حالة البلاد.. والفرق بين عجلون وعبدون
بقلم : محمد عبدالكريم الزيود
يزورنا المطر اليوم ونحن نودع هذا العام، كان عاماً صعباً وموجعاً على الأردنيين، يهطل المطر على البلاد، يهطل على صدى صوت الشباب الغاضب في الدوّار الرابع، فقط في بلادنا المطر بلا ثمن، لكنه موجع أيضاً، جاء مبكراً هذه السنة وجرف بسيله الغاضب أرواح الأردنيين، لا نخاف ولا نفرّ من قدر الله ومن كرمه أيضا لكن نحزن ونغضب أن لا يدان مسؤول بسبب تقصيره أو فساده، فالمسؤولية فقط في بلادنا منصب وامتيازات وإن أخطأت فغادر بهدوء وبتقاعد مدى الحياة.
هل تحتاج حالة البلاد إلى ٧٠٠ خبير لنعرف ممن نشكو، هل يحتاج الموجوع إلى دراسة علمية لنعرف وجعه، هل تحتاج شوارعنا إلى خريجي هارفرد وكارنجي وورشات في الفنادق لنعرف مدى الإهمال والتقصير، هل يحتاج نظام النقل العام المهترئ إلى إستبانات وتحليل إحصائي لنعرف حجم الفساد والبطء وبهدلة الناس.
جميل أن يفاجئنا المجلس الإقتصادي بتقرير “حالة البلاد”، ولكن هل نحتاج لتشخيص المشخص، هل الذين صنعوا تعب البلاد من النخب التي تداورت على الكراسي وباعونا مشاريع الوهم ، وإستثمار الفشل ، أن يقدّموا لنا وصفات العلاج والدواء وهم الداء.
حالة البلاد تختصرها قصة عائلة أردنية تستنجد بالدفاع المدني ولم تذق الطعام منذ أيام، هذه العائلة والكثير منها لا تحتاج إلى وهم ” المشاريع الكبرى ” ولا تريد أن تفهم ” مشروع النهضة ” ولا تعرف ” مقدمة ابن خلدون ورسائل منيف الرزاز” ، و”حقها تعرف” أين ذهبت مليارات المديونية وخطط الوزارات والهيئات المستقلة ومنظمات “الان جي اوز” والتي لم تسد رمق عائلة تنام جائعة.
حالة البلاد نقولها نحن أبناء هذا التراب، الرعيان والعسكر والفلاحين والفرسان، الذين لا نستشار ولا يليق بهم سؤالنا، نقولها أنها متعبة بلا دراسات أو تحليلات، نقولها ونحن نحب بلادنا ونبكي عليها مخافة أن تضيع، نقولها والمطر ينزل ويغسل بيوت الفقراء وقبور الشهداء ودموع الأمهات الغارمات في السجون.
مرة أخرى نقولها كما قال صديقي ذات مرة :” نحن حزب وصفي وناهض وحابس وفراس العجلوني وموفق السلطي ومنصور كريشان ومعاذ الكساسبة وراشد الزيود وعرار وتيسير السبول وحبيب الزيودي، نحن من حزب مثقال الفايز وحامد الشراري، نحن من حزب ماجد العدوان وراشد الخزاعي وعودة أبو تايه وصايل الشهوان وإبن قلاّب، نعرف ثعلب الدروع وحنيش الجيش، ونعدّ شهداءنا من الروح إلى الروح ، من الكرامة إلى اللطرون، نعرف خّو جيداً ونطرب على دبيك العسكر فيها وعليها وعلى العدا، نفهم الفرق جيداً بين “عجلون” و”عبدون” و”السياسة ” والتسييس، نميّز بين التنمية وبيع الوهم ، نحن أبناء الحراثين، ونعرف الأردن من مطلع الأنباط إلى اليوم .. سنأتي ذات يوم كاليقين في قلب لا يملؤه الشك.. لنضيء بلادنا.