلق تخللاها شرب القهوة العربية ، وتم تقديم طعام العشاء من التراث القروي الكوراني والمكون من المطابقة على نار الحطب وتقديم مشروب ( اللبن المخيض البلدي ) في جو من المتعة والبهجة والفائدة ، وعقد حلقات الدبكة الشعبية وتم توريع شهادات تقديرية لكافة المشاركين وفريق الدعم اللوجستي وعبر المشاركين عن رحلة بيئية رياضية ستبقى خالدة في الذاكرة ، متأملين تكرارها في الاعوام القادمة . ثم جرى توديع المشاركين على امل اللقاء في جولة اخرى .
وبذلك تكون جمعية التنمية للإنسان والبيئة الاردنية اول جمعية اردنية تستطيع اجتياز هذا المسار بكل جدارة واستحقاق من خلال كوادرها المحليين والمشاركين الاردنيين دون تسجيل اي خطاء تقني او جغرافي او اصابة لأيا من المشاركين.